دائرة التفرق و الهزيمة النفسية

منذ 2019-02-09

وللأسف الشديد يستغل أعداء الله وأعداء الأمة هذا التفرق والضعف في بث روح الهزيمة النفسية والاعتقاد بالدونية عبر إعلامهم المأجور

 

من أكبر عوامل ضعف الأمة اليوم  هذا التفرق العجيب وإعجاب كل ذي رأي برأيه وقلة الإنصاف وكثرة الجدل .

ولو تكاتفت الأمة وتعاون أبناؤها وتركوا الجدل وأحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه وتكاتفت الأيدي للأخذ بأسباب النهوض مع هضم حقوق النفس ونبذ الاستعلاء على الآخرين لخرجنا من كبوتنا .

وللأسف الشديد يستغل أعداء الله وأعداء الأمة هذا التفرق والضعف في بث روح الهزيمة النفسية والاعتقاد بالدونية عبر إعلامهم المأجور , والذي يزيف الحقائق ويخفي تماماً أن الحضارة الغربية كانت تمد يدها للمسلمين منذ أقل من قرن من الزمان , وهو قدر يسير في تاريخ الأمم , وأن ما نزل بالأمة من هزيمة كان أهم أسبابه هذا العداء والغل والغزو المتواصل والنهب من خيرات الأمة الإسلامية وزرع الجواسيس والعملاء ودعم المنافقين والداعين إلى الهدم والفرقة من أبناء الأمة.

أين الأمة اليوم من قوله تعالى :

{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 

قال السعدي في تفسيره:

يقول تعالى مشجعا لعباده المؤمنين، ومقويا لعزائمهم ومنهضا لهممهم: { {ولا تهنوا ولا تحزنوا } } أي: ولا تهنوا وتضعفوا في أبدانكم، ولا تحزنوا في قلوبكم، عندما أصابتكم المصيبة، وابتليتم بهذه البلوى، فإن الحزن في القلوب، والوهن على الأبدان، زيادة مصيبة عليكم، وعون لعدوكم عليكم، بل شجعوا قلوبكم وصبروها، وادفعوا عنها الحزن وتصلبوا على قتال عدوكم، وذكر تعالى أنه لا ينبغي ولا يليق بهم الوهن والحزن، وهم الأعلون في الإيمان، ورجاء نصر الله وثوابه، فالمؤمن المتيقن ما وعده الله من الثواب الدنيوي والأخروي لا ينبغي منه ذلك، ولهذا قال [تعالى]: { {وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} }

أين نحن اليوم من رجال صنعوا التاريخ وحملوا الأمانة وأوصلوها إلينا بدمائهم وأعمارهم

تأمل معي كيف كان لسان حالهم "إيثار... حتى بالحياة"

وقد وصل الحال بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آثروا إخوانهم بحياتهم.. وهذا غاية الجود، ومنتهى البذل والعطاء.

- ففي غزوة اليرموك قال عكرمة بن أبي جهل: قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن وأفرُّ منكم اليوم؟! ثمَّ نادى: مَن يبايع على الموت؟ فبايعه عمُّه الحارث بن هشام، وضرار بن الأزور في أربعمائة مِن وجوه المسلمين وفرسانهم، فقاتلوا قدَّام فسطاط خالد حتى أُثْبِتُوا جميعًا جراحًا، وقُتِل منهم خلقٌ، منهم ضرار بن الأزور -رضي الله عنهم-... فلمَّا صرعوا مِن الجراح استسقوا ماء، فجيء إليهم بشربة ماء، فلمَّا قربت إلى أحدهم نظر إليه الآخر، فقال: ادفعها إليه. فلما دُفِعَت إليه نظر إليه الآخر، فقال: ادفعها إليه. فتدافعوها كلُّهم -مِن واحد إلى واحد- حتى ماتوا جميعًا ولم يشربها أحد منهم -رضي الله عنهم- أجمعين , [ابن كثير- البداية والنهاية]

 أخذ عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه أربعمائة دينار، فجعلها في صرَّة، ثمَّ قال للغلام: اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجرَّاح، ثمَّ تلكَّأ ساعة في البيت حتى تنظر ماذا يصنع بها. فذهب بها الغلام إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك. فقال: وصله الله ورحمه. ثمَّ قال: تعالي يا جارية، اذهبي بهذه السَّبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان. حتى أنفدها، فرجع الغلام إلى عمر، فأخبره فوجده قد أعدَّ مثلها لمعاذ بن جبل. وقال: اذهب بهذا إلى معاذ بن جبل، وتلكَّأ في البيت ساعة حتى تنظر ماذا يصنع. فذهب بها إليه، فقال: يقول لك أمير المؤمنين: اجعل هذه في بعض حاجتك. فقال: رحمه الله ووصله. وقال: يا جارية، اذهبي إلى بيت فلان بكذا وبيت فلان بكذا. فاطَّلعت امرأة معاذ فقالت: ونحن والله مساكين فأعطنا. ولم يبق في الخرقة إلَّا ديناران فنحا بهما إليها. فرجع الغلام إلى عمر فأخبره، فسُرَّ بذلك عمر، وقال: إنَّهم إخوة بعضهم مِن بعض) صححه الألباني موقوفاً على عمر رضي الله عنه.

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.