القلوب الأربعة ...!
• ( القلوب أربعة : قلب أجرد، فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن، وقلب أغلف، فذلك قلب الكافر، وقلب منكوس، فذلك قلب المنافق، عرف ثم أنكر، وأبصر ثم عمي، وقلب تمده مادتان : مادة إيمان، ومادة نفاق، وهو لما غلب عليه منهما ) (إغاثة اللهفان ١/١٢)
• القلب سر عجيب من أسرار الخلق الإلهي في الإنسان، وقد جعله الله معدنا للخير أو للشر، حسب المواد والتغذية المودعة فيه ، فبصلاحه واستنارته يحيا المرء، وبفساده وظلمته، يموت المرء، وينتهي به المطاف إلى حياة بالية مريرة ،..! ومن هنا كانت العبادات والأذكار الروحية خير غذاء تغيثه وتحفظه...!( {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} ) [سورة الرعد] .
ومن عجائبه أنه يتأثر بما حوله وما يحويه من المعارف والعادات والكلمات والقربات، وقد يحمل صفات سيده ، فيقوده بحسب حلوها وحبورها، أو سوئها وقبحها، والله المستعان .
• ومن فهومات السلف للقلب، ذلك التقسيم العجيب من الصحابي الجليل حذيفة رضي الله عنه، حيث قال كما نقله العلامة ابن القيم رحمه الله :
• ( القلوب أربعة : قلب أجرد، فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن، وقلب أغلف، فذلك قلب الكافر، وقلب منكوس، فذلك قلب المنافق، عرف ثم أنكر، وأبصر ثم عمي، وقلب تمده مادتان : مادة إيمان، ومادة نفاق، وهو لما غلب عليه منهما ) (إغاثة اللهفان ١/١٢)
• فالقلب الأجرد : الصافي من كل غل، والنقي من كل لوثة وغش، وهو قلب المؤمن، قد طاب حسنا وسلامة، وازدان خيرا وإنابة، مزهر بمعاني الإيمان، وسراجه مورق نورا وهداية، قد سطع في الخيرات، وتبادر إلى القربات..! فهو قلب طاهر منيب، وفؤاد ذاكر سليم، قال تعالى ( {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم } ) [سورة الشعراء] .
• والقلب الأغلف : أي القاسي المقفل، وهو قلب الكافر، ليس له نافذة، ولا مفتتح لدخوله، لذا فهو عديم المواعظ، رافض النصائح، كما قال تعالى ( {وقولهم قلوبنا غُلف، بل طبع الله عليها بكفرهم } ) {سورة النساء } .
• والقلب المنكوس: صنعة نفاقية، أخلاط سوء وبلاء، ظهر له الحق فعرفه، والنور فأبصره، ولكنه آثر الدنيا على الآخرة، وانغمس في شهواته، فبات الحق عليه ثقيلا، والهدى مريرا، ففضل الدنايا على المعالي، واستبدل السوء بالطيب، والجميل بالقبيح ، ولهذا إذا أصر على هذا السبيل، لم تنفعه المواعظ الحية، ولا الآيات المتلوة، لمروده عن الطريق السوي، والمنهج الزكي الرضي .
• القلب المختلط : يجمع الخير والشر، والحق والباطل ، وتغذيه الأنوار والظلمات، بحيث يعيش تناقضات وتحيرا، فهو بحسب ما غلب عنده من مواد التغذية والإغاثة ، فإن غلبت الخيرات طاب وصلح، أو سبقت السيئات فقد خاب وسقط ، ولذلك اذا صحت نيته وجب عليه المجاهدة، وإلا فإنه عرضة للانتكاسة والتغير، لأن الفتن خطافة، والذنوب جراحات، واذا تكومت أردَت وأهلكت، والله المستعان .
حمزة بن فايع الفتحي
رئيس قسم الشريعة بجامعة الملك خالد فرع تهامة، وخطيب جامع الفهد بمحايل عسير
- التصنيف: