وربطنا على قلوبهم
ويتراخى الرباط بالتوسع في المباحات وأصدقاء المرح الذين يثمرون الغفلة، ويجرون للقسوة والجفوة والله المستعان .
• قصة أهل الكهف نتلوها كل جمعة وفيها عبر مختلفة ودروس متنوعة، ومن أهمها الثبات الذي قذفه الله في قلوبهم وربطنا على قلوبهم..
• رباط وثبات حال دون رجوعهم ، وربط أسعدهم بإيمانهم وطريقهم المختار.
• وثبات جعلهم يتنازلون عن دنياهم وزينتهم {إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض} .
• وربطٌ وثبات حملهم على الدعوة وامتطاء الصبر{لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذاً شططا} .
• {وربطنا على قلوبهم} .. برغم القلة والضعف والوحشة، فذهب ما في نفوسهم من الوجل والتوجس وبذلوا بكل بأس وشجاعة .
• {وربطنا على قلوبهم} .. برغم المكر الوثني، ومحاولات التعرض لهم بكل صنوف الأذى..!
• وربطنا على قلوبهم بالثبات والصبر بحيث لا يخافوا ولا يحزنوا، ويصدعون بما ألهمهم المولى تعالى..نظير الصحابة في بدر {وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام} [سورة الأنفال] . ورباط قلبي نحو ما حصل لأم موسى عليهما السلام( {لولا أن ربطنا على قلبها} [سورة القصص] .
• ويكتمل الرباط الإيماني بسبب صدق أهله، وإيثارهم ما عند اللهِ، ولهجهم بالذكر والتوحيد . وسئل الإمام أحمد عن الصدق فقال بهذا ارتفع القوم .
• وانتهى رباط أهل الكهف بأن حماهم الله وجعلهم آية للعالمين {ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا} [سورة الكهف] .
• وينحل الرباط بالمعاصي والتعلق بغير الله، والتطلع للدنيا وشهواتها ومبالغاتها الزائغة الزائفة ( «ولكن أخشى أن تُفتح عليكم كما فُتحت على من كان قبلكم»
• ويزعزع الأعداء ثبات المؤمنين بالدنيا والمناصب والأنوال والأموال وعند الترمذي وهو صحيح:( «لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال»
• رهط من أهل الكهف الشباب ضربوا أروع الأمثال في الثبات والصبر، واختيار الباقية على العاجلة، والثواب على التباب( {ما عندكم ينفد وما عند الله باق} )سورة النحل) .
• وإذا تعجبت من ثبات الأعلام كابن حَنْبَل ومالك وابن تيمية والعز، فتذكر ما لهم من قدم صدق في الأمة، ومحاسن باهرة كانت كالرباط الراسخ لهم في تلكم المحن {ولينصرن الله من ينصره} ) سورة الحج) .
• وإنما يربط الله على قلوب أهل الإيمان الصادقين، الذين اعتقدوا فضحّوا، وابتُلوا فصبروا، وجاهدوا فما تقاعسوا .
• ويشتد الرباط بالصدق والإخلاص وحسن التبتل والضراعة الدائمة للواحد الأحد .
• والرباط عادةً، دائر ما بين العقد والحل، والشدة والرخاوة، والحزم والضعف، فتشده الطاعات، وتوهنه المعاصي والخطيئات
• ولذلك يحتاج لدوام الرعاية الإيمانية، والتعاهد العبادي، والتجدد الروحاني {قد أفلح من زَكَّاهَا} .
• وقيامهم الدعوي جزء من ثباتهم والرباط المنال لهم من الله تعالى، فالعلم العمل، والدعوة النشر، والتعلم التعليم، والتفهم البلاغ ( {والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم} ) سورة محمد) .
• ولجمال هذا الرباط جعلهم يقدمون مرضاة الله على كل شيء ويؤثرونه على كل الملاذ ، غير مبالين بزينة فاخرة، أو نفائس فاتنة «وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب» كما في حديث هرقل المشهور.
• ويتولد مع هذا الرضا وتلكم القناعة بصحة الطريق حب العمل والتضحية، وعدم الانجراف إلى مراتع الهوى كما قال السحرة التائبون {لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقضِ ما أنت قاضٍ} ) سورة طه) .
• انحلال الرباط ويبوسة شعيراته وخيوطه راجع إلى سبل التقصير والهوان، والضعف في مجاهدة الهوى .( {وجاهدوا في الله حق جهاده} ) سورة الحج) .
• ويمتلك بعض الناس مؤهلات هذا الرباط فلا يستعملها في الدعوة والنفع والبلاغ ، فيطول عليها الأمد، وتصاب بالذبول والتلوث.
• وتمتحن أربطة اهل الإيمان بالدنيا ومفاتنها، والأزمات وشدائدها، والمناصب وابتزازاتها، والشهوات وغوائلها( «حُفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات» .
• ويتراخى الرباط بالتوسع في المباحات وأصدقاء المرح الذين يثمرون الغفلة، ويجرون للقسوة والجفوة والله المستعان .
• اللهم اربط على قلوبنا وثبتنا على دينك حتى نلقاك، يا سميع الدعاء....
حمزة بن فايع الفتحي
رئيس قسم الشريعة بجامعة الملك خالد فرع تهامة، وخطيب جامع الفهد بمحايل عسير
- التصنيف: