تحدي الشهور الصعاب..!
من منتصف شعبان تطل على أبنائنا وعلينا، إجازة الشهور الأربعة، وقد حُشِيت وقتا، وغصّت ذهبا، وامتلأت دراً وياسمين
تتصاعب الإجازة المفرغة من مضمونها، والشهور الكاسدة بلا عمل، والأيام الخالية من الإشعاع الإيجابي...!
والأوقات التي تنتهي إلى نوم وَلَهْو طويلين...!
ورد في المثل العالمي ( أي جريمة أكبر من تضييع الوقت )..!
ولا يقل جرماً وفداحة من تسبب في ثقافة الضياع و(التبديد الزمني)، وظن أن وسائل الإعلام كافية بخلاعاتها في ضبط الشباب وتحقيق الأمن الاجتماعي والثقافي،،،! وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: (( «وفراغك قبل شغلك » )).
من منتصف شعبان تطل على أبنائنا وعلينا، إجازة الشهور الأربعة، وقد حُشِيت وقتا، وغصّت ذهبا، وامتلأت دراً وياسمين،،،!
ووتلألأ الزمنُ الجميل وزانه // سحرُ النسيم إلى وداد زمانِ
ولكن كيف يُلتقط، وقد خفي نوره، وضاع مفتاحه، وكثرت مصاعبه، وحالت دونه عوائقه وتشعباته...!
أربعة أشهر، تعلن التحدي في وضوح بارز، وصرامة شديدة، ووثبة جامحة،،، إن لم نصحُ ونتدارك،،!
هي تحدٍ للساسة والمسؤولين...
وتحد للمدير والشيخ...
وتحد للمشرف والمربي،.
وتحد للأب والأسرة...!
وللإمام والمصلح...!
فما العمل..،!!؟
وتحد لكل دوائرنا ومؤسساتنا..؟!
فمن يحمل همهم، أو يعيش أشجانهم ..؟!
أين خططكم للمرحلة...؟!
وبرامجكم لاحتواء الشباب...!
ومشاريكم للتربية والتصفية ..!
وأنديتكم للسيطرة والصيانة ..!
وتوجيهاتكم للضبط والمتابعة ...!
فالأمر في غاية الخطورة، وقد بُلينا بشهوانيين إعلاميين، أو بحركات العنف واستثمارها للفراغ والغفلة، وانهماك الشاب الالكتروني،،!
فما لم نسارع ذهب أبناؤنا ضحية فراغ قاتل، لمسالك منحرفة، أو طرق مشبوهة، وباتوا أعداء لنا وهم بين ظهرانينا..!
فحذاري حذاري من تركهم أربعة أشهر ضائعين تائهين دون أدنى اهتمام تربوي، أو إعداد تثقيفي رصين...!
وللتغلب على تحدي الفراغ الطويل والراحة المستديمة، علينا سلوك الآتي، والتثقيف بأهمية الوقت والإجازة وخطورة تبديدها :
١/ تفعيل برامج الأندية الصيفية: والتي تضطلع بها المدارس مشكورة، لتكون خط الدفاع الأول من شبح الضياع والكساد، لا سيما والمدارس الفسيحة فارغة مدة الإجازة، والاستفادة منها مطلب شرعي ووطني لحماية أبنائنا، فالواجب إحياؤها وتكثيرها في مناحي المحافظة، لتغطي الكثافة السكانية العالية .
٢/ البدء الجدي: في مشاريع (الأحياء الزاهرة) عبر لجان التنمية أو مساجد الأحياء، ومراكزها، والتي تقيم اللقاءات المتنوعة ثقافيا وتربويا وترفيهيا .
٣/ تأسيس الدورات التدريبية والمهنية: التي تملأ على الشاب وقته وعقله، بحيث لا ينصرف ذهنيا عن جادة الطريق . وفي الحديث (( إنما العلم بالتعلم )).
٤/ تجديد الدور المسجدي: من خلال كلمات مختصرة، ودروس محررة، واجتماعات ممتعة، وصح حديث (( المسجد بيت كل مؤمن )). وتفعيل مبادرات علمية وخيرية واجتماعية من خلاله .
٥/ إتاحة فرص عمل استثمارية للراغبين في جمع المال وتحسين الدخل كبعض المؤسسات الحكومية والقطاعات الخاصة .
(( {فامشوا في مناكبها وكُلُوا من رزقه} )). [سورة الملك] .
٦/ تفعيل نظام الفصل الصيفي: وهو مرغوب لدى كثير من الطلبة بغية الإنجاز، وقطع مرحلة إلى التخرج، وليس من الحكمة قطعه أو تجفيف منابعه،،! بل يجب على الجامعات أن تضطلع بهذا الدور وشبيهه..
- توسيع نطاق الفصل الصيفي .
- إحياء برامج النشاط الجامعي، من دورات ثقافية ورياضية وتوعوية .
- صناعة دبلومات مختصرة ومتنوعة .
- دورات تقوية ومعارف عامة، إن تيسرت مجانا، أو تكون بمبالغ معتدلة، وتصب في موارد كل جامعة .
وتعتبر خطوة مبدئية إلى فكرة (الجامعة المنتجة)، والتي تغذي جانب استثماراتها حتى تصل لمرحلة الاستقلال المالي، فتخدم أساتذتها وبرامجهم البحثية المحلية والعالمية .
٧/ التدريب التطوعي والعسكري: من خلال نوادي العمل التطوعي والخدمي، والمعاهد العسكرية التواقة إلى الشباب وطاقاتهم، ليكونوا درعا لأوطانهم من كل معتد غاشم، أو عدو متربص،متى ما احتيج إليهم، (( { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } )) [سورة محمد] .
والمحصل أن الوقت ثمين وأبناءنا أثمن، وحفظهم صيانة للزمان، ولا يسوغ تركهم لأفكار طايشة، أو مسالك شهوانية تجعل منهم أضدادا للدين أو للهوية، باسم الليبرالية أو العلمنة والإلحاد، والواجب الوقتي المحتم اليوم، احتواؤهم قبل أن يصطادهم آخرون، فنتجرع غصّاتُ الأسف والندم، والله المستعان .
ومضة/ التخوف من خسارة الوقت وضياع الشباب، باعث على التأمل والعمل..!
حمزة بن فايع الفتحي
رئيس قسم الشريعة بجامعة الملك خالد فرع تهامة، وخطيب جامع الفهد بمحايل عسير
- التصنيف: