مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن

منذ 2019-04-15

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)} [الممتحنة]

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} :

بعدما تم صلح الحديبية على أن من جاء من المشركين مسلماً رده الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المشركين, أنزل الله أحكاماً خاصاً بالنساء اللاتي أتين مسلمات , بأن يختبرن حتى يتم التأكد من صدق إسلامهم , وفي هذه الحالة لا ترد المرأة إلى الكفار , وإن كانت متزوجة تم فسخ زواجها وتم رد مهرها ونفقات زواجها لزوجها المشرك , ولا جناح من زواجها من مسلم بمهر ونفقة جديدة, كما منع الله المسلم من الإمساك بزوجته الكافرة واسترداد ما أنفقه كما حدث من زوجات المشركين, وهذا حكم الله العليم بأحوال عباده الحكيم في أوامره ونواهيه.

قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ۚ ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)} [الممتحنة]

قال السعدي في تفسيره:

لما كان صلح الحديبية، صالح النبي صلى الله عليه وسلم المشركين، على أن من جاء منهم إلى المسلمين مسلما، أنه يرد إلى المشركين، وكان هذا لفظا عاما، يدخل في عمومه النساء والرجال، فأما الرجال فإن الله لم ينه رسوله عن ردهم، إلى المشركين وفاء بالشرط وتتميما للصلح الذي هو من أكبر المصالح، وأما النساء فلما كان ردهن فيه مفاسد كثيرة، أمر الله المؤمنين إذا جاءهم المؤمنات مهاجرات، وشكوا في صدق إيمانهن، أن يمتحنوهن ويختبروهن، بما يظهر به صدقهن، من أيمان مغلظة وغيرها، فإنه يحتمل أن يكون إيمانها غير صادق بل رغبة في زوج أو بلد أو غير ذلك من المقاصد الدنيوية.

فإن كن بهذا الوصف، تعين ردهن وفاء بالشرط، من غير حصول مفسدة، وإن امتحنوهن، فوجدن صادقات، أو علموا ذلك منهن من غير امتحان، فلا يرجعوهن إلى الكفار، { لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } فهذه مفسدة كبيرة في ردهن راعاها الشارع، وراعى أيضا الوفاء بالشرط، بأن يعطوا الكفار أزواجهن ما أنفقوا عليهن من المهر وتوابعه عوضا عنهن، ولا جناح حينئذ على المسلمين أن ينكحوهن ولو كان لهن أزواج في دار الشرك، ولكن بشرط أن يؤتوهن أجورهن من المهر والنفقة، وكما أن المسلمة لا تحل للكافر، فكذلك الكافرة لا تحل للمسلم أن يمسكها ما دامت على كفرها، غير أهل الكتاب، ولهذا قال تعالى: { { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} } وإذا نهى عن الإمساك بعصمتها فالنهي عن ابتداء تزويجها أولى، { {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ} } أيها المؤمنون، حين ترجع زوجاتكم مرتدات إلى الكفار، فإذا كان الكفار يأخذون من المسلمين نفقة من أسلمت من نسائهم، استحق المسلمون أن يأخذوا مقابلة ما ذهب من نسائهم إلى الكفار، وفي هذا دليل على أن خروج البضع من الزوج متقوم، فإذا أفسد مفسد نكاح امرأة رجل، برضاع أو غيره، كان عليه ضمان المهر، وقوله: { {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّ} هِ } أي: ذلكم الحكم الذي ذكره الله وبينه لكم يحكم به بينكم { {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } } فيعلم تعالى، ما يصلح لكم من الأحكام، ويشرع لكم ما تقتضيه الحكمة.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين
المقال التالي
وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم