مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - وآخرين منهم لما يلحقوا بهم

منذ 2019-04-30

{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4) } [الجمعة]

{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} :

أرسل الله تعالى رسوله إلى أمة العرب الأمية فأعلى شان من آمن منهم ورفعه بالإسلام والقرآن , كما رفع به أمما من مختلف بقاع الأرض فدخلوا في دين الله وصار لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم , والله عز وجل يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين, والله صاحب الفضل والمنة ولا فضل ولا منة أعظم من الإسلام والقرآن.

قال تعالى:

{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4) } [الجمعة]

قال ابن كثير في تفسيره:

وقوله : ( {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم} ) قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله .

حدثنا عبد العزيز بن عبد الله ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن ثور ، عن أبي الغيث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنزلت عليه سورة الجمعة : ( {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} ) قالوا : من هم يا رسول الله ؟ فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثا ، وفينا سلمان الفارسي فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على سلمان ثم قال : " «لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال - أو : رجل - من هؤلاء » " .
ورواه مسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن أبي حاتم ، وابن جرير من طرق عن ثور بن زيد الديلي ، عن سالم أبي الغيث ، عن أبي هريرة به
ففي هذا الحديث دليل على أن هذه السورة مدنية ، وعلى عموم بعثته - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس ; لأنه فسر قوله : ( {وآخرين منهم } ) بفارس ولهذا كتب كتبه إلى فارس ، والروم ، وغيرهم من الأمم ، يدعوهم إلى الله عز وجل ، وإلى اتباع ما جاء به ; ولهذا قال مجاهد وغير واحد في قوله : ( {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} ) قال : هم الأعاجم ، وكل من صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير العرب .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا أبو محمد عيسى بن موسى ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " «إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالا ونساء من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب» " ثم قرأ : ( {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} ) يعني : بقية من بقي من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - .
وقوله : ( وهو العزيز الحكيم ) أي : ذو العزة والحكمة في شرعه وقدره .

وقوله : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) يعني : ما أعطاه الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - من النبوة العظيمة ، وما خص به أمته من بعثته - صلى الله عليه وسلم - إليهم .

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم
المقال التالي
كمثل الحمار يحمل أسفاراً