صائم الجوع والعطش...!
« رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ»
د.حمزة بن فايع الفتحي
@hamzahf10000
• يستوقفك الحديث الصحيح عند أحمد وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( « رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ» ) ويحملك على التفكر فيه واستكناه معناه وخطورته، وأن ثمة صواما قد أضاعوا دينهم، وبددوا صيامهم، وانتهوا لمفازة سحيقة خالية من الزهر والغراس..!
• فيا لله كم أضنى نفسه ذاك الفتى، وعركها في مستنقع الحياة ولم يبال بسلامة طاعته وصواب صومه...!
• إنها لنهاية مؤسفة، وخاتمة مؤلمة، أن لا يصيب المسافر هدفه، وقد قطع المسافات، وهجر الأحبة والخلان..!
• ولكن ما الأسباب الداعية إلى مثل ذاك، ولِم كانت تلك العاقبة المؤسفة..؟!
١/ قيل لفقدان الإخلاص، الذي به حياه العمل، وصفاء الطاعة، وجمال العبادة ( فاعبد الله مخلصا له الدين ).سورة الزمر. قال الطيبي رحمه الله : ( إن الصائم إذا لم يكن محتسباً أو لم يكن مجتنباً عن الفواحش من الزور والبهتان والغيبة ونحوها من المناهي، فلا حاصل له إلا الجوع والعطش، وإن سقط القضاء، وكذا جميع العبادات إذا لم تكن خالصة، بل رياء وسمعة فإنها تسقط القضاء، ولا يترتب عليها الثواب).
٢/ استطالة اللسان كذبا وفحشا وبذاءة، وفي الحديث ( « ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذئ » ) فكيف بحال الصيام، ورقة القلب، وشرف الزمان،،؟! وقال جابر رضي الله عنه: ( إذا صمتَ فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب ، والمأثم ، ودع أذى الخادم ، وليكن عليك وقار وسكينة ، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء ).
٣/ السلوك السلبي، من معاص ممارسة، أو سيئات متبعة كأكل الحرام، ونقض العهد والوشايات مما تذهب صفاء الصيام وحلاوته، فيجني من ورائها التعب والجوع...!
٤/ إدمان وسائل الإعلام من أفلام ومسلسلات هابطة، قد ارتسمت فيها الخلاعة، وسادتها الضلالة، وغلب عليها المجون، ولا حول ولا قوة الا بالله...! قال في الحديث الصحيح عند البخاري : ( «من لم يدع قول الزُّور والعمل به والجهل، فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه» ).
٥/ أذية الناس ومجادلتهم بالباطل، وفي الحديث ( «فإن سابه أحد أو قاتله قال اللهم إني امرؤ صائم» ).
وحرارة الجوع قد تورث مثل تلك المعارك بين الناس، فوجب علينا الصبر والتسلح بالحلم والصفح، وأن لا ندخل الشيطان بيننا، حتى يسلم لنا الصيام، ويطيب لنا رمضان،( {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} ) والله الموفق .
٦/ صيام العادة: والذي يفقد صاحبه معه المعنى العبادي والإخلاصي، وانما حمله على الامتثال هنا هو صيام الناس وأصدقائه وجماعته، فيقلدهم حياء، وليس إنه مستشعر لفرضيته قال صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) فجعل التصديق والإيمان بوجوبه سببا لنيل المغفرة .
وعلاوة على ما في ذلك المسلك من فقدان الثواب، فإنه يُحرم ما يلي:
• لذة العبادة وجمال الطاعة .
• استشعار المشقة والتعب والحرص على الفراغ السريع .
• عدم تحقيق العبودية للواحد الأحد .
• فقدان ثمرات الصيام وحلاوة رمضان .
• طروء الملل والسامة، وعدم الانشراح النفسي بشهر السعادة والفرح ( «للصائم فرحتان يفرحهما: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه » ).
• ضعف النشاط العبادي وتقاصر الهمة عن مسايرة رحمات الشهر، وكثرة خيراته .
حمزة بن فايع الفتحي
رئيس قسم الشريعة بجامعة الملك خالد فرع تهامة، وخطيب جامع الفهد بمحايل عسير
- التصنيف: