الحرية؟!

منذ 2019-07-04

فتتحول العبودية إلى تفاعل (إياك نعبد وإياك نستعين: فالتفاعل يكون بيننا في سبيل عبادة الله وحده) ولا تتبقى إلا عبودية واحدة، هي عبوديتك للواحد القهار، وهي العزة، وهي الحرية

 كثيرا ما يطرأ لنا نحن البشر سؤال : ما هي الحرية؟!

"الحرية" نظريا هي أن تتخلص من احتياجك لكل ما ومن تحتاج إليه!

لكن كي يتحقق ذلك يجب أن تتخلص حتى من احتياجاتك البيولوجية، كالطعام، والشراب، بل والحياة ذاتها! لكنك بذلك لجأت إلى الموت كي يحقق لك هذا الخلاص! فوقعت بذلك في قبضة استعباد إياك! .

لذا فلا حرية إلا بتعديل تعريف الحرية بأن تتخلص من احتياجك لكل من وما هو مثلك ودونك وجوديا، ("لا إله" مِن ما ومَن هو مخلوق)، ولا تعترف بإله إلا بمن هو أعلى بل الأعلى وجوديًا منك، أي تتخلص من عبوديتك لكل ما ومن هو على صفحة الوجود، إلا واجب الوجود الذي يستمد الوجودُ منه الوجودَ ،"إلا الله"، إلا خالق كل شيء. . وأنت باتخاذك الله هو الإله فإنك قد تحررت من قبضة استعباد ما ومن دونه لك لأنك استعنت بالأعلى كي تقهر احتياجك لكل ما ومن هو دونه، وبالتالي فقد استقهرت الله احتياجك لكل شيء (طلبت منه تسخير احتياجك لكل ما سواه من أجله) حتى تعبده، فتكون حرا لأنك استخدمت احتياجك أي شيء - ولم يستخدمك أي شيء - كي تعبد الأعلى، فتتجه لأعلى بدلا من أن تتجه لأسفل أو على أفضل تقدير لمساوٍ لك في الوجود! وعندما تتجه للأعلى والأعز وتعبده فإنك تكون قد استعليت واستعززت به ( {فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين} ) لأن فيضا من العلو والعزة يكون قد ملأ قلبك، وهذه هي "الخلافة في الأرض"! أن تكون عبدا لله سيدا للكون مستغنيا عمن وما هو سواه، سيدا لا بمعنى الاستعباد لغيرك من أشياء وأشخاص ولكن بمعنى التسخير، أي تسخير الله لك تفاعلك مع غيرك في سبيله، فتتحول العبودية إلى تفاعل (إياك نعبد وإياك نستعين: فالتفاعل يكون بيننا في سبيل عبادة الله وحده) ولا تتبقى إلا عبودية واحدة، هي عبوديتك للواحد القهار، وهي العزة، وهي الحرية.

هذه هي الحرية : (ففروا إلى الله): لا إله إلا الله والله أعلم

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي