نحن في عام 2011 والصومال في مجاعة !

منذ 2011-07-31

يشهد جنوب الصومال أسوأ مجاعة منذ 20 عاما وأسوأ موجة جفاف تمر به منذ ستين عاما، حيث بات أكثر من نصف سكان البلاد عرضة لخطر المجاعة، ومات بالفعل عشرات الآلاف من الأشخاص غالبتهم العظمى من الأطفال..


يشهد جنوب الصومال أسوأ مجاعة منذ 20 عاما وأسوأ موجة جفاف تمر به منذ ستين عاما، حيث بات أكثر من نصف سكان البلاد عرضة لخطر المجاعة، ومات بالفعل عشرات الآلاف من الأشخاص غالبتهم العظمى من الأطفال.

أبشع الروايات تأتي من جنوب الصومال وبالتحديد من مدينتي باكول وشابيلي السفلى، حيث روت سونيا زامباكدس المتحدثة باسم منظمة "أنقذوا الأطفال" الدولية أنها شاهدت أطفالا يبدو من حجمهم أن عمرهم لا يتعدى تسعة شهور لكنها اكتشفت أنهم في الرابعة من العمر لكنهم يعانون من سوء التغذية.

ووصفت المتحدثة في تصريحات الوضع لشبكة "بي بي سي" بعد أن عادت من زيارة إلى الصومال بأنه "مثير للصدمة".

وتسير النساء مئات الكيلومترات ليصلن إلى مخيمات النازحين في العاصمة مقديشو من أجل الحصول على الفتات اللازم لبقاء أبنائهن على قيد الحياة.

ويتعرض نحو 2.5 مليون شخص في الصومال من أطفال ونساء وشيوخ وحتى شباب لخطر المجاعة القاتل. كما نفق نحو 60% من الثروة الحيوانية في البلاد التي يعتمد عليها السكان كمصدر للغذاء وأحد أعمدة الاقتصاد.


وأدى الجفاف إلى فشل الموسم الزراعي وهلاك المحاصيل، ما تسبب بدوره في ارتفاع أسعار ما تبقى، وبات الغذاء غير كاف لأهالي الصومالي الذين يعانون فقرا بالفعل.

ونزح 135 ألف صومالي منذ يناير الماضي معظمهم إلى كينيا وإثيوبيا المجاورتين. ويصل 1700 صومالي يوميا في المتوسط إلى إثيوبيا و1300 آخرين في المتوسط إلى كينيا.

وطبقا للتعريف العالمي، فإن البلد يعتبر في مجاعة إذا واجه نقصا حادا في الغذاء لدى 20% من الأسر، ومعدل وفيات بنحو اثنين في العشرة آلاف يوميا، وسوء تغذية بمعدل نحو 30%.

وأدى الجفاف المستمر منذ سنوات والذي أصاب الصومال وكينيا وإثيوبيا إلى ضعف المحاصيل الزراعية. لكن الأخيرتين لهما حكومة فاعلة تستطيع السيطرة على نقص الغذاء، كما يحصلان على دعم أجنبي كبير، بينما الصومال يعيش في حالة حرب مستمرة ويفتقد لحكومة فاعلة.


وقد فاقم الأمر منع المساعدات عن الشعب الصومالي بسبب إدراج الولايات المتحدة حركة الشباب المجاهدين على القائمة الأمريكية لـ "المنظمات الإرهابية" وهو مايعني حظر إرسال مساعدات إنسانية إلى مناطق تسيطر عليها.

وبالمقابل، تمنع حركة الشباب عدد كبير من المنظمات الإغاثية الأجنبية من العمل بسبب استغلال تلك المنظمات للظروف الصعبة التي يواجهها أهالي البلاد في التبشير والدعوة إلى التحول من الإسلام إلى النصرانية.

كما تقول الحركة إن منظمات الإغاثة الغربية تتعمد إفساد مواسم الحصاد بتقديم المساعدات الإنسانية في صورة حبوب ومزروعات مجانية في نفس الموسم الذي يحصد فيه الفلاحون محصولاتهم الزراعية، وهو ما يتسبب في نقص الإقبال على الإنتاج المحلي وانخفاض الأسعار، وبالتالي إفلاس الكثير من المزارعين وعدم تمكنهم من زراعة أراضيهم في المواسم التالية.

لكن الحركة بدأت مؤخرا في إرخاء القيود عن جماعات الإغاثة الغربية من أجل إنقاذ آلاف الأرواح، حيث رفعت الحظر عن المعونات الغذائية منذ عام 2010.


وبالمقابل، أعلنت الولايات المتحدة أنها سترسل مساعدات إلى المناطق المتضررة، لكنها قالت إنها تريد ضمانات من حركة الشباب بعدم التدخل في طريقة توزيعها. وأعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن بلادها ستقدم 28 مليون دولار إضافية كمساعدات طارئة.

وتواجه وكالات الإغاثة صعوبة بالغة في العمل في الصومال وفي الوصول إلى التجمعات السكانية في الجنوب بسبب الحرب.

ويخضع الجنوب لسيطرة حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، كما تسيطر الحركة أيضا على بعض أجزاء العاصمة مقديشو ومناطق في وسط الصومال.

أما الحكومة الصومالية فلايزال دورها محدودا جدا إذا لا تسيطر أساسا سوى على مناطق محدودة من العاصمة. وشكل رئيس الوزراء الصومالي عبد الولي محمد علي المعين حديثا حكومة جديدة اليوم سيتعين عليها أن تواجه تحدي تخفيف الأزمة.


وبدأت الحكومة جهودها بتوجيه نداء إلى المجتمع الدولي لتقديم مزيد من المساعدة.

أما على الصعيد العمل الإغاثي في الدول العربية والإسلامية، فقد أعلن اتحاد الأطباء العرب أنه أرسل مندوبا إلى الصومال للإعداد لحملة إغاثة، وفتحت لجنة الإغاثة والطوارئ التابعة للاتحاد حساباتها لاستقبال التبرعات لإغاثة أهالي الصومال من المجاعة.

ودشنت اللجنة صفحة على موقع "فيسبوك" الاجتماعي من أجل دعم حملتها، حيث حملت الصفحة عنوان: "جسد واحد لنوقف مجاعة الصومال". وفي ساعات معدودة تجاوز عدد المشاركين فيها 4 آلاف شخص.


ومنذ بداية الأزمة التي وصلت ذروتها يوم الثلاثاء الماضي بإعلان الأمم المتحدة عن انتشار الوفيات بسبب الجوع، وجهت الجامعة العربية نداءاً عاجلاً للدول العربية والمنظمات المتخصصة وجمعيات الهلال الأحمر ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص العربي لاستنفار طاقاتهم وإمكانياتهم لنجدة المتأثرين بالجفاف في الصومال، والمساهمة في الجهود الجارية لإنقاذ النازحين واللاجئين الصوماليين بتقديم مساعدات إغاثية عاجلة من غذاء ومياه وأدوية ومأوى.


وأعلن الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي رصد مبالغ مالية فورية من حساب الأمانة العامة المخصص للشأن الصومالي لتوزيع مواد إغاثية طبية وغذائية على المتأثرين بالجفاف في الصومال، سيجرى توزيعها خلال الأيام القادمة من خلال بعثتي الجامعة العربية في مقديشو ونيروبي بالتنسيق مع الهيئات الدولية.

وفي ذات التوقيت، كانت منظمة التعاون الإسلامي تعلن بدأ مشروع الإغاثة العاجلة لمتضرري الصومال، وذلك عبر مكتبها بمقديشو الذي يستفيد منه عدد كبير من النازحين.


وتأتي عملية توزيع المساعدات كبداية للمرحلة الأولى من برنامج المنظمة في الصومال.

وكانت المنظمة عقدت من خلال مكتبها التنسيقي الإنساني بمقديشو اجتماعا لتحالف المنظمات من أجل الصومال بمشاركة المنظمات الإسلامية الأعضاء في المكتب. واتفق المجتمعون على أهمية التنسيق بتشكيل سكرتارية دائمة للتحالف بقيادة مكتب منظمة التعاون الإسلامي، بغية تحقيق التنسيق وتبادل المعلومات بين الشركاء المحليين والدوليين، من أجل تخفيف الأوضاع الإنسانية المتأزمة بسبب موجات الجفاف التي لم يسبق لها مثيل منذ ستة عقود.

كما أعلنت نقابة الأطباء بمصر عن حملة للإغاثة من المجاعة في الصومال.

وبدورها، أعلنت الكويت أنها سترسل طائرتين محملتين بـ 20 طنا من المواد الغذائية والأدوية والخيام اليوم الخميس إلى الصومال.


20/8/1432 هـ
 

المصدر: نسيبة داود - موقع المسلم