من أبجدية السعادة الزوجية - بادر
بادر .... بحفظ حقها وهيبتها أمام أبنائك، وإياك أن تنال منها أو تعاتبها على أمر صدر منها أمام أحد أبنائها أو أقاربك أو أقاربها
خلق الله -تعالى-آدم وجعل له زوجًا ليسكن إليه، وكانت إرادة إلهية في ذرية آدم إلى أن تقوم الساعة، قال الله -تعالى-:" {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } .... " الأعراف: 189، وقال – جل شأنه-: " { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } " الروم:21، ولعل ذلك هو المقصود الأعظم والغاية الكبرى، أن يحدث السكن، وتتأصل السكينة فتنتج بذلك المودة والرحمة بين الزوجين، الأمر الذي يستدعي التفكر في عظيم رحمة الله، وجميل تقديره.
وقد جعل الله سبحانه وتعالى لكل من الزوجين خصائص وقدرات: مادية ومعنوية، يختلفان فيها فيما بينهما، لكنه اختلاف تكامل لا تضاد، ففي الوقت الذي تكون فيه القوة البدنية من نصيب الرجل - تهيئة للمهام المنوطة به من السعي على الرزق والجد والاجتهاد في العمل وتوفير متطلبات الحياة له ولأسرته التي يتكفل برعايتها، وفي ذات الوقت لم يجعل ذلك من نصيب المرأة أو من خصائص تكوينها- هيأها- أعني المرأة- لمهمة أخرى، فجعل فيها من الرقة واللين، وملأها بالمشاعر التي من شأنها أن تكون مركزًا للاستقرار العاطفي والنفسي لأفراد الأسرة أجمعين، وعلى هذا في جميع الفروقات والاختلافات بين الرجل والمرأة.
ثم إن الله –تبارك وتعالى-جعل القوامة في يد الرجل بما مكنه وجعل له من خصائص تؤهله للقيام بدوره كرجل، قال الله تعالى: " {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} .... " النساء:34، وأوضح ربنا – سبحانه-العلة والغاية من إسناد تلك القوامة للرجل دون المرأة لما أودع فيه من خصائص بنيوية وغيرها، وبما يقوم به الرجل من رعاية لأسرته من نفقة ونحوها، وعليهما جرى التفضيل.
ولما كانت القوامة بيد الرجل فإن من أسباب السعادة ومفاتيحها أن تبادر إلى القيام بمهامك كرجل في رعايتك لأسرتك في شتى نواحي الحياة ومجالاتها، فإن أردت أن تحقق السعادة في بيتك وأن تفشي مظاهر البهجة والسرور، والحياة الهانئة فكن مبادرًا إلى كل خير لهم......
بادر.... بأن تقدم النصح لزوجتك من تعليم ونحوه، اجعل لكما جلسة أسبوعية تتناولان فيها آيات من القرآن الكريم، وقبسًا من نور النبوة، أو تقرآن كتابًا، أو تتصفحان شيئًا من مواقف السلف الصالح وسيرهم أو نحوًا ذلك.
بادر.... بأن تغمرها بحبك وحنانك، فالمرأة بطبيعتها تحب أن تسمع منك تغزلاً فيها، وإطراءً لها، وأن تبادلها الحب والمودة، ولقد ورد في السنة النبوية المطهر العديد والعديد من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجاته، لا سيما أم المؤمنين عائشة التي حازت النصيب الأوفى من حبه صلى الله عليه وسلم، فكن صاحب لسان عذب ومشاعر جياشة، أظهر حبك لك، ولا تمل من ذلك، فلكما قدمت الحب وجدت أضعاف ما قدمت.
بادر .... بما يدلل على حبك لها، فلا تكدر صفوها بذكرك لامرأة غيرها أو أن تحسن الكلام عنها، فالمرأة غيورة بطبعها، وقد ورد في السنة المطهرة عن أنس -رضي الله عنه- قال: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عندَ بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصَحْفةٍ فيها طعامٌ، فضربت التي النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في بيتها يدَ الخادم، فسقطت الصَّحْفةُ، فانفَلَقَتْ، فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: "غارت أمُّكم"، ثم حبس الخادمَ حتى أُتِي بصَحْفَةٍ من عند التي هو في بيتها، فدفع الصَّحْفَةَ الصحيحة إلى التي كُسرت صَحْفَتُها، وأمسَكَ المكسورة في بيت التي كسَرَتْ» . رواة البخاري
بادر .... بالسؤال عنها إن كنت خارج البيت، أو كنت مسافرًا، جرب أن ترسل لها رسائل على جوالك، أو تخط لها رسائل خاصة، أو فكر فيما يجدد الحب بينكما دومًا، ولا تستسلم لمرور الأيام أن تحث الجفوة بينكما، فالحب يبلى ويهرم، كما يهرم الإنسان، لكنه يتجدد كما يتجدد الدم في عروقه.
بادر .... بزيارة أهلها، وصلة رحمها، فأهلها هم أهلك، وإخوانها هو إخوانك، حسِّن علاقتك بهم، وكن بارًا بهم كما تبر إخوانك، فكلما فعلت ذلك – ابتغاء رضوان الله-نلت منها الرضى كله، وطابت نفسها لصنيعك، وبادلتك صلة بصلة، وودًا بود.
بادر .... بتقديم هدية لها وإن قلت قيمتها، فقدر الهدية في تذكرك لها، لا بغلو ثمنها وقيمتها المادية، وتحين وقت تقديمها لها، ولتغلف هديتك بالحب الخالص لها، وإياك أن يكون ذلك لمنفعة تريدها منها، أو تقدمة لغاية لك، بل اجعل ذلك إظهار لحبك لها، وتقديرًا لمكانتها في قلبك.
بادر .... بتحفيزها وتعزيز سلوكها، فالزوجة هي المحرك الأساس الذي يقوم عليه البيت كله، فإن مرضت مرض البيت كله، وإن حزنت أصاب البيت كله الهم والغم، ولذا فعليك أن تقدر دورها، وتستشعر عظيم أفعالها، فهي تعتني بك، وتقوم على رعاية أبنائك، تطعم الجائع، وتقم البيت، وتعتني به وبنظافته، تؤدب الولد وتهتم بدروسه، فشجعها وعزز أفعالها، واشكر لها صنيعها، فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله.
بادر .... إلى سد احتياجاتها من ملبس ومأكل ومشرب، فما كانت القوامة لك إلا "وبما أنفقوا من أمولهم ..." فلا تنظر أن تطلب منك طلبًا خاصًا بها، بل تفقد احتياجاتها، وقم على تأمينه في غير إسراف وتبذير أو شح وتقتير، فمن أفضل النفقة النفقة على الأهل والعيال.
بادر .... بالدعاء لها بظاهر الغيب، بصلاحها وصلاح ذريتها، واجعل لها دعوة في كل صلاة لك، وعند خلوتك بربك، فأولى من يدعى له هم أهلك وذريتك، يتقبل الله منك، ويؤمن الملك على دعائك، وتزداد المحبة بينكما وتتنزل السكينة في بيتكم.
بادر .... بحفظ حقها وهيبتها أمام أبنائك، وإياك أن تنال منها أو تعاتبها على أمر صدر منها أمام أحد أبنائها أو أقاربك أو أقاربها، فلطالما انهدمت بيوت لتعامل بغير حكمة أو تصرف غير مدروس، احفظ مكانتها، ولا تسمح لأحد كائنًا من كان أن ينال منها بوجودك وحضرتك.
كن مبادرًا وإيجابيا مقدامًا، ولا تنتظر أن يأتي إليك الخير، واعلم أنه على قدر عطائك تكون ثمرته، وعلى قدر بذلك يكون نصيبك، وعلى قدر مبادراتك تنال من الحب والتقدير وتنعم بالاستقرار والسعادة في بيوت ملؤها الدفء والجنان والبهجة، وهذه من أبجديات السعادة الزوجية.
- التصنيف: