مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ

منذ 2019-08-05

{إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12) } [الحاقة]

{إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} :

لما تجاوز الماء حده وبلغ حد الإغراق والإهلاك حمل الله نوحاً والمؤمنين معه في سفينة النجاة وأهلك الكافرين بعدما انتهت مهلتهم, ليجعل من هذه الحادثة عبرة وعظة لكل مؤمن ينتظر النجاة ويحتاج إلى واعظ ليثبت على دين الله أمام الفتن وملاحم الدنيا وشهواتها وشبهاتها, وليعلم كل مجرم أن نهايته كنهاية سابقيه إن أصر على كفره و إجرامه وإن طالت المهلةفلا يغتر كافر بطول المهلة ولا ييأس مؤمن من طول المحنة.

قال تعالى:

{إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12) } [الحاقة]  

قال السعدي في تفسيره:

ومن جملة أولئك قوم نوح أغرقهم الله في اليم حين طغى [الماء على وجه] الأرض وعلا على مواضعها الرفيعة.وامتن الله على الخلق الموجودين بعدهم أن الله حملهم { {فِي الْجَارِيَةِ} } وهي: السفينة في أصلاب آبائهم وأمهاتهم الذين نجاهم الله.

فاحمدوا الله واشكروا الذي نجاكم حين أهلك الطاغين واعتبروا بآياته الدالة على توحيده ولهذا قال: { {لِنَجْعَلَهَا } } أي: الجارية والمراد جنسها، { { لَكُمْ تَذْكِرَةً} } تذكركم أول سفينة صنعت وما قصتها وكيف نجى الله عليها من آمن به واتبع رسوله وأهلك أهل الأرض كلهم فإن جنس الشيء مذكر بأصله. وقوله: { {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } } أي: تعقلها أولو الألباب ويعرفون المقصود منها ووجه الآية بها. وهذا بخلاف أهل الإعراض والغفلة وأهل البلادة وعدم الفطنة فإنهم ليس لهم انتفاع بآيات الله لعدم وعيهم عن الله، وفكرهم بآيات الله.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ
المقال التالي
فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ