مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - لا أقسم بيوم القيامة

منذ 2019-10-14

{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)} [القيامة]

{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} :

لا ها هنا ليست نافية وإنما هي للاستفتاح ولفت الانتباه إلى أن القسم بيوم القيامة قسم عظيم كما أن القسم بالنفس اللوامة التي ركبها الله في عباده قسم عظيم أيضاً , فنفس المؤمن تلومه عند كل معصية ونفس الكافر تلومه بعد فوات الأوان وخاصة عند الغرغرة فتصبح من أسباب عذابه وقت الحسرة والندم.

والله تعالى يقسم على من ينكرون البعث وينكرون قدرة الله على إعادة الخلق وإحياء العظام وهي رميم أنه قادر على إعادتها بكل دقائقها حتى عظام الأصابع, فالله على كل شيء قدير.

قال تعالى:

{لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)} [القيامة]

قال السعدي في تفسيره:

ليست { {لا } } [ها] هنا نافية، [ولا زائدة] وإنما أتي بها للاستفتاح والاهتمام بما بعدها، ولكثرة الإتيان بها مع اليمين، لا يستغرب الاستفتاح بها، وإن لم تكن في الأصل موضوعة للاستفتاح.
فالمقسم به في هذا الموضع، هو المقسم عليه، وهو البعث بعد الموت، وقيام الناس من قبورهم، ثم وقوفهم ينتظرون ما يحكم به الرب عليهم.

{ { وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} } وهي جميع النفوس الخيرة والفاجرة، سميت { { لوامة} } لكثرة ترددها وتلومها وعدم ثبوتها على حالة من أحوالها، ولأنها عند الموت تلوم صاحبها على ما عملت ، بل نفس المؤمن تلوم صاحبها في الدنيا على ما حصل منه، من تفريط أو تقصير في حق من الحقوق، أو غفلة، فجمع بين الإقسام بالجزاء، وعلى الجزاء، وبين مستحق الجزاء.

ثم أخبر مع هذا، أن بعض المعاندين يكذب بيوم القيامة، فقال: { {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أن لَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} } بعد الموت، كما قال في الآية الأخرى: { {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } } ؟ فاستبعد من جهله وعدوانه قدرة الله على خلق عظامه التي هي عماد البدن.

فرد عليه بقوله: { {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} } أي: أطراف أصابعه وعظامه، المستلزم ذلك لخلق جميع أجزاء البدن، لأنها إذا وجدت الأنامل والبنان، فقد تمت خلقة الجسد، وليس إنكاره لقدرة الله تعالى قصورا بالدليل الدال على ذلك، وإنما [وقع] ذلك منه أن قصده وإرادته أن يكذب بما أمامه من البعث. والفجور: الكذب مع التعمد.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
كلا إنه تذكرة
المقال التالي
بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ