مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - قتل الإنسان ما أكفره

منذ 2019-12-14

{قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)} [عبس]

{ قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ } :

لعن الله المكذبين بالبعث والجزاء المعاندين لله ورسله المستكبرين عن سبيله , وهو الذي خلقهم من نطفة لا وزن لها ولا قيمة, وقدر خلقتهم وأرزاقهم وأعمارهم, فإذا جاء أجلهم أماتهم ثم يحييهم, وبرغم كل هذا لم يبادروا لفعل ما أمر, بل لو أن أكثر الناس طاعة وزنت أعماله لغلبت نعم الله , فما بال المعاندين الرافضين لأمر الله الصادين عن سبيله؟؟

قال تعالى:

  {قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ (22) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (23)} [عبس]

قال ابن كثير في تفسيره:

يقول تعالى ذاما لمن أنكر البعث والنشور من بني آدم ( {قتل الإنسان ما أكفره} ) قال الضحاك عن ابن عباس ( {قتل الإنسان } ) لعن الإنسان وكذا قال أبو مالك وهذا لجنس الإنسان المكذب لكثرة تكذيبه بلا مستند بل بمجرد الاستبعاد وعدم العلم
قال ابن جرير ( {ما أكفره} ) ما أشد كفره وقال ابن جرير ويحتمل أن يكون المراد أي شيء جعله كافرا ؟ أي ما حمله على التكذيب بالمعاد .
وقال قتادة وقد حكاه البغوي عن مقاتل والكلبي ( {ما أكفره} ) ما ألعنه .

ثم بين تعالى له كيف خلقه من الشيء الحقير وأنه قادر على إعادته كما بدأه فقال ( {من أي شيء خلقه } )

{مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} : أي قدر أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد.

( {ثم السبيل يسره } ) قال العوفي عن ابن عباس ثم يسر عليه خروجه من بطن أمه وكذا قال عكرمة والضحاك وأبو صالح وقتادة والسدي واختاره ابن جرير .
وقال مجاهد هذه كقوله ( {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا } )  [الإنسان 3 ]  أي بينا له ووضحناه وسهلنا عليه عمله وهكذا قال الحسن وابن زيد وهذا هو الأرجح والله أعلم .

وقوله ( {ثم أماته فأقبره } ) أي إنه بعد خلقه له ( {أماته فأقبره} ) أي جعله ذا قبر والعرب تقول قبرت الرجل إذا ولي ذلك منه وأقبره الله وعضبت قرن الثور ، وأعضبه الله وبترت ذنب البعير وأبتره الله وطردت عني فلانا وأطرده الله ، أي جعله طريدا قال الأعشى
لو أسندت ميتا إلى نحرها عاش ولم ينقل إلى قابر.

وقوله ( {ثم إذا شاء أنشره} ) أي بعثه بعد موته ومنه يقال البعث والنشور ( { ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون} )  [الروم 20]

قال السعدي في التفسير:

{كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} : وهو -مع هذا- لا يقوم بما أمره الله، ولم يقض ما فرضه عليه، بل لا يزال مقصرا تحت الطلب.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
كلا إنها تذكرة
المقال التالي
فلينظر الإنسان إلى طعامه