باب ما جاء في الوشاية...!
• ما كنتُ أحسب أنهم ذو نقمة ... لوصالنا وقلوبهم تتكدرُ...! فيَشي إداريا أو علائقيا أو فكريا، أو تجاريا، حتى يصيب لعاعةً وفسادها يفوق كل فساد..!
د.حمزة بن فايع الفتحي
• وقال الله تعالى:( { همّاز مشاءٍ بنميم ، مناعٍ الخير معتدٍ أثيم } ) سورة القلم .
• ليس له وظيفةٌ ولا مكانة، ولا قوت يتقوت به سوى الوشايةِ المفرقة، والقالةِ المقلقة ، والنميمة القاطعة بين الأحبُل الموصولة، والبنيان المرصوص، والاجتماع الأليف ..!
• يؤلمه رقيٌ باهر، وإبداعٌ متميز، وعمل متصافٍ، وحتى صموت متباعد..! ما دام لم يطيقوا وجوده، أو ضرهم رأيه، أو شق عليهم فكرُه وعصاميته...!!
• ما كنتُ أحسب أنهم ذو نقمة ... لوصالنا وقلوبهم تتكدرُ...! فيَشي إداريا أو علائقيا أو فكريا، أو تجاريا، حتى يصيب لعاعةً وفسادها يفوق كل فساد..!
• قال الإمامُ يحيى بن أبي كَثير رحمه الله: ( يُفسد النمامُ والكذاب في ساعة ، ما لا يفسد الساحر في سنة ). لأن فعله فساد سريع، ومكره عريض، وتحريضه وشيك...!
أثمتَ واللهِ ما جئتُم بمقتدرِ... سوى الشقاء الذي أشقاك بالشررِ
وصرتَ زاملَ محتالٍ ومنفرد... بذي الخطوب وما تحميه من خطرِ
لا يعرفُ الخيرَ نمامٌ أخو ظُلمٍ... ووجهه مظلمٌ كالفحم في الكدر ِ
ووجهُه صرخةُ الأوجاع إذ نطقت... بالمبكيات وما تُبديه من ضجرِ
إنّ الوشاةَ وإنْ أبدوا عنايتَهم... سيفعلون نظيرَ الوشي والضررِ
فمن ينمُّ إليك اليوم قالتُهم ... غدا عليك بذاك الهادر الغَدِر ِ
هم مجرمونَ وفعل منهمُ خطلٌ... ومسرفون وما في القلب من عبر ِ
يُطاوعون شياطينا ودعوتُهم... أن لا يُسوّدَ محظوظُ من البشرِ..!
وشايةُ القومِ أسقامٌ مدمرة... ليست بصدقٍ ولا عذبٍ من الخبرِ
ليت الأفاضلَ قد صانوا منازلَهم... فلم يقيموا لهم وزنًا بمعتبرِ..!
• والعاقل الأصيل يأبى أن يكون وشّاءً، أو نماما، أو قتاتا، يقتات على شق الصفوف وغليان القلوب، وهتك العلاقات .
• وقد استهجنَها العلماء والحكماء والشعراء ، فقد مَرَّ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: " «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ مِنْ كَبِيرٍ" ثُمَّ قَالَ: "بَلَى، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ» ..الخ .
• قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: أنه دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئًا، فقال له عمر: إن شئت نظرنا في أمرك ، فإن كنت كاذبًا فأنت من أهل هذه الآية: ﴿ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا } ﴾ [الحجرات: 6]. وإن كنت صادقًا فأنت من أهل هذه الآية: ﴿ {هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيم} ﴾، وإن شئت عفونا عنك، فقال: العفو يا أمير المؤمنين لا أعود إليه أبدًا .
• وقال الحسن البصري رحمه الله : ( من نَمَّ إِلَيكَ نَمَّ عَلَيكَ ). والواجب تكذيب الوشاة، وخرس النمامين، وعدم الإصغاء لهم، فهم مشعلوا النيار، ومحرقوا العِشاش كما يقال...! قال المتنبي: صارَ ما أَوضَعَ المُخِبّونَ فيهِ... مِن عِتابٍ زِيادَةً في الوِدادِ ../ وَكَلامُ الوُشاةِ لَيسَ عَلى الأَحــبابِ.. سُلطانُهُ عَلى الأَضدادِ../ إِنَّما تُنجِحُ المَقالَةُ في المَرءِ ...إِذا صادَفَت هَوىً في الفُؤادِ...!
• ولبعضهم:
تَنَحَّ عَنِ النَّمِيمَةِ وَاجْتَنِبْهَا.. فَإِنَّ النَّمَّ يُحْبِطُ كُلَّ أَجْرِ
يُثِيرُ أَخُو النَّمِيمَةِ كُلَّ شَرٍّ ... وَيَكْشِفُ لِلخَلَائِقِ كُلَّ سِرِّ
وَيَقْتُلُ نَفْسَهُ وَسِوَاهُ ظُلْمًا ... وَلَيْسَ النَّمُّ من أفعال حرِّ..!
• والنابغة الذبياني مع النعمان بن المنذر :
أَتاني أَبَيتَ اللَعنَ أَنَّكَ لِمتَني.. وَتِلكَ الَّتي أُهتَمُّ مِنها وَأَنصَبُ
لَئِن كُنتَ قَد بُلِّغتَ عَنّي خِيانَةً.. لَمُبلِغُكَ الواشي أَغَشُّ وَأَكذَبُ
وَلَكِنَّني كُنتُ اِمرَأً لِيَ جانِبٌ.. مِنَ الأَرضِ فيهِ مُستَرادٌوَمَذهَبُ..!
• لا تزال أفانينُ الصداقة والعلائق تشتكي من بلايا الوشاة، وفعائل النمامين ، يجمعون مع القالة المين والمكر والتحريض وإيغال القلوب ، فيا عجبا لمن ابتلي بذلك ، وبات همه الإفساد والإيذاء، والله المستعان، وتناسى حديث ( لا يدخلُ الجنةَ قتّاتٌ ) .
• وقيل: الفرق بين القتات والنمام أن النمام الذي يحضر القصة فينقلها، والقتات الذي يتسمع من حيث لا يُعلم به ، ثم ينقل ما سمعه، عافانا الله وإياكم .
حمزة بن فايع الفتحي
رئيس قسم الشريعة بجامعة الملك خالد فرع تهامة، وخطيب جامع الفهد بمحايل عسير
- التصنيف: