كان مقبلا على شأنه
وكيف يتصور فلاح أو نجاح أو نيل للمعالي من معرض عما يعنيه ، ومشتغل بما لا يعنيه ، ومنغمس في اللغو، ومنهمك في القيل والقال ، ومتتبع لرد فلان على علان
للذهبي رحمه الله عبارة جميلة يكررها كثيرا في تراجمه لعدد من الصالحين والعلماء والأعلام ، حيث يصف الواحد منهم بأنه كان " مقبلاً على شأنه "
وهذه الخصلة ( أن تكون مقبلا على شأنك ، معرضا عما سوى ذلك ) إذا أحسن فهمها ، ولم يتفرع عنها عزلة مذمومة ، أو أنانية وتخل عن هموم الأمة = من أعظم أسباب الفلاح ، وسبب للإنجاز ، ومانع لتشتت النفس وضياع الأعمار والأوقات ، ويدل عليها قول النبي صلى الله عليه وسلم " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " وقوله صلي الله عليه وسلم " «احرص علي ما ينفعك» " كما يشهد لها عموم قوله تعالى " {والذين هم عن اللغو معرضون } "
وكيف يتصور فلاح أو نجاح أو نيل للمعالي من معرض عما يعنيه ، ومشتغل بما لا يعنيه ، ومنغمس في اللغو، ومنهمك في القيل والقال ، ومتتبع لرد فلان على علان ، ونقد زيد لعمرو ، ومطاعن هؤلاء في أولئك ، وشتائم هذا الفريق لذاك، ومعارك الطائفة الفلانية مع الطائفة العلانية، وصراعات مواقع التواصل الاجتماعي وترنداته التي لا تنتهي
وإنما كان الأمر كذلك لأن القلب - لا يقبل ضدين ، وإذا اشتغل بالباطل غفل عن الحق ، وإذا انهمك فيما لا يفيد ضيع ولابد ما يفيد وتعظم الحاجة إليه ، وتأمل حولك هذا الصنف من المشتغلين باللغو تجدهم في تأخر وانحدار ، فلا نفع ولا إفادة ، ولا تقدم ولا بركة ، وإنما ضجيج وجعجة بلا فائدة حقيقية ، ولا أثر يبقى ، سوى معارك وهمية ، وحروب في المكان والزمان الخاطئين .
أحمد قوشتي عبد الرحيم
دكتور بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة
- التصنيف: