كَيْفَ حَالُكَ؟!

منذ 2020-08-11

أنت ذلك المدفوع بقوة البلاء الذي أصبح مكونك الأساسي، قوة الهم الذي حملته إرثا مذ مائة عام، قوة الهزيمة التي تلاحق أمتك، قوة الحطام المرتسم على جدران شعبك، والخوف الذي يبطن نهارك وليلك، والدونية التي تلاحق جيلك وجيل أبنائك.

أن تكون مرفوعا لكن على حافة الهاوية، ومجبورا لكن على احتمالية الانكسار، ومسؤولا على شفا الانهيار...
وقد تكون مقبولا على ظاهرك لا على ما لديك أو ما هي حقيقتك؟!...
أن تكون مدفوعا لا على سبيل الإجبار، ولا رفاية الاختيار، بل لأنك تظن أن لك دورا ولو على هامش السيرة..
بل لأن آلامك تعلو على هدوء روحك ، فهي أكبر من أن تنتظر أبطال الحديث، أو تصمت صمت الواثقين الرائقين.
أنت لازلت موجودا لأن رقمك هنا له قيمة أكبر كثيرا من مجرد الإحصاء.

... أنت إنسان لا غثاء ...

أنت ذلك المدفوع بقوة البلاء الذي أصبح مكونك الأساسي، قوة الهم الذي حملته إرثا مذ مائة عام، قوة الهزيمة التي تلاحق أمتك، قوة الحطام المرتسم على جدران شعبك.
والخوف الذي يبطن نهارك وليلك، والدونية التي تلاحق جيلك وجيل أبنائك.
 

أنت مدفوع بقوة الصدمة التي من قبلها صدمة ومن بعدها صدمة، قوة العار الذي لم يقو على محوها المليار ونصف نسمة.
قوة ضدك تضطرك للمقاومة من أجل البقاء وليت البقاء بقاؤك، فما كانت الأحزان والخوف من المعاد يلاحقك ..

قد تتعثر، وتتلعثم، وتخفق، وتخبو، وتجهل، وتتسرع، فتنثر كلاما في وقت ليس موعده، وترمم بنيانا لا قيمة له في مستقبل الأمة....وتشحذ آمالا لا علاقة لها بانقاذها .

أنت متخبط وتتخبط ، تصرخ وتبكي ليس لأنك شخصًا عشوائيًا؛ بل لأن النظام غادر عصرك، لأن الصفوف أفلت عن مصطفيها، واختلت ملامحها،
صفوف في لحظة فقد خرجت ولم تعد....


أنت الذي اتحدث معك وأنا أشعر بالتخبط تماما مثلك، أشعر بغربة ذي مذاق خاص، كأس قاني من المرارة، وجرعة مركزة من الإحباط تريد أن تميطها عن سبيلك.

 تريد أن تستيقظ من جاثوم واقعك، تريد أن تستكمل حلم الثورة، وتذوق ثمارها الحلوة، تريد أن تصرخ من شاهق إنها وربي كانت صحوة ولم تكن كبوة.
أنت أيها المسلم المكسور، حديث العهد بالفتن والإحن، قليل الحلم والصبر.

 استيقظ.... فمهما شعرت فإنني ونحوي الآلاف مثلك، نشعر بكل ما تشعر به، نشعر أن العالم كله ضدك....
لكن يظل من حولك أبطال الموقف، حين يساندوك ويناصرونك نصرالأخوَّة على سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
يظل ما بداخلك متماسكا صلبا، مرنا دافئا حنونا بالخير ومحبا للحق.

بعيدا عن الاهتزاز والهزيمة والصلافة والقسوة؛ طالما وجدت من يبكى معك وينافح لذات الهدف.
يظل فيك رمق الهدى وأمل الشفاء مادمت ترى من ينكر منكرا ويأمر بمعروف.... يميط أذى القهر ولو بشق تمرة...


تظل مرونة قلمك تصارع رياح التغيير وقسوة الشفق المغادر بلا شفقة، وظلام الباطل الأحمق،... طالما تأنس بزملاء القضية؛ حتى وإن اختلفت معهم..فكن واحدا منهم.
تظل حتى ولو فوجئت يوما أنك وحدك، مستوحشا اليباب، تسمع أصوات الصحاب سراب، ترى منهم من سقط، ومن أكله اليأس، ومن انقلب على عقبيه ومن أمعن في الإرجاف، ومن اختارك أنت مجالا للرصد أو النقض...


لكن قوافل الصابرين لاتزال تترا من قبلك تدفعك، وثلة من بعدك تحاول أن تكون أنت سببا في الحفاظ عليهم ...
أنت عنهم، وعن حلقة الوصل بين الماضي والمستقبل مسؤول.. بل مسؤول عن استدعاء الصفوف الآيبة، واستعادة الفرائض الغائبة...
تراهم  في { صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ }[الفاتحة: من الآية7]، قوافل مصطفّين منعمين بمعرفة الحقائق، هانئين بحكمة الخالق، محرضين على الحق ثابتين عليه.
تراهم حتى ولو لم ترهم سوى في استدعائهم من ذاكرتك في أبي بكر وعمر وعثمان وعلى والفاتحين والمرابطين والقابضين على الجمر في الشهداء والصالحين...
ترى أنه لا يفصل بينك وبينهم سوى بضع سنوات قليلة تغادر بعدها وتشكو إليهم حال أهل الأرض وكيف صاروا من بعدهم ....
المهم أنك ترى حياتك ذات معنى ومغزى وأن قصتك لا قيمة لها من دون أن تكون أنت .. نعم أنت ...سطرا في قصة الأمة...