أوقات فراغ
إن تلك الأوقات المُهدرة التي نتركها تتسرب من بين أيدينا بلا فائدة،وتلك السويعات التي نتعامل معها وكأنها بلا قيمة بإمكانها أن تصنع فارقاً كبيراً في دنيانا وأُخرانا..
تمضي بنا الأيام بين يومٍ مضى ويومٍ نحياه ويومٍ لا نعلم هل سندركه أم لا!
كل منا في جعبته الكثير والكثير، من الأحلام والآمال،منا من يسير في دربه نحو أحد الأهداف ومنا من يخطط للغد بقلب مقبلٍ على الحياة.
ولكن ما هي أهدافنا التي نمضي لأجلها؟
أهي نافعة لنا أم أنها مجرد أهداف لانعرف لما اخترناها؟!
هل لدينا إيمان كاف بقيمة أعمالنا وبقيمة كل خطوة نخطوها؟
هل أدركنا قيمة أعمارنا وأنها رأس مالنا في الحياة؟
في زاوية ما من الحياة هناك أناس أدركوا قيمة أعمارهم فجعلوا حياتهم وأيامهم أرض خصبة مُعمرة بما ينفعهم في دينهم ودنياهم.
وهنالك أشخاص آخرون تركوا أنفسهم فريسة للحياة تمضي بهم كما تشاء، ربما أنهم منشغلون ببعض الأعمال دينية كانت أو دنيوية ولكن دون وعي منهم بماهية ما يصنعونه ودون إيمان كافٍ منهم بقيمة ما يفعلونه،تمر بهم الأيام بين جهد وكد ولكن ينقصهم شئ ما، إنهم بحاجة إلى وقفة إدراك، وقفة إدراك لقيمة حياتهم وأعمارهم من أجل أن يضبطوا بوصلة أعمالهم هذه فيكون لهم فيها نية حسنة يتقربون بها إلى الله، ومن أجل أن يطرحوا تساؤلات هامة على أنفسهم في كل خطوة يمضوها في دروب الحياة :-
لماذا نفعل هذا العمل؟
هل سيعود علينا بالنفع في ديننا أو دنيانا؟
هل نحتسب فيه نية وأجراً؟
إننا حين نعيش الحياة بقلوب يقظة لديها وعي بماهية الحياة : لماذا نحن هنا؟ كيف يجب علينا أن نعيش حياتنا؟، سنعرف كيف نضبط بوصلة اختياراتنا وأعمالنا ونوايانا بالشكل الصحيح، سنعرف كيف نتخذ من حياتنا بستان نزرع فيه كل جميل، سنعرف أن هناك أشياء كثيرة بإمكاننا أن نقوم بها وسيكون لدى كل منا أولويات عُظمى تعلن عن نفسها و تخبره أنها هاهنا بحاجة إلى الخروج للنور...
وبين هؤلاء المدركون قيمة الحياة السائرون في دروب أعمالهم بوعي وبين هؤلاء المحتاجون لضبط بوصلة حياتهم من جديد، هناك أشخاص صدق فيهم قول النبي صلى الله عليه وسلم «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ» حديث صحيح.
إنهم أشخاص صادقوا الفراغ، لا هم يستغلون صحتهم في ما ينفعهم من أمر دينهم أودنياهم ولاهم يشغلون أوقات فراغهم بما يجب أن تُعمر به الأعمار...
إنهم أيضاً بحاجة إلى وقفةٍ، وقفةٍ يراجعون فيها أنفسهم، ويقدموا الجواب بين يدي هذه التساؤلات :-
لماذا نستسلم للفراغ،لماذا نهدر أعمارنا في غير فائدة؟
يوماً ما سَيُسأَل كل إنسان عن عمره فيما أفناه، فهل أعد كل منا الجواب؟
إن تلك الأوقات المُهدرة التي نتركها تتسرب من بين أيدينا بلا فائدة،وتلك السويعات التي نتعامل معها وكأنها بلا قيمة بإمكانها أن تصنع فارقاً كبيراً في دنيانا وأُخرانا..
إن تلك الساعات التي نتركها تمضي سدى، يمكنها أن تكون ساعات مثمرة بإذن الله إن نحن عرفنا كيف نستثمرها.
لمَ لا نعمرها بالعلم النافع؟
فنطلب العلم الشرعي أو نتعلم القرآن ونحفظه؟
أو نتعلم عن الحياة الزوجية وتربية الأبناء لنعرف كيف نحسن إلى رعيتنا وكيف ندير بيوتنا من أجل حياة طيبة ترضي الله وتسعدنا؟
لمَ لا نستثمرها في تطوير مواهبنا وقدراتنا واستخدامها في إصلاح دين و دنيا غيرنا بالدعوة إلى الله والأعمال التطوعية، كلٌ حسب طاقته ووقته وقدراته؟
لمَ لا نطور من أنفسنا بقراءة الكتب وسماع المحاضرات النافعة في المجالات التي نحتاج إليها؟...و غير ذلك كثير وكثير من الأحلام والأهداف النافعة في الدنيا والآخرة.
إننا إن علمنا كيف نستغل أعمارنا الاستغلال الأمثل وكيف نشغل أوقاتنا بما ينفعنا لن نجد في قاموس أيامنا تلك المفردة " أوقات فراغ "، بل ستتحول أوقاتنا إلى طريق نعبر به نحو حياة أفضل وتتحول حياتنا إلى سلمٍ نرتقي به في منازل الآخرة.
وليعلم كل منا أن ثمة فارق حقيقي بين أشخاص يحيون حياة ذات قيمةٍ وآخرون يعيشون حياة لاقيمة لها، حياة بلا نفعٍ وبلا أهداف..
ثمة فارق كبير بين أشخاص يبذرون ثمار الخير في الدنيا ليحصدوا أثره هناك في الآخرة وبين أشخاص لا زرع لهم ولاحصاد.
إن قيمة حياتنا الحقيقية تتمثل في كل خيرٍ وطاعة بيننا وبين الله وفي كل نية طيبة وعمل صالح نتقرب به إليه.
إن حياتنا تكتسب قيمتها من تلك الأعمال النافعة والصالحة التي نقوم بها، ومن تلك الأهداف و الغايات العُظمى التي نسعى لأجلها.
فأي حياة نحياها أنا وأنت؟
وأي قيمة نأمل أن تملكها حياتنا ذات يومٍ؟
فليقف كل منا وقفة يحاسب فيها نفسه ويكون صادقاً معها، وقفة تمكنه من أخذ قرارٍ إيجابي بشأن القادم من أيامه وأعماله وعمره، فلا يعلم كل منا متى سينتهي أجله.
- التصنيف:
- المصدر: