غرفة وبابان!! (قصة قصيرة)
ثم ما لبث أن أضاء وهج نار عظيمة الباب من الخارج، فعمي بصرُه من شدةِ وهجها، كما عميت بصيرته في الداخل من شدة نهمه بالتفاصيل
هي غرفة لها بابان، دخلها لتكون وظيفته أن يصلح الفاسد فيها وينشر العدل الصلاح بها، لكنّ تفاصيلَ الغرفةِ وبهارجها وملذاتها وآلامها أنسوه - بعد أمدٍ قصير - لماذا دخل الغرفة، بل أنسته أنه سائرّ لا محالة - وبسرعة هي كسرعة البرق لكنها تبدو كسرعة السلحفاة - إلى باب الخروج، وأنه لم يفعل شيئا من وظيفته، بل قد نسي أنه أتى من العالم الكبير من بابٍ، وسيخرج إليه من باب آخر، { {فنسي ولم نجد له عزما} }، وتوهم الغرفة هي الحقيقة النهائية والعالم الأكبر، وتوهم أن الخيرَ هو في ملذاتها، والشرُ هو في آلامها، فكان همه التعرض للملذات، والبعد عن الآلام والمُوجِعَات.
ثم ما لبث أن أضاء وهج نار عظيمة الباب من الخارج، فعمي بصرُه من شدةِ وهجها، كما عميت بصيرته في الداخل من شدة نهمه بالتفاصيل وانهماكه فيها، ونسيانه الكلياتِ والأصلَ والمصير.. ﴿ {وَمَن كانَ في هذِهِ أَعمى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمى وَأَضَلُّ سَبيلًا} ﴾
.
اللهم اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم، ولا الضالين ...
.
وأنقذنا اللهم من الانزلاق في جُبِ الغفلةِ المظلم الذي إن سقط فيه الإنسان لم يدرِ مِن أين أتى وإلى أين هو ذاهب، بل لا يدري من هو، فالظلام يغطي كل شيءٍ وكل معنى!! ... فهذا هو نسيان الله، ومِن ثَمَّ نسيان النفس وأصلها ومنتهاها.
.
انتهى ...
أحمد كمال قاسم
كاتب إسلامي
- التصنيف: