مقارنة بين المكتوب على الأوراق والمتحرك على الشاشات

منذ 2021-06-23

وأنت محكوم بوقت الفيديو، فمع القراءة أنت تلتهم المعلومات، بينما متابعتك للمحتوى المرئي يلتهم وقتك التهاماً،

تعتبر القراءة وسيلة مهمة وسهلة وممتعة جداً للحصول على المعرفة.. ولكن للأسف القراءة تلقى منافسة شرسة من كثير من المنافسين، لا سيما الصورة المتحركة (الفيديو)... فما هي جوانب تفوق القراءة على متابعة الفيديو؟ وكلامنا هنا فيما إذا كان مفيداً أمَّا الفيديو التافه أو الضار فلا وجه لمقارنته بمفتاح المعرفة.

والآن دعونا نتلمس بعض الفروق بين هذه وتلك:

أولاً: عامل الوقت فبالقراءة يمكنك التهام المعلومات التهاماً في أقل وقت ممكن بخلاف الفيديو فإنك تنتظر.. وتنتظر.. وأنت محكوم بوقت الفيديو، فمع القراءة أنت تلتهم المعلومات، بينما متابعتك للمحتوى المرئي يلتهم وقتك التهاماً، لا سيما متابعة أشياء تافهة أو ضارة وما أكثرها وما أكثر جماهيرها لا كثرهم الله، فوقت مشاهدة مباراة واحدة يكفي لقراءة جزئين من القرآن، أو صفحات كثير من كتاب نافع، وقل مثل ذلك في الأفلام، وهناك من يقضي الآلاف من الساعات رهين مثل هذه الأمور.

ثانياً: القراءة تنمي مفرداتك وذخيرتك اللغوية، وتزيد من تضخم ترسانتك من الكلمات والعبارات، وهذا وإن كان موجودً في محتوى الصوت والصورة إلا أنه أقل بكثير مما هو الحال على القراءة، ولا ننسى أن الكثير من مقاطع الفيديو لغتها عامية ومبتذلة، والقليل النادر الذي يهتم بالفصيح من الكلام. فأقصر وأسهل طريق للتمكن من ناصية اللغة الإكثار من قراءة الكتب الجيدة، وخير من ذلك كثرة تلاوة القرآن، مع الاستعانة بتفسير مختصر كـ(المختصر في تفسير القرآن)، فإن لذلك سر عجيب.

ثالثاً: عندما تقرأ فالكتاب يعطيك، ضلع واحد للمشهد، وأنت عليك أن تتخل بقية الأضلاع لتكون صورة حية للمشاهد ، لذلك فالفكر وإعمال العقل في جانب القراءة واضح جداً، ومن جرب عرف، وذلك لأن قراءتك لشيء يعمل على تقوية مهارات التفكير التحليلية لديك أما عند مشاهدك لمحتوى مرئي فإنك تكون متلقياً فقط، ولا تحتاج لمجهود ذهني لاستيعاب  ما تشاهد.

رابعاً: من الفوائد الجليلة للقراءة الكتابة... كيف تكون القراءة مفيدة للكتابة؟ كل الكُتّاب مجمعون على أنه لكي تكون كاتباً مبدعاً ؛ عليك أن تكون قارئا نهماً، أي أنك تقرأ أضعاف مضاعفة مقارنة بما تكتب، فالقراءة وقود الكتابة وهذا يشمل على مستوى المقال والقصة القصيرة فضلاً عن الكتب والبحوث وغيرها، كثرة قراءتك تؤهلك لتكون كاتبا.

 

خامساً: المتعة... هل المتعة في مشاهدة شيء مرئي أم قراءة شيء مكتوب؟ في الحقيقة متعة القراءة لا تدانيها متعة لمن أتقن فن القراءة فـ(حب القراءة من النعيم المعجل في الدنيا) كما قال أحد العلماء المعاصرين، فمن يظن أن المتعة والترفيه أكمل ما تكون في ما هو مرئي فقد أبعد النجعة وجانب الصواب.

ومن المعلوم أن أول أمر من بين آلاف الأوامر في القرآن كان (إِقْرَأْ)،( واللبيبُ بالإشارة يفهمُ).

وفي النهاية لا سبيل للمقارنة بين القراءة من السطور ومتابعة الشاشات سواء عملاقها ذات الأمتار الكثيرة أو صغيرها ذات البوصات المعدودة...وللأمانة فالمحتوى المرئي له أهمية كبيرة جداً ويغطي جوانب لا يستطيع الكتاب تغطيتها. لكن غلب على الناس التفرج على الشاشات بمختلف أحجامها لمشاهدة التافه والضار وتخلَّوا عن القراءة...فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحل الشاشة محل الكتاب وقد أقسم الله سبحانه فقال (وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ) وقال سبحانه (وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ)

فلا تكن مأسوراً لمشاهدة المحتوى المرئي فقط، وتحرم نفسك فوائد القراءة الكثيرة جداً.

والله المستعان وعليه التكلان،،،