البشرى للمؤمن في الدنيا والآخرة
ويقول العلامة السعدي رحمه الله: والبشارة في الدنيا: فما يراه العبد من لطفه به وتيسره لأحسن الأعمال والأخلاق, وصرفه عن مساوئ الأخلاق.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالبشارة قد تكون بما يسوء الإنسان, أو بما يسره, وسواء بشر بهذه أو بتلك, فإن أثر ذلك يظهر عليه, فالبشارة بالخير تجعله يفرحُ ويُسرُّ, والبشارة بالشرِّ, تجعله يغتمُّ ويحزن.
ومن فضل الله عز وجل أن العبد المؤمن له البشرى الحسنة في الدنيا وفي الآخرة, فبشرى الآخرة في ثلاثة مواطن, قال الإمام القرطبي رحمه الله: قال وكيع وابن زيد: البشرى في ثلاثة مواطن: عند الموت, وفي القبر, وعند البعث
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: فإذا مات تلقّته الملائكةُ بالبشرى من ربه بالجنة, وبأنه لا خوف عليه ولا حُزن, وينتقل من سجن الدنيا وضيقها, إلى روضة من رياض الجنة ينعم فيها إلى يوم القيامة.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: ما يحصل للمؤمن من البشرى, ومسرة الملائكة بلقائه, ورفقهم به, وفرحه بلقاء ربه, يهون عليه كل ما يحصل من ألم الموت, حتى يصير كأنه لا يحس بشيء من ذلك.
وقال العلامة السعدي رحمه الله: أما في الآخرة, فهي البشارة برضا الله وثوابه, والنجاة من غضبه وعقابه, عند: الموت, وفي القبر, وعند القيام إلى البعث, يبعث الله لعبده المؤمن في تلك المواضع بالبشرى على يدي الملائكة, كما تكاثرت بذلك نصوص الكتاب والسنة وهي معروفة....وتمام البشرى بدخول جنات النعيم, والنجاة من العذاب الأليم.
وما أحلى هذه البشارة وأحسنها, قال زيد بن أسلم في قوله تعالى: { إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [الأحقاف:12] قال: يبشر بذلك عند موته وفي قبره ويوم يبعث, فإنه لفي الجنة, وما ذهبت فرحة البشارة من قلبه .
أما البشارة في الدنيا: فمنها: الثناء الحسن, فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله أرأيت الرجل يعملُ العمل من الخير, ويحمده أو يحبه الناس عليه ؟قال: ( «تلك عاجل بشرى المؤمن» ) [مسلم] قال العلامة السعدي رحمه الله: ومن البشرى في الحياة الدنيا: الثناء الحسن, فإن كثرة ثناء المؤمنين على العبد شهادة منهم, والمؤمنون شهداء الله في أرضه.
وهناك أنواع من البشرى في الدنيا ذكرها العلماء, يقول العلامة العثيمين رحمه الله: من البشرى الرؤيا الصالحة يراها الإنسان لنفسه أو يراها له مؤمن...مثل أن يرى من يُبشرُ بالجنة, أن يرى أنه في نعيم..
ومن البشرى أيضاً: أن يُوفق للعمل الصالح, فإذا رأيت الله سبحانه وتعالى وفقك للعمل الصالح المبنى على الإخلاص والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإن هذا من البشرى.
ومن البشرى أيضاً: أن يوفقك الله عز وجل لمصاحبة الأخيار.
ومن البشرى أيضاً: أن يحب الإنسانُ ما يُحبُّه الله."
ويقول العلامة السعدي رحمه الله: والبشارة في الدنيا: فما يراه العبد من لطفه به وتيسره لأحسن الأعمال والأخلاق, وصرفه عن مساوئ الأخلاق.
ومن البشرى: أن يقدر الله على العبد تقديراً يحبُّهُ أو يكرهُهُ, ويجعل ذلك التقدير وسيلة إلى صلاح دينه, وسلامته من الشرِّ.
ومن البشرى في الحياة الدنيا: محبةُ المؤمنين للعبد, لقوله تعالى: { إنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَيَجعَلُ لَهُمُ الرَّحمـنُ وُدًّا } [مريم:98] أي: محبة منه لهم, وتحبيباً لهم في قلوب العباد.
وأما البشارة في الدنيا التي يعجلها الله للمؤمنين- نموذجاً وتعجيلاً لفضله, وتعرفاً لهم بذلك وتنشيطاً لهم على الأعمال- فأعظمها: توفيقه لهم للخير, وعصمتُه لهم من الشِّر, كما قال صلى الله عليه وسلم: « أما أهل السعادة, فييسَّرون لعمل أهل السعادة» فإذا كان العبد يجد أعمال الخير ميسرةً له, مسهّلةً, ومحفوظاً بحفظ الله عن الأعمال التي تضُرُّه, كان هذا من البشرى التي يَستدلُّ بها المؤمن على عاقبة أمره, فإن الله أكرمُ الأكرمين, وأجودُ الأجودين, وإذا ابتدأ عبده بالإحسان أتمَّهُ.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: