تدبر - اقرأ يا ابن حضير

منذ 2022-10-16

رفع القرآن صاحب قصتنا لمكانة عالية قلما يصل إليها بشر, مكانة من تنزل الملائكة تستمع لتلاوته, ومقام من يشجعه النبي صلى الله عليه وسلم ويستزيده من التلاوة ويبشره باستماع الملائكة إياه.

رفع القرآن صاحب قصتنا لمكانة عالية قلما يصل إليها بشر, مكانة من تنزل الملائكة تستمع لتلاوته, ومقام من يشجعه النبي صلى الله عليه وسلم ويستزيده من التلاوة ويبشره باستماع الملائكة إياه.

قبل سنوات من هذه الحادثة كان صاحبنا مشركاً جاهلاً لا مكانة له ولا قيمة في تاريخ العلم ولا حتى في تاريخ بني عشيرته, وإنما نال ما نال من رفعة بسبب الإسلام وبسبب الصدق مع الله والتعلق بالقرآن, دخل الإسلام على يد أول سفير للإسلام أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ليمهدها لهجرته وبناء دولته, فكان أسيد من السابقين من الأنصار الذين فتح الله قلوبهم للإسلام وتحولوا إلى دعاة صادقين عاملين حملوا هم الرسالة وفتحوا لها قلوبهم وفتحوا لأهلها بيوتهم واستقبلوا إخوانهم المهاجرين خير استقبال , ونال الإسلام منهم خير وفادة.

لازال القرآن بين أيدينا ولا زلنا في مضمار السباق فهل سعينا لنيل مكانة كمكانة ابن حضير؟؟؟

روى البخاري عن أسيد بن حضير رضي الله عنه قال: «بينا هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة عنده إذ جالت الفرس, فسكت فسكنت, فقرأ فجالت الفرس,فسكت فسكنت, ثم قرأ فجالت الفرس, فانصرف, وكان ابنه يحيى قريباً منها, فأشفق أن تصيبه, فلما أخذه رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها, فلما أصبح حدث النبي صلى الله عليه وسلم فقال : اقرأ يابن حضير, قال : فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى, وكان منها قريباً, فرفعت رأسي وانصرفت إليه, فرفعت رأسي إلى السماء, فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح, فخرجت حتى لا أراها, قال: وتدري ما ذاك؟ قال : لا , قال : تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم. [ رواه البخاري] .»

نزلت الملائكة تستمع وتستمتع بتلاوة أسيد, وفي هذا بشرى وباب مفتوح لسباق القراء وارتقائهم, فهل زينا القرآن بأصواتنا؟؟!!!

 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «يقال لقارئ القرآن: اقرأ، وارتق، ورتل، كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها» .

والمقصود بقارئ القرآن في الحديث: هو الذي كان يتلوه في الدنيا حق تلاوته، ويعمل بأحكامه، فيأتمر بأوامره، ويزدجر عن نواهيه، فهذا قارئ القرآن الذي يقرؤه رغبة فيه.

وذكر الرسول عليه الصلاة والسلام أن من ثوابه أنه يقرأ يوم القيامة، كما كان يقرأ في الدنيا، وأن منزلته في الجنة عند آخر آية يقرؤها، فقد ورد عن عائشة -رضي الله عنها- أن عدد درج الجنة عدد آي القرآن، فمن دخل الجنة من أهل القرآن، فليس فوقه درجة. قال الحاكم: إسناده صحيح.

والتغني بالقرآن مأمور به شرعًا، فقد جاء في صحيح البخاري، وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن» . أي: يحسن به صوته

والأحاديث التي تحض وتشجع على التغني بالقرآن كثيرة ومنها: [ما رواه البخاري، ومسلم]  عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  «ما أذن الله ما أذن لنبي حسن الصوت، يتغنى بالقرآن» .

ومنها: ما رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، والدارمي عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « زينوا القرآن بأصواتكم» .

ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سمع أبا موسى الأشعري يقرأ القرآن، ويتغنى به، ويحبره، قال:  «لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود» [رواه البخاري ومسلم]

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
في ضوء (يا أصحاب سورة البقرة) .. صاحب من أنت؟
المقال التالي
هدى للمتقين