تصدع في المجتمع المسلم!

منذ 2022-11-15

الأسرة هي اللبنة الأساسية التي يتكون منها المجتمع؛ فالمجتمع عبارة عن بناء يتكوّن من مجموعة من اللَّبِنات، ثم المادة اللاصقة التي تربط هذه اللبنات، أو العلاقة بين الأُسَر وبعضها.

عندما تجد واحدةً من أكبر المجلات العالمية تُخصِّص تحقيقها الصحفي الرئيسي عن تفشّي ظاهرة الطلاق في المجتمعات العربية، وأن نِسَب حدوثها أصبحت تفوق نِسَب حدوثها في الولايات المتحدة؛ هنا يجب أن نتوقّف، ونبدأ في التفكير.. ماذا يحدث بالضبط؟

فقد نشرت مجلة الإيكونومست البريطانية منذ عدة أسابيع تقريرًا، كشفت فيه عن ارتفاع حالات الطلاق في العديد من الدول العربية، مشيرةً إلى ارتفاع نِسَبة النساء اللواتي يبدأن إجراءات الطلاق مقارنةً بالسنوات الماضية.

وأوضح التقرير أن ظاهرة الطلاق أصبحت أمرًا شائعًا بشكلٍ متزايدٍ مؤخرًا في الدول العربية، فيما تراجعت نِسَبها في الدول الغربية بحسب التقرير، ويستند تقرير المجلة في بياناته إلى دراسات بحثية عديدة نُشرت في الشرق الأوسط تفيد انتشار حالات الطلاق في الـ22 دولة عربية التي يقطنها أكثر من 400 مليون عربي؛ حيث أصبح الطلاق ظاهرةً تَرصدها جهات حكومية رسمية كل دقيقة.

وتشير المجلة إلى مصر؛ حيث تضاعفت حالات الطلاق منذ العام 2000م بعدما أصبحت العملية أسهل على النساء نتيجة تعديلات بالقوانين.

أما في الأردن ولبنان وقطر والإمارات العربية المتحدة، فيقول تقرير المجلة: إن أكثر من ثلث الزيجات تنتهي بالطلاق، وفي الكويت تتجاوز ذلك، وتصل إلى النصف تقريبًا، وهي نسبة أعلى منها في الولايات المتحدة؛ كما تزعم المجلة.

وقد يتشكك البعض في هذا التقرير الصادر عن جهات غير إسلامية، ويَعتبره حملة صحفية، لها أسبابها الناتجة عن كُرْه دفين ومعروف تجاه الإسلام والمسلمين، ومحاولة لزلزلة المجتمعات المسلمة التي ظلت مشهورة بتماسكها وصلابتها عند مقارنتها بنظيرتها الغربية، ولكنْ عند الرجوع للجهات الرسمية العربية والإحصائيات الصادرة عنها، والتي تنشرها من واقع السجلات الخاصة بالأحوال الشخصية يُلاحَظ الآتي:

في أغسطس الماضي، أي منذ أقل من شهرين، أصدر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر (وهي الجهة الحكومية المصرية الرسمية التي تختص بالإحصائيات الرسمية) تقريرًا كشف فيه عن أن نسبة الطلاق في عام 2021م، قد ارتفعت بنسبة 14.7 بالمئة مقارنةً بالعام الذي سبقه 2020م؛ حيث سجَّلت مصر خلال عام 2021م، 254 ألفًا و777 حالة طلاق، بينما كانت 222 ألفًا و39 حالة في عام 2020م.

كما كشف التقرير عن أن زيادة نسبة الطلاق كانت واضحة بين الشباب في الفئة العمرية من 25 إلى 35 عامًا؛ مما جعل مصر في صدارة دول العالم من حيث عدد حالات الطلاق وليس النسبة.

أما التقرير الصادر عن مركز معلومات مجلس الوزراء المصري فإنه يكشف عن نسبة الطلاق بطريقة أدق؛ فيذكر أنه يتردد نحو مليون حالة سنويًّا على محاكم الأسرة بمصر، وتقع 240 حالة طلاق يوميًّا بمعدل عشر حالات طلاق كل ساعة. ويشير تقرير المركز إلى أن مصر تحتل المركز الثاني بين الدول العربية من حيث نسبة الطلاق إلى إجمالي الزيجات؛ حيث ارتفعت نِسَب الطلاق خلال الخمسين عامًا الأخيرة من 7% إلى 40٪، ووصل عدد المطلقات إلى ثلاثة ملايين مطلقة لتحتلَّ مصر المركز الثاني في نِسَب الطلاق من بين الدول العربية.

أما الكويت، والتي ذكرها تقرير الإيكونومست، فهي تحتلّ المركز الأول في المنطقة العربية في نِسَب الطلاق؛ إذ إن نِسَب الطلاق تصل إلى النصف تقريبًا من حالات الزواج، فوفقًا للكتاب الإحصائي التفصيلي الذي أعدَّه قطاع تكنولوجيا المعلومات والإحصاء بوزارة العدل الكويتية؛ فإن عدد حالات الطلاق في الكويت في عام 2020م بلغت 5932 حالة طلاق، بينما ارتفع هذا العدد إلى 8014 حالة طلاق في عام 2021م، مسجلاً أعلى نسبة في خمس سنوات؛ أي خلال الفترة ما بين 2017 و2021م، لترتفع نسبة الطلاق في البلاد إلى 48% من إجمالي عدد الزيجات.

وتؤكد صحيفة الرأي الكويتية أن الأرقام الرسمية تظهر ارتفاع معدلات الطلاق في الكويت، بحيث بات معدل عدد المطلقات يوميًّا يصل إلى نحو 15 مواطنة.

ووفق تقرير نشرته الجزيرة؛ فإن نِسَب الطلاق في بعض الدول العربية كانت كالآتي: فقد تساوت كل من لبنان والإمارات رغم الفروق الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة بينهما في نسبة الطلاق، بينما ارتفعت نسبة الطلاق في كلٍّ منهما إلى 34%؛ وتلتهما كلّ من السودان بنسبة وصلت إلى 30%، والعراق بنسبة 22.7%، ثم السعودية بنسبة 21.5%.

بينما في العراق، ففي آخر إحصائية شهرية نشرها مجلس القضاء الأعلى العراقي، لحالات الزواج والطلاق، بلغ عدد الزيجات الجديدة في شهر يونيو الماضي أكثر من 32 ألف حالة زواج، فيما بلغ عدد حالات الطلاق نحو 6330 حالة طلاق، أي تم تسجيل أكثر من 211 حالة طلاق في اليوم الواحد.

ولا شك أن الأرقام المخيفة السابقة هي صدمةٌ للكثيرين.

وهنا يُثَار كثير من الأسئلة؛ منها:

ما خطورة الطلاق المنتشر والمتفشي في الأُسَر العربية على الأمة الإسلامية وهي تحلم بالصعود مرة أخرى لكي تستعيد رسالتها بين الأمم؟

كيف نبدأ علاج هذا الشرخ في جدار الأسرة العربية المسلمة؟

للإجابة عن هذه الأسئلة يجدر بنا معرفة دور الأسرة في المجتمع المسلم، وتأثير انتشار ظاهرة الطلاق على هذا الدور، ثم نعرج إلى تقصّي أسباب انتشار الظاهرة.

 

مكانة الأسرة في المجتمع المسلم:

الأسرة هي اللبنة الأساسية التي يتكون منها المجتمع؛ فالمجتمع عبارة عن بناء يتكوّن من مجموعة من اللَّبِنات، ثم المادة اللاصقة التي تربط هذه اللبنات، أو العلاقة بين الأُسَر وبعضها.

فإذا كانت اللَّبِنة نفسها قوية، فإنه يُنتَظر في الغالب بأن يكون البناء نفسه راسخًا ثابتًا وقويًّا، أما إذا كانت اللبنة نفسها ضعيفة وهشَّة، فإن الذي لا شك فيه هو انهيار البناء المحتم بعد أن يمر لفترة وجيزة بمرحلة التشقق والتصدع.

ونحن نرى كثيرًا من المجتمعات خارج بلاد المسلمين، وخاصةً في الغرب، تعاني من التفكك الأُسَري مما دفَع المفكرين الغربيين إلى إطلاق صيحات التحذير من قرب انهيار هذه الدول.

أما في مجتمعاتنا المسلمة فالأمر مختلف؛ لأن وضع الأسرة له خصوصية تنبع من شرائع الإسلام ومناهجه، والتي تكون فيه الأسرة كما يشبّهها بعض الباحثين بأنها خلافة مصغّرة؛ حيـث تشـتمل علـى راعٍ ورعيَّـة، ويحكمهـا دسـتور إلهـي حُـدِّدت فيـه الحقـوق والواجبـات الكفيلـة بسـعادة ودوام استقرارها، وإذا كانت الخلافة الإسلامية قد أُلغيت في غفلة وتخاذل من المسـلمين، مقابـل مَكـر وتخطيط من أعدائهم ـ وبنـاء علـى هـذا تكـون بـذرة الخلافـة موجـودة فيهـا، ومـن الممكـن في أيّ وقت أن تنبت منها شجرة الخلافة الكبرى.

لذلك توجّهت المخططات الاستعمارية نحو الأسرة المسلمة منذ وقوع أراضي المسلمين فريسةً للاحتلال العسكري الغربي؛ باعتبارها الوحدة الأساسية التي يتكوّن منها المجتمع المسلم.

وإذا كان الغزو المسلح تم توجيهه لكسر شوكة المسلمين المادية؛ فإن الغزو الفكري صُوِّب نحو عقول المسلمين، واستهدف في المقام الأول العلاقات داخل مكوّنات الأسرة في بلاد المسلمين.

والأسرة تتكون من جزأين: أفراد الأسرة من أب وأم وأبناء، وعلاقات بين هؤلاء الأفراد.

والعلاقات تتعدد داخل الأسرة، فهناك في البداية علاقة الزواج بين الرجل والمرأة، ثم تأتي علاقة الأُخُوَّة بين الأبناء، أو العلاقة المتبادلة بين الأبناء تجاه آبائهم أو علاقة الأبوين تجاه الأبناء.

هذه المكونات، سواء كانت الأفراد أو العلاقات المتشابكة داخل الأسرة، كانت دائمة مستهدَفة بالخطط والبرامج؛ الأمر الذي نتج عنه ما نراه الآن من مظاهر التفكك الأسري، وفي مقدمتها انتشار الطلاق.

 

أسباب انتشار ظاهرة الطلاق:

تتعدد أسباب انتشار ظاهرة الطلاق التي تراها المؤسسات الاجتماعية، ويعزو إليها الباحثون الذين يرصدون الظاهرة، عندما يحلّلون عوامل تفشي ظاهرة الطلاق غير المألوفة في مجتمعاتنا.

فالبعض يُرجعها إلى أسباب اقتصادية؛ فقلَّة دَخْل الزوج في بعض الحالات والذي لم يعد قادرًا أو لا يكفيه هذا الدخل لتوفير احتياجات المنزل والإنفاق على الأولاد وعلى تعليمهم ودروسهم، ودفع الإيجار وفواتير الغاز والمياه والكهرباء، كل ذلك يؤدي إلى تفشّي الخلافات الأسرية والتي تصل في النهاية إلى الطلاق.

ويُلاحظ عبد الحافظ الصاوي، وهو أحد أهم الباحثين المصريين المتخصصين في الاقتصاد، أن تأثيرات الاقتصاد بارزة في الزواج والطلاق في مصر، وهو ما أكَّدته الإحصاءات، مشيرًا إلى أن الأعباء المالية المتزايدة بعد جائحة كورونا ستواصل التأثير سلبًا على معدلات الارتباط والطلاق بالبلاد، وفق تقديره، ويشير الصاوي في حديث له مع أحد المواقع الإخبارية، إلى أن البُعد الاقتصادي يعد أكثر الأبعاد إلحاحًا في المجتمع المصري للمتزوجين أو للمقبلين على الزواج، خاصةً في هذه الأوقات التي يعاني فيها 30% من المصريين من الفقر، ويلاحق 30% آخرين شبح الفقر، وهي الأرقام التي أكَّدتها تقديرات البنك الدولي في مايو 2019م؛ إذ كشفت عن أن نحو 60% من سكان مصر إما فقراء أو عُرضة للفقر.

فنمط الفقر الذي يتحدث عنه الصاوي، ليس الفقر المعتاد، والذي يستوطن كثيرًا من المجتمعات في تاريخ البشرية، بل هو الفقر الذي يجعل المرء مثقلاً بالديون، عاجزًا عن الدفع، وينتهي به الحال إلى العجز عن الإنفاق ومِن ثَمَّ انهيار الزواج.

ولكنَّ الصاوي لا يتحدث أو يفسّر، أنَّ الدراسات توضّح ازدياد حالات الطلاق ليست في الأوساط الفقيرة فقط، بل أيضًا في البيئات الغنية، والتي يتوفر لعائلها سُبُل العيش الرغيد.

وهذا يجرّنا إلى نوعية جديدة من الأسباب التي تؤدّي إلى الطلاق، وهي انتشار مفهوم النسوية الغربية، والذي يُعيد تشكيل فكر المرأة وتعاملها في حياتها، وخاصةً دورها ومكانتها في الأسرة.

وقد رفعت راية النسوية في مجتمعاتنا وتبنّتها جمعيات أهلية ذات تمويل غربي، تتَّخذ من الدفاع عن حقوق المرأة منهجًا وترفعها شعارًا.

هذه الأفكار ساهمت في زيادة إصرار النساء على عدم تحمُّل مسؤولية المنزل والأطفال، كما أجَّجت رغبتهن في المشاركة والنزول إلى سوق العمل، وهذا ما جعَل المرأة تطالب زوجها بحمل جزء من العبء المنزلي، ومشاركتها في تربية الأطفال ورعايتهم، والاعتناء بنظافة المنزل وترتيبه؛ الأمر الذي فتح الباب للنزاعات التي قد تصل للطلاق.

إن أخطر ما قامت به هذه الأفكار هي خلخلة الوظائف التي يقوم بها الرجل والمرأة في الأسرة، فأصبح الصراع بينهما هو سيد الموقف.

وبحسب دراسة جديدة أجراها بروفيسور ميشيل روزنفيلد من قسم علم الاجتماع بجامعة ستانفورد الأمريكية، ونشرتها صحيفة «ذا ديلي ميل» البريطانية، فإن هناك ارتفاعًا واضحًا في الحالات التي تطلب فيها المرأة الطلاق من زوجها بسبب رفضها القيام بالمهام المنزلية والعناية بالأطفال، بالإضافة إلى كسل زوجها ورفضه مساعدتها في ذلك.

وبحسب الدراسة التي أُجريت على المرأة في أمريكا؛ فإن العلاقة بين الطرفين تسوء على إثر الشجارات المتكررة حول الموضوع ذاته، وتتسبّب بالإحباط للمرأة ممَّا يدفعها لاحقًا إلى اتخاذ قرار حاسم بالانفصال وترك المنزل. وفي إطار التجربة قام الباحثون بدراسة حالة 2262 من الأزواج (غير المنفصلين) تراوحت أعمارهم بين 19 و64 عامًا، وقاموا بمتابعة حياتهم على مدار 6 أعوام ابتداءً من 2009م.

فتبين أنه خلال فترة الدراسة انفصل 371 زوجًا من بينهم، وكانت النساء في 69% من الحالات هن من طلبن الانفصال، وسعين إليه؛ بسبب إحباطهن من القيام بالأعمال المنزلية، والانزعاج الشديد من خمول الزوج وإهماله لدوره في تحمُّل المسؤولية بهذا الجانب.

ولكن الأخطر في هذه الدراسة هو ما استنتجه الباحث المشرف على الدراسة، وهو البروفيسور ميشيل روزنفيلد، حين توصل إلى أن نتائج الدراسة توضّح أن أسباب الطلاق في هذه الحالات تعود غالبًا لتبنّي المرأة الأفكار النسوية في النظر إلى عالم الزوجية من منظور المساواة التامة في الحقوق والواجبات، ومع تبنّي فكرة أن الزواج بجوهره مُعَادٍ للمرأة، وهي الأفكار التي تروّج لها الحركات النسوية.

وإذا كان البروفيسور الأمريكي يحدد سببًا من أسباب الطلاق في الغرب، وهو انتشار الأفكار النسوية والتي أفرزتها مجتمعاتهم، ولكن هل انتقلت تلك الأفكار إلى مجتمعاتنا المسلمة والتي كانت تتمسك بقِيَمها المستمَدَّة من القرآن والسنة؟

في تحقيق صحفي أجرته الكاتبة فاطمة عبد الرؤوف على بعض الحالات التي تم الطلاق فيها أو على وشك ذلك؛ وجدت الآتي:

زوجة تعمل معلمة على وشك الطلاق تقول لوالدتها ردًّا على نصيحتها بحُسْن التعامل مع زوجها: أستطيع أن أُنفق على نفسي، فأنا أحصل على راتب يساوي راتبه.

وهناك طبيبة شابة تركت منزل الزوجية طالبة للطلاق؛ تقول: إنها لا تقبل أن يعاملها زوجها معاملة أقل من تلك التي تحظى بها في مكان عملها، فهي لم تدرس كل تلك السنوات وتتفوق في دراستها إلا كي تُعَامَل كـ «دكتورة»، وأن على زوجها أن يتعامل معها في البيت بالطريقة نفسها.

وهذه الصحفية التي أقامت دعوى خلع بسبب الغيرة التي يُبديها زوجها بسبب الاختلاط بالزملاء والمصادر أثناء عملها الصحفي، ترى أن هذه هي طبيعة عملها الذي لا يمكنها التنازل عنه، بينما يمكنها التنازل عن هذا الزوج الذي يعيش بعقلية «سي السيد»؛ على حد تعبيرها.

أما هذه الإدارية فابتسمت، وهي تقول: أُنفق مثل ما يُنفق في البيت؛ حتى يكون لي من القرار مثل ما له، فمن يملك يَحكم، وإذا حدث وتم طلاقي، وهو أمر ليس مستبعدًا؛ فأنا لا أحتاج إليه، وإذا خيّرني بين عملي وبينه فلن أتردد في اختيار عملي؛ عملي هو الأمان الحقيقي وليس ظله.

أما هذه الأستاذة الجامعية التي حصلت على الطلاق مؤخرًا فلم يكن هذا الطلاق مفاجئًا على الإطلاق؛ فقد ظلت لسنوات في حالة صراع مع زوجها المشترِك معها في نفس القسم، صراع مَن يُحقّق الدرجة العلمية أولاً، ومَن يحصل على الترقية قبل الآخر، وكانت كثيرًا ما تتَّهمه بأنه يحاول إهدار وقتها الثمين بسبب طلباته الخاصة حتى يثبت أنه الأكثر نجاحًا، بينما هي ترى أن لديها مقوّمات نجاح أعلى منه.. إلى أن حققت هدفها واستردت وقتها، وتم الطلاق.

ولكن كيف تسللت مثل هذه الأفكار إلى مجتمعنا المسلم؟

لا شك أن هناك منظمات وراءها الغرب له طموحه لسيادة أفكاره على الأمم الأخرى؛ لضمان سيطرته وهيمنته على العالم.

وضغط الغرب على دولنا بأدواته الإعلامية والاقتصادية وتلك المنظمات لتنفيذ مخططه في الهيمنة والسيادة الفكرية، لاستمرار هيمنته السياسية.

وتم استغلال وسائل الإعلام الحديثة من قنوات فضائية وبرامج، تبث عليها ليلاً ونهارًا تلك الحركات التي فُتحت لها شاشات الفضائيات تحت شعارات برّاقة خدّاعة حول حرية المرأة؛ من أجل تشويه مؤسسة الزواج، والزعم بأنها مؤسسة للإهانة وخدمة الزوج، مع التحريض الدائم للزوجة على التحرُّر من قدسية الزواج، وتسهيل كلمة الطلاق، مما خلَط الحابل بالنابل، وجعل تلك الحركات تتحمل أوزار ما وصل إليه مستقبل الأسرة المصرية من تقويض وتهديدات.

ثم جاء الإنترنت ودخل البيوت، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر وانستجرام هي مصدر القِيَم الأول، وهي التي تُربّي الأجيال الجديدة من فتية وفتيات، لذلك سهل توصيل وانتقال تلك الأفكار كالنار في الهشيم، حتى وصلنا إلى المآسي الراهنة.

ولكن تلك الأفكار أو الحملة المُنظَّمة لبثّ سموم النسوية تلك ما كانت لتُؤثّر في شبابنا، إلا لأنها وجدت مجتمعًا مستعدًّا لتلقّي تلك الأفكار، فاقدًا للحماية عندما تخلَّى المُصلِحون عن دَورهم وعن رسالتهم؛ سواء بإرادتهم أو على غير إرادتهم.

وفي الختام؛ هل كنا ننتظر تحقيق مجلة غربية حتى نتحرّك ونواجه الأسباب ونعالج جذور المرض وأصل العلة؟!

يجب أن يستيقظ المصلحون ليعدلوا الدفة، ويتوجهوا بالأسرة المسلمة لشاطئ الحق والشرع.

__________________________________________________

الكاتب: حسن الرشيدي