لا تيأس من روح الله تعالى أيها المسلم

منذ 2023-01-10

فما أرحمك يا رب بعبادك! وما أعظم عطاءك لهم! وأنت تطمئن عبادك بأنك عند حسن ظنِّهم بك وإن اقترفوا الذنب، وذلك بمجرد التوبة الصادقة، واستغفارهم ربَّهم من ذنهبم.

يتعرَّض العبد المسلم في حياته اليومية للكثير من نزغات النفس ونفث الشيطان ونزغه، وقد يرتكب نتيجة لذلك بعض الخطايا والذنوب؛ مما يجعله عرضةً لوسوسة الشيطان، الذي قد يدفعه للاكتئاب والقنوط من رحمة الله تعالى.

 

ولكن العبد المسلم ما أن يُبادِر للتوبة، وطلب المغفرة من الله تعالى، حتى يجد الله تعالى غفورًا رحيمًا، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول الله تعالى: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرتُه في ملأ خيرٍ منهم، وإنْ تقرَّبَ إليَّ بشبر تقرَّبْتُ إليه ذراعًا، وإنْ تقرَّبَ إليَّ ذراعًا تقرَّبْتُ إليه باعًا، وإنْ أتاني يمشي أتيتُه هرولةً».

 

فما أرحمك يا رب بعبادك! وما ألطفك بهم! وما أعظم عطاءك لهم! وأنت تطمئن عبادك بأنك عند حسن ظنِّهم بك وإن اقترفوا الذنب، وذلك بمجرد التوبة الصادقة، واستغفارهم ربَّهم من ذنهبم.

 

ومن هنا فإن على العبد المسلم أن يكون متطلِّعًا دومًا إلى رحمة الله تعالى، ولا يستسلم لهواجس اليأس والقنوط التي تنتابه بوسوسة الشيطان، عندما يرتكب ذنبًا؛ بل عليه المبادرة للتوبة، وطلب المغفرة من الله سبحانه وتعالى بيقين تام، وحُسْن ظَنٍّ مُطلَق، ودون تردُّد، وسيجد الله تعالى غفورًا رحيمًا، مسارعًا بلطفه- جل وعلا- بقبول التوبة والمغفرة؛ لانتشال عبده المسلم من درك المعصية، والخروج به إلى فضاء الرِّضا والقبول.

 

فليكن ديدن العبد المسلم، في علاقته مع ربِّه الكريم، قائمًا على نهج التوسُّل بقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 286]؛ لكي يتخطَّى أي تداعيات للإحباط والقنوط قد تساوره؛ ومِن ثَمَّ يحظى برِضا الله وعفوه ومغفرته، وذلك هو الفوز المبين