رسالة إلى كل أم
إن أطفالكِ يتأثرون بكِ؛ فأنتِ إما أن تغرسي فيهم العقيدة الإسلامية، وأخلاق الإسلام وقِيَمَه؛ فينشؤوا أئمة وعلماءَ، وقادة للخير، تنهض بهم الأمة، أو تتركيهم بغير توجيه، وينشؤوا بلا هدف ولا قيمة، ويكونَ بهم انحطاط الأمم.
بل رسالة إلى صانعة الأجيال، ومنشئة الأبطال، إلى من هي سبب رِفْعة الأمم أو انحطاطها، مَن تُرضِعَ ابنها وتُنْشِئَه على الهِمَمِ العالية، أو على التفاهات والصغائر.
أيتها الأم المسلمة: إن مسؤوليتك أمام الله عظيمة، وهي تكمن في أمور كثيرة؛ منها:
• أن تملئي قلبكِ بالإيمان، وبطاعة الواحد الدَّيَّان وبالقرآن.
• أن تتقي الله في رعيتكِ، فإنكِ مسؤولة عن هذه الرعية؛ فاغرسي في قلوبهم الإيمان والحب والطموح.
• أن تحذري هذه الفتنَ التي ماجت وراجت في سوق المسلمين، وأن تكُفِّيها عن بيتكِ المسلم؛ لتكوني حارسة أمنية على الجيل، ومربية لهم.
أيتها الأم المسلمة:
إن أطفالكِ يتأثرون بكِ؛ فأنتِ إما أن تغرسي فيهم العقيدة الإسلامية، وأخلاق الإسلام وقِيَمَه؛ فينشؤوا أئمة وعلماءَ، وقادة للخير، تنهض بهم الأمة، أو تتركيهم بغير توجيه، فينغمسوا في حب الدنيا والملذات والشهوات، وينشؤوا بلا هدف ولا قيمة، ويكونَ بهم انحطاط الأمم.
هذه أسماءُ بنتُ أبي بكر ربَّت عبدالله بن الزبير إمامًا وزعيمًا، وقائدًا وشجاعًا، وخطيبًا ومفسرًا، وقائدًا عبقريًّا، وشهيدًا في سبيل الله، أتاها يقول: "أخشى يا أماه أن يمثِّل بي أعدائي بعد القتل، قالت: وما يضر الشاة سلخها بعد ذبحها، تقدم إلى الموت شجاعًا".
وهذا البخاريُّ قد نشأ يتيمًا ضريرًا في حِجْر أمِّهِ، فتعهدته بالرعاية والدعاء، ودفعته إلى التعلم والصلاح، ورحلت به وهو في سن السادسة عشرة إلى مكة للحج، وتركته هناك ليطلب العلم، فرجع ليكون هو البخاري.
وكذلك الشافعي وأحمد بن حنبل ومالك، أصحاب المذاهب الفقهية المشهورة، لو قرأنا سيرتهم، لوجدنا أن الفضل يعود بعد الله تعالى لأمهات عظيمات، لولاهنَّ ما ظهروا، ولا فازوا بهذه المكانة الرفيعة.
أيتها الأم المسلمة:
إن ضياعَ كثيرٍ من شباب اليوم سببُه الأمُّ، أمٌّ غير واعية بدورها ومسؤوليتها، أمٌّ تخلَّت عن وظيفتها الأساسية، وظنت أن كِيانها ونجاحها ووجودها إنما يكون في المناصب، ولم تدرك أن كيانها ونجاحها الحقيقي في نجاحها في وظيفتها كأمٍّ ومنشئة للأجيال، ومهما وصلت لأعلى المناصب، وأرقى الوظائف، إذا لم تنجح في وظيفتها الأساسية، فلا قيمة لكل ذلك.
تركت أولادها إما عند الأهل، أو في دور الحضانة ليربيهم غيرها، فعاثوا في البيت والمجتمع فسادًا؛ لأنهم لم يجدوا أمًّا توجههم، وتغرس فيهم قيم الإسلام وأخلاقه، وامرأة أخرى عَصَتِ الله عز وجل فضاع دينها، وضاع قلبها، وضاع بيتها، وثالثة تظن أن الحياة أكل وشرب ونوم وجمعُ مالٍ، فغفلت عن رسالتها، ومن ثَمَّ ضاع أبناؤها، وظنَّت أن وظيفتها أن تُطْعِمَ أبناءها، وترتقي بهم في التعليم، وتقوم بمساعدتهم على الزواج فقط، هذه الأصناف من الأمهات لا نريدها، ونسأل الله أن يصلحها.
قال شوقي:
ليس اليتيم من انتهى أبواه مِـــن ** همِّ الحياة وخلَّفاهُ ذليـــــلا
فأصاب في الدنيا الحكيمة منهما ** وبحُسن تربية الزمان بديلا
إن اليتيم هو الذي تَلْقَى لـــــــــه ** أُمًّا تخلَّت أو أبًا مشغــــــولا
أيتها الأم المسلمة:
نريد أمًّا تعلم وتعرف طريقها إلى الله عز وجل، تحفظ أبناءها من الفتن، ترعى بيتها؛ لأن الأم في الإسلام مسؤوليتها بيتها، ووظيفتها بيتها، ورسالتها في بيتها، وهكذا أراد الإسلام للأم أن تكون، وهذا لا يمنع أن تعمل إذا احتاجت للعمل، ولكن بشرط ألَّا تقصر في أداء وظيفتها الأساسية.
أيتها الأم المسلمة:
كوني لأبنائكِ الصديقة المقربة التي يلجؤون إليها، واحرصي على مراقبة أبنائكِ - حتى لو دون أن يشعروا - واغرسي فيهم حب الله تعالى ومراقبته لهم، والخوف منه ومن عذابه، وعلِّميهم العقيدة الإسلامية الصحيحة، وما يحتاجونه من أحكام الفقه؛ علميهم كيف يتطهرون ويصلُّون، وألزمي بناتكِ الحجابَ الشرعي؛ فإننا مأمورون من الله تبارك وتعالى بذلك، علميهم أخلاق الإسلام وآدابه، وراقبي أبناءكِ واختياراتهم لأصدقائهم، وما يشاهدون وما يقرؤون، واعلمي أن الإنترنت سلاح ذو حدين؛ فكوني مع أبنائكِ دومًا؛ حتى تتعرفي على المواقع التي يدخلونها، وأخبريهم أن الإنترنت بحر ليس له نهاية، وأن عليهم أن يأخذوا منه ما ينفعهم في دنياهم وآخرتهم.
وأخيرًا أخواتي الأمهات: أوصي نفسي وأوصيكن بتقوى الله، والحرص على طاعة الله تعالى في السر والعلن، وأدعو الله الحي القيوم أن يجنِّبَنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
_________________________________________________
الكاتب: هبة حلمي الجابري
هبة حلمي الجابري
خريجة معهد إعداد الدعاة التابع لوزارة الأوقاف بجمهورية مصر العربية
- التصنيف: