تربية الأولاد على الدعوة إلى الله

منذ 2023-07-25

إن الولد إذا تعلَّم منذ صغره أمور دينه من صلاة وصدقة وصدق وحب الخير وبغض الحرام وقراءة القرآن والذكر، نما وكبر على ذلك، وسهل عليه فيما بعد المواظبة على معظم تعاليم الدين الإسلامي.

الدعوة إلى الله وإلى دينه الإسلام من أفضل الأعمال وأقرب القربات، بعث الله رُسُله وأنبياءه للقيام بهذه الدعوة، ثم حثَّ الناس على الدعوة إليها، قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}  [آل عمران: 104]، وجعل الخير في هذه الأمة بسبب الدعوة إلى الله، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}  [آل عمران: 110].

 

أيها الأباء وأيتها الأمهات، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبلغ عنه ولو بآية، كما قال صلى الله عليه وسلم: «بلِّغُوا عني ولو آية»؛ (رواه البخاري)، وأولادنا عندما نربيهم على الدعوة إلى الله، ليس المقصود دعوة المجتمع إلى الخير وإن كان هدفًا ثانويًّا، لكن الهدف الرئيس هو تعليمهم وتنشئتهم على القيم والأخلاق والآداب التي يتعلمونها.

 

إن الولد إذا تعلَّم منذ صغره أمور دينه من صلاة وصدقة وصدق وحب الخير وبغض الحرام وقراءة القرآن والذكر، نما وكبر على ذلك، وسهل عليه فيما بعد المواظبة على معظم تعاليم الدين الإسلامي، ولكن إن تعلَّم في صغره الغش والكذب ومشاهدة الحرام في المنزل أو في التلفاز، نما وكبر على ذلك، وبات من الصعب جدًّا تغيير أصل ما حدث في نفسه، وما رسخ في ذاكرته ووجدانه.

 

تقول أم حنين: ربيت ابنتي على الصلاة والحجاب وحفظ كتاب الله والأذكار، أنا أسكن بعيدًا عن أسرتي بسبب عمل زوجي، عندما سافرت إلى أهلي، لاحظ الصغار والكبار سلوك ابنتي ومحافظتها على الصلاة والأذكار، عند الطعام ودخول الخلاء وعند النوم، مما كان له الأثر الكبير على نفوسهم، بل جعل بعض الصغار يقلدونها.

 

وتقول إحدى المعلمات عن طالباتهن الصغار: يمتلك الصغير حماسة كبيرة تجاه ما يشعره أنه صار كبيرًا، وعنده جرأة في إنكار المنكر دون محاباة أو حرج، ويحب تقليد والده ومُعلِّمه، وعنده قدرة عالية على تخزين المواقف التربوية الإيجابية، ولديه سعة خيال وميل لاكتساب المهارات والهوايات، ثم سهولة غرس حب الله وحب نبيِّه والسلف الصالح بأسلوب قصصي جذاب في نفسه.

 

وحتى نربي أولادنا على الدعوة إلى الله علينا الانتباه للتالي:

• أن نكون لهم قدوةً صالحةً في سلوكياتنا وآدابنا وتعاملنا مع الآخرين، وفي محافظتنا على العبادات؛ كالصلاة والصيام، ولكل ما ندعو له من خير.

 

• قراءة قصص السيرة النبوية والسلف الصالح لهم، وإبرازهم كقدوات صالحة في نفوسهم، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}  [الممتحنة: 6].

 

• تعويدهم الرجوع إلى العلماء الصادقين المعروفين عند حدوث أي مشكلة لهم في أمور الدعوة إلى الله.

 

• عدم الاعتماد والأخذ بالفتاوى التي تصدر من الإنترنت أو من القنوات المعادية أو من المجهولين.

 

• المشاركة في الأعمال التطوعية مع الجمعيات المصرَّح لها والمعروفة بمنهجها السليم والموافق لكتاب الله وسُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم.

 

• الصبر على الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران عند معارضتهم لهم في الدعوة إلى الله، قال صلى الله عليه وسلم: «عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له»؛ (رواه مسلم).

 

• دلالة الناس على البرامج المفيدة والمواقع التربوية والمقاطع التي تزيد من الإيمان بالله.

 

• استغلال التجمعات الأسرية لتبني بعض المشاريع الدعوية، بالتعاون مع المؤسسات الحكومية والأهلية والاجتماعية والتطوعية.

 

• الحث على المشاركة في حلقات التحفيظ ودروس العلماء المعتبرين، والتأكيد على طاعة أولياء الأمر بالمعروف؛ كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59].

 

• الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة؛ كما قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}  [النحل: 125].

 

• تذكيرهم بالأجر الكبير للدُّعاة إلى الله؛ كما قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}  [فصلت: 33]، وقال صلى الله عليه وسلم: «فواللَّهِ لأنْ يهْدِيَ اللَّه بِكَ رجُلًا واحِدًا خَيْرٌ لكَ من حُمْرِ النَّعَم»؛ (متفقٌ عليهِ).

 

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يصلح لنا ولكم الذرية، هذا وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد.

_____________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش