بين سوق وسوق: وسيق الذين كفروا ..وسيق الذين اتقوا

منذ 2023-10-02

شتان بين صداقة جمعت قلوب أصحابها على اتباع الهوى والشهوات والإعراض عن مالك الأرض والسماوات وبين أخوة جمعت قلوب أصحابها على تقوى الله ومحبته والحياة على مراده

 شتان ما بين إهانة وتكريم, وشتان ما بين مجرم وطائع

شتان بين صداقة جمعت قلوب أصحابها على اتباع الهوى والشهوات والإعراض عن مالك الأرض والسماوات

وبين أخوة جمعت قلوب أصحابها على تقوى الله ومحبته والحياة على مراده والبعد عن معصيته ومخافة ناره ورجاء جنته , والتوبة الفورية إذا ما وقع الزلل.

بين حياة وحياة كان الفارق الهائل في النهايات.

أما الصحبة الأولى أهل الأهواء والعناد والاستكبار والاستعلاء بالدنيا على خالقها وعلى عباده , فهذه نهايتها المحتومة:

{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71)} [الزمر]

{{ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ }}  أي: سوقا عنيفا، يضربون بالسياط الموجعة، من الزبانية الغلاظ الشداد، إلى شر محبس وأفظع موضع، وهي جهنم التي قد جمعت كل عذاب، وحضرها كل شقاء، وزال عنها كل سرور، كما قال تعالى:  {{ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا } } أي: يدفعون إليها دفعا، وذلك لامتناعهم من دخولها.
ويساقون إليها
{ { زُمَرًا }}  أي: فرقا متفرقة، كل زمرة مع الزمرة التي تناسب عملها، وتشاكل سعيها، يلعن بعضهم بعضا، ويبرأ بعضهم من بعض.(تفسير السعدي)

وأما صحبة الأخيار فهذه نهايتها المأمولة :

{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)} [الزمر]

 

ثم قال عن أهل الجنة {{ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ }}  بتوحيده والعمل بطاعته، سوق إكرام وإعزاز، يحشرون وفدا على النجائب. { إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا } فرحين مستبشرين، كل زمرة مع الزمرة، التي تناسب عملها وتشاكله.  {{ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا }}  أي: وصلوا لتلك الرحاب الرحيبة والمنازل الأنيقة، وهبَّ عليهم ريحها ونسيمها، وآن خلودها ونعيمها.  {{ وَفُتِحَتْ }}  لهم  {{ أَبْوَابُهَا }}  فتح إكرام، لكرام الخلق، ليكرموا فيها.  {{ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا }}  تهنئة لهم وترحيبا:  {{ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ }}  أي: سلام من كل آفة وشر حال.عليكم  {{ طِبْتُمْ }}  أي: طابت قلوبكم بمعرفة اللّه ومحبته وخشيته، وألسنتكم بذكره، وجوارحكم بطاعته. { فـ } بسبب طيبكم  {{ ادْخُلُوهَا خَالِدِينَ }}  لأنها الدار الطيبة، ولا يليق بها إلا الطيبون.
وقال في النار 
{{ فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }}  وفي الجنة { وَفُتِحَتْ } بالواو، إشارة إلى أن أهل النار، بمجرد وصولهم إليها، فتحت لهم أبوابها من غير إنظار ولا إمهال، وليكون فتحها في وجوههم، وعلى وصولهم، أعظم لحرها، وأشد لعذابها.
وأما الجنة، فإنها الدار العالية الغالية، التي لا يوصل إليها ولا ينالها كل أحد، إلا من أتى بالوسائل الموصلة إليها، ومع ذلك، فيحتاجون لدخولها لشفاعة أكرم الشفعاء عليه، فلم تفتح لهم بمجرد ما وصلوا إليها، بل يستشفعون إلى اللّه بمحمد صلى اللّه عليه وسلم، حتى يشفع، فيشفعه اللّه تعالى.
وفي الآيات دليل على أن النار والجنة لهما أبواب تفتح وتغلق، وأن لكل منهما خزنة، وهما الداران الخالصتان، اللتان لا يدخل فيهما إلا من استحقهما، بخلاف سائر الأمكنة والدور (تفسير السعدي).

لذا من الآن اختر لنفسك مع أي الفريقين تنتوي أن تكون النهاية ,,,,

ابحث عن أهل الطاعة والزمهم فصحبتهم دواء

قبل أن تعض أسنان الندامة ولات حين مندم

{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) } [الفرقان]

 

 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.