رسالة إلى كل طالب جامعي

منذ 2004-10-08

إلى كل شاب من المسلمين قد أقبل على دنيا الجامعات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد؛
أخي الحبيب يا من شمرت عن ساعديك للإقبال على الله يعلم الله أني أحبك في الله ،وأسأل الله أن يجمعني وإياك تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، إن الله على كل شئ قدير.

ومن منطلق حبي لك فإني أزف إليك كلمات هي من حقك علي، فإن استحسنتها فإمساك بمعروف ،وإلا فتسريح بإحسان والله المستعان.

أخي الحبيب : لو سئلت لماذا تدرس ؟، وما هي أهدافك وطموحاتك من الدراسة؟

والناس في هذا قسمان : منهم من يريد الدنيا ومنهم من يريد الآخرة.

قال تعالى: { من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلها مذموما مدحورا . ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا . كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا . انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا } .

وقد أخرج الترمذي بسند صححه الشيخ الألباني من حديث أنس-رضي الله عنه-مرفوعاً: « من كانت الآخرة همه ، جعل الله غناه في قلبه،وجمع عليه شمله،وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه،وفرق عليه شمله،ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّر له » .
(والحديث بلفظ قريب عند ابن ماجه بإسناد صحيح عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-).

وأخرج ابن ماجه عن ابن مسعود-رضي الله عنه-،وأبو نعيم في الحلية،والحاكم في مستدركه عن ابن عمر-رضي الله عنه-مرفوعاً:
« من جعل الهموم هما واحدا ؛ هم المعاد،كفاه الله سائر همومه،ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك » . (والحديث حسنه الشيخ الألباني بشواهده).

لذا فالإخلاصَ الإخلاصَ ،فإنه يرفع شأن الأعمال حتى تكون مراقي للفلاح،وهو الذي يحمل الإنسان على مواصلة الخير،وهو الذي يجعل في عزم الرجل متانة،ويربط على قلبه فيمضي إلى أن يبلغ الغاية.
واستحضار النوايا الطيبة يرفع منزلة العبد عند ربه،فيستحضر طاعة الله عز وجل؛ لأن الله أمر بالعلم والتعلم ،ويستحضر نفع نفسه وأسرته وأمته،ويستحضر طاعة الوالدين.

ثم إني أوصي نفسي وإياك بأمور بعد الإخلاص:

1- التقوى وهي جماع كل خير،وهي باختصار فعل الواجبات،وترك المحرمات من أجل الله عز وجل،كما قال طلق بن حبيب رضي الله عنه عن التقوى: "أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ، ترجو ثواب الله.وأن تترك معصية الله على نور من الله ،تخاف عقاب الله ".

ومن ثمرات التقوى -تيسير العلم،قال تعالى: { واتقوا الله ويعلمكم الله } .
- تيسير كل أمر،قال تعالى: { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا } .
- سبب الفوز في الدنيا والآخرة،قال الله تعالى: { ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون } .

2- الاستعانة بالله، وعدم الاعتماد على الفهم والذكاء،فالذي وَهَبَ قادرٌ على أن يَمْنَعَ......... فتدبر.

قال الشاعر:

إذا لم يكن عون من الله للفتى

فأكثر ما يجني عليه اجتهاده



3- ليكن سرك خيرا من علانيتك .

4- إياك والحسد والحقد،واحرص على سلامة الصدر،وحب الخير للآخرين،والتودد لهم،ومقابلتهم بوجه طلق،ولسان رطب،دون ما بحث عما تكنه الصدور،وخالق الناس بخلق حسن.

5- إياك وصحبة الأشرار:فصحبتهم خزي وعار،وذلة وشنار،لا خير فيهم،ولا نفع يرجى من ورائهم؛إذ كيف ينفعوك وهم لم ينفعوا أنفسهم؟!!

وصحبة السوء في الجامعة خطرهم أكبر.

قد هَيَّؤُوكَ لأمر لو فَطِنْتَ له

فَارْبَأْ بنفسك أن ترعى مع الهَمَلِ



قال تعالى: { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين }

،وأخرج أبو داود والترمذي بسند حسن من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-مرفوعاً:

« الرجل على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل » .

وصحبة الأشرار وإن لبسوا أثواب البر سبب الضياع والانحراف عن الاستقامة،والوقوع في الكبائر كالزنا، والعادة السيئة وغيرهما -عافاني الله وإياك-.

6- واحذر من أخطار القنوات الفضائية، والإنترنت : وهذا الموضوع يطول الكلام عليه.

7- احذر من الأفكار الكثيرة الباطلة التي تبث بين شباب الجامعات من عبث بالعقيدة الإسلامية، وهدم أسس ومبادئ الإسلام، فلابد من التحصن بالعلم النافع الذي يدرأ عنك الشبهات والشهوات.

8- كن من الدعاة إلى الله بِسَمْتِك وأخلاقك،وحسن هيئتك،واجتهادك في مذاكرتك ، واحرص على دعوة زملائك ليكونوا في ميزان حسناتك.

9- احذر من طول الخلطة حتى يدوم الود والاحترام مع الناس،واحرص على الاعتدال في المزاح والضحك حتى تحفظ مكانتك في صدور الناس.

10- كن قريبا من زملائك لحل مشاكلهم ، ولا تتدخل فيما لا يعنيك من شؤونهم.

11- احذر من الاختلاط بالطالبات ، ولو على سبيل الدعوة إلى الله ، فإن هذا من مداخل الشيطان.

12- احرص على الانتفاع بأوقاتك بين مجالسة أهلك،ومذاكرة دروسك، والقراءة والسماع لما ينفع،وممارسة الرياضة،وما إلى ذلك من كل ما هو مفيد ونافع،ولا تترك نفسك للفراغ فإنه من أسباب هلاك الإنسان.

13- فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب : فإذا فرغت من التعلم والتفكر والأعمال ، فحرك لسانك بذكر الله وشكره واستغفاره ودعائه وتسابيحه، وخاصة عند النوم؛كي يتشربه لُبُّك، ويتعجن في خيالك،وتتكلم به في منامك.

أخي الحبيب: احرص على صلتك بربك عز وجل بأداء الفرائض، وما استطعت من النوافل،وأوصي نفسي وإياك بالمحافظة على صلاتي الضحى والوتر، واحرص على أذكارك فإنها اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وحماية لك في يومك وليلتك،وأَكْثِرْ من الاستغفار؛فإن له فوائد عظيمة.

أخي الحبيب المبارك : لقد أطلت عليك ، وما ذلك إلا لأنني أعرف من أخاطب، ولو خاطبت غيرك لما خاطبته هكذا، ولما طالبته إلا بالقليل مما مضى ، بل إن في جعبتي مما لم أَقُلْهُ أكثر وأكثر،ولكن كما قيل: وفي النفس حاجات وفيك فطانة.

فأسأل الله ألا يخيب ظني فيك، وأن يجعلك فوق ما أظن،وألا أراك في كل حين إلا وأنت أفضل من ذي قبل.

هذه كلمات أحببت كتابتها إليك،عسى الله أن ينفعني بها وإياك.



فـإذا مـا قـصرت أقـلامنا

عـن حـقـوق للأخـلاء كبـارِ

فالذي في الصــدر من ال

ودِّ يكفي عـن كثير الاعـتذارِ



وأخيراً لا يسعني وأنا أضع يدي عن شَبَاةِ القلم إلا أن أسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى،أن يجعلني وإياك من أوليائه وأصفيائه،وأن يجعلنا مباركين أينما كنا،وأسأله سبحانه أن يقر أعين والدينا بصلاحنا وفلاحنا وبرنا،إن الله على كل شيء قدير.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،
والحمد لله رب العالمين.

المصدر: موقع صيد الفوائد