ملكة تفضح دعوى الليبرالية
منذ 2011-11-19
ملكة تفضح دعوى الليبرالية
عبد الله بن غازي الرحيمي
لطالما تغنَّى اللبراليُّون بدعْوَى تحريرِ المرأة، فرفَعوا لها الشِّعارات، وسوَّدوا بها الصفحات.
فتارةً بأنَّها مظلومة، وأخرى بأنَّها محرومة، فاستخفُّوا قومَهم فأطاعوهم، وبزَيْف دعواهم صدَّقوهم.
فانتفض العلماءُ الأجلاَّء ووقَفوا في وجهِ هذا الخطَر القادم، فبيَّنوا حقيقةَ دعوته، وقُبْحَ صورته، وكشفوا سوْءتَه، وأوضحوا عورتَه، وأظهروا زيْف دعواه، وفسادَ مغزاه، فكانوا حقًّا حصنًا حصينًا، وسدًّا منيعًا، فجزاهم المولى عنَّا خيرَ الجزاء، وأجزل لهم المثوبةَ والعطاء.
ولا غرْوَ في ذلك ولا عجب، فهُم الذين أخَذ الله ميثاقَهم، وعلى وحدانيته ذَكَر إشهادهم.
ولكن نظْرة تأمُّل، ووقفة تدبُّر مع كلام ربنا جلَّ في علاه؛ نستلهم منه العِبر، ونأخُذ منه الدُّرر.
ففي بِضع آية أتَى الله بنيانَهم من القواعد، وخرَّ عليهم السقْف من فوق رؤوسهم، وزُلْزِلت الأرضُ مِن تحت أقدامهم، فترى الناس سُكارَى وما هم بسُكارَى، وكذلك أخْذُ ربك إذا أخَذ القرى.
وهي دعوةٌ لتدبُّر كلام الله عزَّ وجلَّ والعودة إليه، والاعتصام به، ففيه الهُدى والنور، والنجاة مِن الزيغ والضلال.
فلننظرْ أيها المبارك، كيف دَكَّتْ هذه الآية حصونَهم، وزَلْزَلت عروشَهم:
لقد ذكَر الله تبارك وتعالى في مُحكم التنزيل قصَّةَ ملكة سبأ مع نبيِّ الله سليمان عليه السلام وأنَّها على سُدَّة الحُكم اعتلت، وعلى بَنِي قومها سُيِّدت.
مطاعٌ أمرها، نافذٌ حُكمها، فهي لمَا أرادتْ فاعلة، ولما اشتهتْ طائلة، ولا يُخرِجها ذلك عن إرادةِ الله ومشيئته.
فوصَف الله سبحانه في القرآن مُلْكَها على لسانِ الهدهد بعبارة موجَزة، وبلاغة مُعجِزة؛ فقال سبحانه: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: 23]، فتبيَّن عِظمُ ملكها، وسَعَة حظها.
فإنْ أراد القومُ في دعواهم للمرأة أعْلى المناصِب، فقد بلغتْ ملكةُ سبأ أعلاها، فليس بعدَ المُلْك منصب.
وإن أرادوا لها التحرُّر، فقد بلغتْ منتهاها - في نظرهم - فليس بعد الكُفْر مطلَب، فلا دِين يردَع، ولا قَيْدَ يمنع، فهي بحق أنموذج حضارتهم التي زعموا، وصدق تصوير مطالبهم التي أرادوا.
ولكن يأبى الله إلاَّ أن يُتمَّ نورَه ولو كرِه الكافرون، ويُظهِر دِينَه ولو كَرِه المشرِكون.
فتنطلق منها الكلماتُ صادحةً صادقة، مُعلِنةً مدويةً كذبَ دعواتهم، وضلال مقالاتهم.
فيخلدها القرآن إلى يومِ الدِّين بأن {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} [النمل: 44]، فجعلتْ سابق حياتها ضلالاً، مع ما فيه من ملك ونعيم، وتحرُّر من قيود الولاية والدِّين.
ثم أردفت بأنَّها أنابتْ وأسلمت، ولأمْر ربها انقادتْ واستسلمتْ، فقالت: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 44]، فماذا بعدَ الحقِّ إلا الضلال المبين؟
فهل أنتم أعلمُ أمِ الله؟ وكان الله بكلِّ شيء عليمًا.
وهل أنتم أصدقُ أم الله؟ ومَن أصدق مِن الله قيلاً؟ ومَن أصدق مِن الله حديثًا؟!
فالحمدُ لله الذي أنْزل إلينا أعظمَ كتبه، وجعَل فيه الهدى والنور.
والحمدُ لله الذي أرْسل إلينا أشرفَ رُسله، وجعَل في اتباعه الفلاحَ والسرور.
فـ {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 180 - 182].
عبد الله بن غازي الرحيمي
لطالما تغنَّى اللبراليُّون بدعْوَى تحريرِ المرأة، فرفَعوا لها الشِّعارات، وسوَّدوا بها الصفحات.
فتارةً بأنَّها مظلومة، وأخرى بأنَّها محرومة، فاستخفُّوا قومَهم فأطاعوهم، وبزَيْف دعواهم صدَّقوهم.
فانتفض العلماءُ الأجلاَّء ووقَفوا في وجهِ هذا الخطَر القادم، فبيَّنوا حقيقةَ دعوته، وقُبْحَ صورته، وكشفوا سوْءتَه، وأوضحوا عورتَه، وأظهروا زيْف دعواه، وفسادَ مغزاه، فكانوا حقًّا حصنًا حصينًا، وسدًّا منيعًا، فجزاهم المولى عنَّا خيرَ الجزاء، وأجزل لهم المثوبةَ والعطاء.
ولا غرْوَ في ذلك ولا عجب، فهُم الذين أخَذ الله ميثاقَهم، وعلى وحدانيته ذَكَر إشهادهم.
ولكن نظْرة تأمُّل، ووقفة تدبُّر مع كلام ربنا جلَّ في علاه؛ نستلهم منه العِبر، ونأخُذ منه الدُّرر.
ففي بِضع آية أتَى الله بنيانَهم من القواعد، وخرَّ عليهم السقْف من فوق رؤوسهم، وزُلْزِلت الأرضُ مِن تحت أقدامهم، فترى الناس سُكارَى وما هم بسُكارَى، وكذلك أخْذُ ربك إذا أخَذ القرى.
وهي دعوةٌ لتدبُّر كلام الله عزَّ وجلَّ والعودة إليه، والاعتصام به، ففيه الهُدى والنور، والنجاة مِن الزيغ والضلال.
فلننظرْ أيها المبارك، كيف دَكَّتْ هذه الآية حصونَهم، وزَلْزَلت عروشَهم:
لقد ذكَر الله تبارك وتعالى في مُحكم التنزيل قصَّةَ ملكة سبأ مع نبيِّ الله سليمان عليه السلام وأنَّها على سُدَّة الحُكم اعتلت، وعلى بَنِي قومها سُيِّدت.
مطاعٌ أمرها، نافذٌ حُكمها، فهي لمَا أرادتْ فاعلة، ولما اشتهتْ طائلة، ولا يُخرِجها ذلك عن إرادةِ الله ومشيئته.
فوصَف الله سبحانه في القرآن مُلْكَها على لسانِ الهدهد بعبارة موجَزة، وبلاغة مُعجِزة؛ فقال سبحانه: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل: 23]، فتبيَّن عِظمُ ملكها، وسَعَة حظها.
فإنْ أراد القومُ في دعواهم للمرأة أعْلى المناصِب، فقد بلغتْ ملكةُ سبأ أعلاها، فليس بعدَ المُلْك منصب.
وإن أرادوا لها التحرُّر، فقد بلغتْ منتهاها - في نظرهم - فليس بعد الكُفْر مطلَب، فلا دِين يردَع، ولا قَيْدَ يمنع، فهي بحق أنموذج حضارتهم التي زعموا، وصدق تصوير مطالبهم التي أرادوا.
ولكن يأبى الله إلاَّ أن يُتمَّ نورَه ولو كرِه الكافرون، ويُظهِر دِينَه ولو كَرِه المشرِكون.
فتنطلق منها الكلماتُ صادحةً صادقة، مُعلِنةً مدويةً كذبَ دعواتهم، وضلال مقالاتهم.
فيخلدها القرآن إلى يومِ الدِّين بأن {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} [النمل: 44]، فجعلتْ سابق حياتها ضلالاً، مع ما فيه من ملك ونعيم، وتحرُّر من قيود الولاية والدِّين.
ثم أردفت بأنَّها أنابتْ وأسلمت، ولأمْر ربها انقادتْ واستسلمتْ، فقالت: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 44]، فماذا بعدَ الحقِّ إلا الضلال المبين؟
فهل أنتم أعلمُ أمِ الله؟ وكان الله بكلِّ شيء عليمًا.
وهل أنتم أصدقُ أم الله؟ ومَن أصدق مِن الله قيلاً؟ ومَن أصدق مِن الله حديثًا؟!
فالحمدُ لله الذي أنْزل إلينا أعظمَ كتبه، وجعَل فيه الهدى والنور.
والحمدُ لله الذي أرْسل إلينا أشرفَ رُسله، وجعَل في اتباعه الفلاحَ والسرور.
فـ {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: 180 - 182].
- التصنيف: