عاجل إلى السلفيين والإخوان

منذ 2011-12-09

لاشك أن هدفنا جميعاً نصرة دين الله وتحكيم شريعة الرحمن وإصلاح الأرض وإعمارها والقضاء على الفساد ودلالة الخلق على سلوك الصراط المستقيم , .

أحبتي الكرام....
أخي الإخواني.. أخي السلفي... أخي التبليغي...
أخي الـمسلم...

لاشك أن هدفنا جميعاً نصرة دين الله وتحكيم شريعة الرحمن، وإصلاح الأرض وإعمارها، والقضاء على الفساد ودلالة الخلق على سلوك الصراط المستقيم، وتعريفهم برسالة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وتبليغها خير بلاغ لضمان تحقيق ثمرة العمل بمقتضى الرسالة المحمدية، هذه الثمرة التي تكفل الله تعالى بها وبأهلها.
قال تعالى:
{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران:110].
قال ابن عباس ومجاهد وعطية العوفي وعكرمة وعطاء والربيع بن أنس "{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} يعني خير الناس للناس: والمعنى أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس ولهذا قال: {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}.
قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرحمن حدثنا ابن زهير عن عبد الله يعني ابن محمد بن عقيل عن محمد بن علي وهو ابن الحنفية أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء» فقلنا: يا رسول الله ما هو؟ قال: «نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد وجعل التراب لي طهورا وجعلت أمتي خير الأمم» (تفرد به أحمد من هذا الوجه إسناده حسن) أ هـ من تفسير الإمام ابن كثير.

فيا أصحاب الرسالة ويا حاملي مشاعل النور إن لم تنبذوا بذور الخلاف فيما بينكم فمن ينبذ الخلاف وقد أعطيتم ما لم تنل أمة من الأمم.
بعض الجهلاء يثيرون نعرات بين أبناء الحركات الإسلامية في وقت لا يتسع على الإطلاق لبذور الشقاق، فالأمة في أشد الحاجة لجهد أبناءها والإسلام اليوم ينتظر من أبناءه الكثير من الجهد والعمل والبذل والعطاء، لتحقيق سيادة الشريعة المطهرة، ولتعريف الناس بوجه الإسلام المشرق، ولإزالة التشويه المتعمد للدعوة الإسلامية وللسنة المطهرة عبر عقود من الاستبداد والخنوع لثقافات وفلسفات الغرب.

سعدنا ولا تزال السعادة في ازدياد بالربيع العربي الذي أزال الطغيان والظلم، وزادت السعادة باختيار الشعوب لأبنائها من الإسلاميين الأطهار لاستلام مقاليد الحكم والعمل، ليقودوا السفينة لبر الأمان وليعودوا بالأمة لسابق مجدها، ولينعم الناس بالأمن والأمان في أداء العبادات وتعلم الحق في ظل رخاء وأمان منتظرين.

الشعوب لم تختر الإسلاميين ليتراشقوا أو يتنابذوا، وإنما لثقتها في دينهم وأمانتهم بعدما ملت وضجت من أرباب الثقافات والفلسفات الغربية التي تتراوح بين الإلحاد والعداء السافر لكل ما هو إسلامي.
الشعوب لم تختر الإسلاميين من أجل توفير المناصب لأهل الديانة، وإنما لثقتهم أنهم أهل لهذه المناصب، ولأجل التنعم بحياة آمنة مستقرة في ظل أيد أمينة متوضئة.

إنها المسئولية الكبيرة التي سيسألنا الله عنها يوم القيامة، فهل نحن على قدر المسئولية، وهل ستشغلنا خلافاتنا عن فقير معدم ينتظر الخير وعن امرأة تبيع عرضها من أجل إطعام الصغار، تتمنى من الله التوبة وأن يكفيها مؤونة العيش، هل نحن على قدر المسئولية الملقاة على عواتقنا نحو شاب يافع ينظر للحياة نظرة الأمل، ويتمنى أن يجد في هذه الحياة موضعاً كريماً، يجد فيه مسكناً يؤويه ويجد عملاً يكفه عن النظر لما حرم الله بإعفاف نفسه بزوجة صالحة، ليقوما ببناء بيت مسلم تنبت فيه براعم صالحة تضيف للمجتمع ولا تمرضه.

الشعوب تأمل وتنتظر منا الكثير، والشعوب قبل كل ما ذكرت تنتظر منا أن ندلهم على طريق الله، وأن نساعدهم في أداء ما يرضيه واجتناب ما نهى عنه.
فهل هذا بالله عليكم وقت خلاف؟؟؟؟؟!!!!!

الكل يتبع كتاب الله وسنة رسول الله، واختلاف الأفهام حول القضايا واختلاف التصورات نحو المناهج، يجب أن يقابله كل منا بالعذر لأخيه واعتقاد التأول في الاجتهاد والمناصحة المستمرة لبيان الصواب مع المحافظة على المودة والمحبة التي هي من أوثق عرى الإيمان.

روى الطبراني في الكبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أوثق عرى الإيمان، الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في الله» (صحيح الجامع 2539).
والمراد بالحب في الله أي لأجله وبسببه، لا لغرض آخر كميل أو إحسان، ففي بمعنى اللام المعبر به في رواية أخرى. لكن [في] هنا أبلغ، أي الحب في جهته ووجهه كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت:69] أي في حقنا ومن أجلنا ولوجهنا خالصاً.

قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يلقى في النار» (رواه البخاري 6941).
قال القاضي: المحبة ميل النفس إلى الشيء لكمال فيه، والعبد إذا علم أن الكمال الحقيقي ليس إلا لله وأن كل ما يراه كمالاً في نفسه أو غيره فهو من الله وإلى الله وبالله لم يكن حبه إلا لله وفي الله، وذلك يقتضي إرادة طاعته، فلذا فسرت المحبة بإرادة الطاعة واستلزمت إتباع رسوله صلى الله عليه وسلم
قال صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله...... ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه» (رواه البخاري1423 ومسلم).

رسالة إلى شباب حدثاء الأسنان: قد يتسببوا بتعصبهم الممقوت ورعونة غير مقصودة في تفريق الصفوف وإشاعة الفرقة بين العاملين لإعلاء كلمة الله:
أولاً: أذكركم بأبلغ موعظة: قال الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].
قال ابن كثير: "أمرهم أن يطيعوا الله ورسوله في حالهم ذلك فما أمرهم الله تعالى به ائتمروا. وما نهاهم عنه انزجروا ولا يتنازعوا فيما بينهم أيضا فيختلفوا فيكون سببا لتخاذلهم وفشلهم، {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي قوتكم وحدتكم وما كنتم فيه من الإقبال" أ هـ.

إن الاجتماعَ من مقاصد الشريعة العظيمة، وكسرِ الاجتماعِ من أعظمِ أنواع الفتن وأخبث النوايا؛ لأنه خيانةٌ وطعنٌ في مُقوّمات استقرار الدولة الإسلامية، مع ما يسببه من ضياعٍ لإقامة الدين وزرعٍ للفرقة والاختلاف الفاسد.
روى عبد الله بن الإمام أحمد ـرحمهما الله- في زوائده على المسند أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجماعة رحمة والفرقة عذاب».
قال الشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله- في تعليقه على هذا الحديث: "الفرقة بجميع أنواعها -في الأفكار، أو في الأقوال، أو في الأعمال- عذاب يعذِّب الله جلَّ وعلا به مَن خالف أمره وذهب إلى غير هداه". أهـ.

وربما تُركَ الأولى والفاضل من أجل تحقيق هذا المقصد العظيم الذي هو عِمادُ الدولة الإسلامية التي تقومُ بدينِ الناس ودنياهم، بل ربما تُرك القول الراجح وفُعل المرجوح لأجل الاجتماع..
فقد كان عثمانُ ـرضي الله عنه- يُصلي في الناس بمنى أربعاً، والسنة أن يُصلي قصراً، مع ذلك ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول: سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين لا غير.
قيل له: يا عبد الله بن مسعود! تقول هذا وأنت تصلي مع عثمان بن عفان أربع ركعات! لماذا؟! قال: يا هذا! الخلاف شر! الخلاف شر! الخلاف شر. (رواه أبو داود بإسناد قوي).
الخلافُ شرّ..
والاجتماعُ رحمة..

فاتقوا الله يا شباب الأمة الغض وتعقلوا وتبصروا مواضع الأقدام قبل أن تضعوها في الموضع الخطأ، وتعاونوا مع جميع العاملين لإعلاء كلمة الله للخروج بالأمة من مأزقها وللصعود بها من كبوتها وعودوا إلى العلماء والقادة قبل كل تصرف أو فعل.

وأهمس في آذانكم:
نحن نعمل للإسلام ونحمل رسالته للعالمين، لا نعمل حمية أو عصبية لحزب أو مسمى، ومن هنا فالأولى منا بالعمل والاختيار لتمثيل الشعوب هو الأجدر والأكفأ والأصلح ومن يمثل وجوده مكسباً للإسلام والمسلمين، وليس ثم وقت لعصبية من أجل حزب أو مسمى على الإطلاق
جاء في صحيح البخاري أن رجلان من المهاجرين والأنصار تشاجرا فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
«مَابَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ؟» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ.
فَقَالَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ».
 

وتعر من ثوبين من يلبسهما
يلقى الردى بمذمة وهوان
ثوب من الجهل المركب فوقه
ثوب التعصب بئست الثوبان
وتحل بالإنصاف أفخر حلة
زينت بها الأعطاف والكتفان



وأخيراً قال الله تعالى:
{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۖ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} ]المائدة:2] وفقكم الله وسدد خطاكم وجعلنا وإياكم مفاتحي للخير مغاليق للشر ونسأله تعالى أن يستعملنا ولا يستبدلنا وأن ينفع بنا أجمعين إنه جواد كريم.

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.