رسالةٌ إلى أهلنا في سوريا

منذ 2011-12-10

فهذه رسالةٌ عاجلةٌ إلى أهلنا في سوريا -فرَّجَ الله عنها وعنهم بعزتهِ وفضلهِ وحلمهِ- رسالةٌ أخطُّها إليكم بحبرٍ امتزجَ فيه دمُ القلبِ مع دمعِ العينِ، تعبيرًا عَمَّا يجيشُ في نفسي من لوعةٍ وأسى على ما تقاسونهُ منْ سوءِ العذابِ

الحمدُ للهِ وحدهُ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على منْ لا نبيَّ بعده.

أمَّا بعدُ:
فهذه رسالةٌ عاجلةٌ إلى أهلنا في سوريا -فرَّجَ الله عنها وعنهم بعزتهِ وفضلهِ وحلمهِ- رسالةٌ أخطُّها إليكم بحبرٍ امتزجَ فيه دمُ القلبِ مع دمعِ العينِ، تعبيرًا عَمَّا يجيشُ في نفسي من لوعةٍ وأسى على ما تقاسونهُ منْ سوءِ العذابِ وألوانِ الظلمِ والبغيِ والعدوانِ، مستشعرًا في ذلكَ كُلِّهِ: قيمةَ الجسدِ الواحدِ الذي جعله رسولُ الرحمةِ والهدايةِ مثلاً لما ينبغي أن يكونَ عليه المسلمونَ فيما بينهم منْ مودةٍ ورحمةٍ وعطف.

فها هو صلَّى الله عليه وسلَّم -وفداه أبي وأمي- يقولُ في شأن هذه الحقيقة : «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (أخرجه مسلم في صحيحه: 4/1999/ ح 2586). وإنني أمام هولِ ما يجري في أرض الشام المباركةِ من مجازرَ مروعةٍ ومشاهدَ مفجعةٍ، لأتمثَّلُ قول الشاعرِ الألمعيِّ: أبي البقاء صالح بن شريف الرندي المتوفى سنة 798هـ حينَ يرثي الأندلس مع بعضِ التغييرِ، معارضاً له معارضةً شعريةً فأقولُ:
 

• أعندكم نبأٌ منْ أهـلِ سوريا *** فقد سرى بحديث القوم ركبانُ
• ألا نـفـوسٌ أبـيَّـات لها هممٌ *** أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
• فلو رأيتَ بُكاهُمْ عندَ ذَبحهمُ *** لهالكَ الوجدُ واستهوتك أحزانُ
لمثلِ هذا يذوبُ القلبُ منْ كمدِ *** إنْ كانَ في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ



ورغمَ تلك الدماءِ التي تسيلُ أنهارًا، ورغمَ تلك الدموعِ التي تنهمرُ مدرارًا، إلا أنَّ طلائعَ النَّصرِ -بإذنِ اللهِ- تبدو لائحةً في الأفقِ، وبشائرَ الفرجِ تبرزُ ماثلةً للعيان، إذْ مهما اشتدَّ ظلامُ الظلمِ والطغيانِ وأحلو لكَ ليلهُ، فإنَّ فجرَ العدلِ والرحمةِ لا بُدَّ قادمٌ، وشمسُ الحقِّ حتمًا ستشرقُ في سماءِ العالمِ، تلك سنةُ اللهِ الماضيةُ رغمَ كيدِ الكائدينَ ومكرِ الفاجرينَ منذُ غابرِ الدَّهرِ وإلى أنْ يرثَ اللهُ الأرضَ ومن عليها. كما جاءَ في كلماتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّافعاتِ لابنِ عبَّاسٍ -رضيَ اللهُ عنهما-: «وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» (إسناده صحيحٌ.أخرجه أحمد في مسنده: 5/ 18/ ح 2803).

ومضمون رسالتي إليكم أيها الأحبةُ الأكارمُ يدورُ حول قضيتينِ أحسبُ أنهما من الأهمية بمكانٍ: أولاهما: البينات القطعية على سقوطِ نظامِ الظلمِ والطغيان. الثانية: الوصايا المهمة لدفع بغي النظامِ وعدوانهِ.
أما القضية الأولى: فهي من بابِ تثبيت إخواننا ورفعِ معنوياتهم، وإدخالِ روحِ الأمل في نفوسهم في ظلِ الرياحِ العاتيةِ التي تعصف بهم، وفوقَ ذلك كُلِّه ففيها إبرازٌ لآياتِ اللهِ في الآفاقِ وفي الأنفس، منْ حيثُ أنَّ مرتعَ الظلمِ وخيمٌ وعاقبتهُ أليمةٌ فادحةٌ، وفي هذا يقول ربنا جلَّ في علاه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53]. وها هنا أقولُ بكلِ ثقةٍ ويقينٍ: إنَّ نظامَ الظلمِ والطغيانِ والفسادِ والمكرِ ساقطٌ -بإذن الله- لا محالةَ، أقسمُ باللهِ العظيمِ على ذلكَ غير حانثٍ.

والبينات القطعيةُ على ذلك لا عدَّ لها ولا حصرَ، أذكرُ منها ما يلي:
3- قال تعالى في شأن الأمم الماضية، عادٍ وثمودَ وفرعونَ: {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ . إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 11- 14 ]. فلا جرمَ أَنَّ هذا النظامَ قد طغى في البلاد وأكثرَ فيها الفسادَ، فَلذلكَ سيصبُّ عليه الرَّبُّ العظيمُ سوطَ عذابٍ، ومِمَّا يُبهرُ الألبابَ في أسرارِ القرآن العظيمِ وحكمه الباهرة أنَّ سياق هذه الآيات العظيمة جاء في سورةِ الفجرِ، ففي هذا -والعلمُ عند الله- إشارةٌ بالغةٌ إلى أنَّ فجرَ الحقِّ سيبدِّدُ -بإذن الله- ظلامَ الطغيانِ والفسادِ، خصوصًا أنِّ الله أقسمَ به في مطلعِ السورةِ، وجعل ذلكَ موجَّها لأرباب العقولِ السليمةِ: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر: 5].

2- قال تعالى: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 45].
3- قال تعالى: {اسْتِكْبَاراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً} [فاطر: 43].
4- قال تعالى: {...إِنَّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 81] .
5- قال تعالى :{وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [آل عمران: 178].
6- قال تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: 54].

فهذه قضيةٌ إيمانيةٌ عقديةٌ ينبغي لكلِّ مسلمٍ أن يوقنَ بها، وأن تتجذَّرَ في سويداء قلبهِ، وأن تخالطَ بشاشَتُها القلوبَ، وثمَّة مجالانِ بالغا الأهمية: أحدهما: (عقديٌّ إيمانيٌّ) والآخرُ: (سلوكيٌّ عمليٌّ) يتحدانِ في نسقٍ بديعٍ، ليشكلا القضية الثانية التي ذكرتها آنفاً، ألا وهي: (الوصايا المهمة لدفع بغي النظامِ وعدوانهِ) وهي فيما يلي:

1- هذا الحدثُ العظيمُ فرصةٌ ذهبيةٌ بامتيازٍ لترسيخِ معالمِ التوحيدِ والإيمانِ في النفوسِ، ومِنْ ذلك:
أ- تحرير القلوب من التعلق بالمخلوقين مهما بلغوا شأواً عظيماً في القوةِ والطاقةِ، وتعليقُ القلوبِ باللهِ الملك العظيم ذلاً وانكساراً ورجاءً وثقةً وحسنَ ظن به جلَّ جلاله وتقدَّستْ أسماؤه.
ب- ربطُ النفوس بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى، فكلُّ ما يجري على هذهِ الأرضِ الممتدةِ فإِنَّما هو منْ تدبيرِ الله وأمره ومشيئتهِ، وراجعٌ إلى حكمتهِ فهو ذو العرش المجيدُ فعَّالٌ لما يريدُ.
جـ- الأرض كلُّها في ملكِ الله العظيمِ شيءٌ حقيرٌ جداً لا يعدلُ شيئاً ولا قيمةَ لها، وتأملوا هذا الحديث العظيم الذي صحَّحهُ الإمامُ الألبانيُّ -رحمه الله- بطرقهِ المتكاثرة، لتدركوا جميعاً أينَ تقع هذه الأرضُ بفجاجها وجبالها ووديانها في ملك الله العظيم؟!: «ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاةِ على تلك الحلقةِ» (أخرجه محمد بن أبي شيبة في (كتاب العرش): (114/ 1).

د- التضرعُ لله عز وجلَّ والانكسارُ بين يديه وإظهار الفاقة والحاجة والمسكنة والإنابة إليه، ولاسيما في أوقات إجابة الدُّعاء وبخاصةٍ في وقت النزولِ الإلهي، كما قال تعالى: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43]. وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} [الأنعام: 42].
هـ- ترسيخُ عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى، وأنَّ اللهَ سبحانه لا يخلقُ شرًّا محضاً، والشَّرُّ ليس إليه، والخيرُ كله بيده سبحانه وبحمده، كما قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26].

2- ليكنْ من شعارنا وهتافنا الَّذي نلهجُ بهِ كثيراً: «اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ، واللهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ» (1).
3- إحياء سنة قنوت النازلة، فهذا هو وقتها، وليكن الدُّعاءُ على أركان الظلم وأساطينه عيناً منْ طواغيتِ سوريا: (بشار، وماهر) ومن شايعهم من مجرمي العالمِ وأحفادِ (أبي لؤلوة المجوسيِّ، وعبد اللهِ بن سبأٍ) كما هو الشأن في (حسنٍ -وليسَ بالحسنِ- ومقتدى الصَّدرِ) -أخزاهم اللهُ جميعاً وقطعَ دابرهم- فقد ثبت في صحيح البخاريِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "قَنَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ" (أخرجه البخاري في صحيحه: 2/ 26/ ح 1003).
4- الدُّعاءُ بالأدعيةِ النبويةِ العظيمةِ التي دَعَا به النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ وقتَ الشِّدةِ والأزماتِ، حالَ مجابهةِ الأعداءِ استغاثةً باللهِ، واستنصارًا بهِ جلَّ وعلا، ومنْ ذلكَ:

أ- دُعاؤهُ يومَ أحدٍ، حيثُ قَالَ للصحابةِ -رضي الله عنهم- قبلَ أن يدعوَ بهِ: «اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ». فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفًا، فقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، اللَّهُمَّ لَا قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ، وَلَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ، وَلَا مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ. اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ، وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لَا يحول ولا يزول. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ، وَالْأَمْنَ يَوْمَ الْحَرْبِ، اللَّهُمَّ عَائِذًا بِكَ مِنْ سُوءِ مَا أَعْطَيْتَنَا، وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ مِنَّا اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ. اللهم توفنا مسلمين وأحبنا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ، غَيْرَ خَزَايَا، وَلَا مَفْتُونِينَ. اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الذي يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَيُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ. اللَّهُمَّ قَاتِلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، إله الحق» (2).
ب- دعاؤهُ يومَ الأحزابِ، حيثُ قالَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اللَّهُمَّ اهْزِمِ الأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ» (أخرجه البخاري في صحيحه: 4/ 44/ ح 2933) .

5- ما نَزَلَ بأهلنا في سوريا بلاءٌ عظيمٌ ومصيبةٌ جسيمةٌ، وهذا داخلٌ في دائرةِ الأقدارِ المؤلمةِ التي تستوجبُ الصَّبرَ الجميلَ الَّذي لا جزعَ فيهِ، والذي يكونُ من ورائهِ معيةُ اللهِ الخاصَّةُ التي تستلزمُ التأييدَ والعونَ والنُّصرةَ منَ اللهِ العليِّ القديرِ، كما قال تعالى: {...وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46]. ومِمَّا جاءَ في كلماتِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّافعاتِ لابنِ عبَّاسٍ -رضيَ اللهُ عنهما-: «وَاعْلَمْ أنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ» (إسناده صحيحٌ.أخرجه أحمد في مسنده: 5/ 18/ ح 2803).

وللإمامِ ابنِ قيمِ الجوزيةِ كلامٌ ماتعٌ حولَ منزلةِ الصبرِ ، يقولُ فيهِ -رحمهُ اللهُ-: "فَهُوَ الْفَارُوقُ الْأَكْبَرُ، وَالتِّرْيَاقُ الْأَعْظَمُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا مَعِيَّةُ اللَّهِ مَعَ أَهْلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَمَحَبَّتَهُ لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ، وَنَصْرُهُ لِأَهْلِهِ، فَإِنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَإِنَّهُ خَيْرٌ لِأَهْلِهِ {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126]" (زاد المعاد: 4/ 306).
6- التَّحصُّنُ بالأذكارِ المشروعةِ وبخاصَّةٍ: أذكار الصباح والمساء وأذكار الخروج من المنزل، وأذكار من خاف عدواً وأذكار الكرب ودعواتهِ وهكذا...

هذا ما خَطَّهُ القلمُ حُبًّا ووفاءً وإكباراً لأهلنا وإخواننا في أرض الشام المباركة ولن يُضيَّعَ اللهُ الشام وأهله وفي ذلك أحاديثُ عظامٌ أختمُ بها منْ رائعةٍ من روائعِ الإمام الألباني -رحمه الله-: (تخريج أحاديث فضائل الشام ودمشق لأبي الحسن الربعي): أ- عن زيد بن ثابت الأنصاري -رضي الله عنه- قال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه سلم: «يا طوبَى للشام، يا طوبَى للشام، يا طوبَى للشام» قالوا: يا رسول الله! وبِمَ ذلك؟ قال: «تلك ملائكة الله باسطو أجنحتها على الشام»" (إسناده صحيح.أخرجه أحمد في مسنده: 35/ 483/ ح 21606).

ب- وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: «ستجدون أجنادًا، جُنْدًا بِالشام، وجُنْدًا بِالْعِرَاقِ، وَجُنْدًا باليَمَنِ» قال عبد الله: فقمت، قلت: خِرْ لي يا رسول الله! فقال: «وعليكم بِالشام، فَمَنْ أَبَى فَلْيَلْحَقْ بِيَمَنِهِ، وَلْيَسْتَقِ مِنْ غُدُرِه، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ تكفَّل لِي بالشام وأهله»" (إسناده صحيح، أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق: 1/ 47- 56). قال ربيعة: فسمعت أبا إدريس يحدث بهذا الحديث، يقول: "وَمَنْ تكفَّل اللَّهُ بِهِ فَلا ضيعة عليه".

والله يحفظكم ويرعاكم وإنَّ موعدَهُمُ الصُّبحُ، أليسَ الصُّبحُ بقريبٍ؟!

-----------------------------------------------------------------------------
(1)- هذه العباراتُ المشحونةُ بتوحيدِ اللهِ وتعظيمهِ وتمجيدهِ ثبتتْ فيما أخرجه البخاري في صحيحه: (4/65/ح3039) في سياقِ أمرِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أصحابَهُ -رضي الله عنهم- أنْ يجيبوا بهذه العباراتِ على عباراتِ الكفارِ الشركيةِ الوثنيةِ في غزوةِ أحدٍ
(2)- إسناده صحيحٌ، أخرجه أحمد في مسنده: (24/246/ح 15492) والبخاري في (الأدب المفرد): (1/243/ح699).

المصدر: أ. النميري بن محمد الصبار -خاص بالموقع