تربية الطفل في الإسلام - طفل الابتدائي وطرق تربيته عمليًا (1-7)
منذ 2011-12-25
لاشك أن السنوات الأولى من عمر الطفل هي ( سنوات الحسم ) التربوي، ففيها يتلقى الطفل نسبة كبيرة – قد تصل لنسبة 90% - من القيم والخصال التربوية التي يحاول المربي زرعها في نفس الطفل..
لاشك أن السنوات الأولى من عمر الطفل هي ( سنوات الحسم ) التربوي، ففيها يتلقى الطفل نسبة كبيرة – قد تصل لنسبة 90% - من القيم والخصال التربوية التي يحاول المربي زرعها في نفس الطفل، ولكن هذا لايعني بالطبع إهمال أو تسفيه شأن باقي المراحل التالية لتلك السنوات الحاسمة.
فإذا كانت مرحلة الطفولة المبكرة بداية حياة حقيقية للطفل، فمرحلة الطفولة المتأخرة هي الأخرى بداية حياة جديدة للطفل، فهي لها دور كبير وهام في حياة الطفل، ففيها يبدأ الطفل طريقه نحو المجتمع الذي يعيش فيه بطريقة نظامية؛ من خلال دخوله المدرسة وانتظامه في النظام التعليمي الذي ارتضاه المجتمع لأبناءه.
في البداية لابد أن نعترف بأن هناك اختلاف بين العلماء في عملية تقسيم مراحل النمو إلى مراحل معينة، وذلك نظرًا لصعوبة تمييز نهاية كل مرحلة، وكذلك بدايتها بين التقاسيم المعروفة، لذا لا يمكننا أن نقطع بأي تقسيم بأنهً هو الأدق، فالبعض يقسم مراحل الطفولة إلى ثلاثة أقسام، طفولة ( مبكرة، متوسطة، متأخرة )، وهناك من يرى دمج الطفولة المتوسطة والمتأخرة معًا تحت مسمى واحد وهو ( الطفولة المتأخرة )، وهو ما نميل إليها نظرًا لتماثل الخصائص بين المرحلتين وتقاربهما بما يجعل من الصعوبة الفصل أو التفرقة بينهما.
لماذا الاهتمام بتلك المرحلة؟
· تعد هذه المرحلة من المراحل الدقيقة التي يمر بها الطفل، ففي بدايتها يحدث للطفل ( انفراجة اجتماعية ) على المجتمع، فهي تعد بداية لانطلاقة الطفل نحو المجتمع، وفيها يضعف – إلى حد ما – دور الأسرة، وتبدأ مجموعة الرفاق في الظهور.
· وكذلك في نهايات تلك المرحلة، يمر الطفل بتغيرات فسيولوجيه تؤثر على نفسيته واتجاهاته وسلوكه بشكل كبير ( فترة البلوغ )، لذا فهي فترة إعداد أو معسكر تدريب تربوي طويل لمرحلة العاصفة ( فترة المراهقة ).
· وفيها يشعر الطفل بأنه يجد مصاعب في التعامل مع من هم أكبر منه سنًا، ويشعر بالاختلاف عن من هم أصغر منه سنًا أيضًا، فيشعر بأنه لا ينتمي لا إلى هؤلاؤ ولا إلى هؤلاء، أي أنها مرحلة ( ذبذبة ) أو ( تذبذب ) للطفل، مما قد يؤدي لكثير من المشكلات النفسية والمجتمعية إذا لم يحسن المربي التعامل مع تلك الذبذبة.
· وكذلك هي فترة يتم تشكيل منظومة القيم فيها لدى الطفل، استعدادًا للدخول في فترة البلوغ وغيرها من الأمور الحساسة.
· وهي فترة مهمة في نمو الجانب العقلي لدى الطفل، وهذا ناتج عن دخوله المدرسة واتساع مداركه.
خصائص مرحلة الطفولة المتأخرة ( 6-12 سنة )
أولاً: الخصائص الجسمية
تتميز بدايات تلك المرحلة ( 6-8 سنوات ) بنمو جسمي بطئ؛ بالمقارنة بمرحلة الطفولة المبكرة، كما يبدأ نمو العضلات الدقيقة لدى الطفل ( قبضة اليد )، لذا فتلك الفترة هي أفضل فرصة لتعليم الكتابة وتحسين خط الطفل.
على عكس نهايات تلك المرحلة والتي تشهد قفزات في النمو وخصوصًا جانب النمو الجنسي ( فترة البلوغ )، كما تشهد أيضًا أواخر تلك المرحلة اكتمال نمو العضلات عامة، لذا يتسم أداء الطفل هنا بالدقة والسرعة.
وتتسم تلك المرحلة أيضًا بالنشاط الجسمي الزائد، لذا يتسم أداء الطفل فيها بعدم الاستقرار، ولايستطيع التركيز في عمل ما لفترة طويلة، لذا يجب اتباع طرق تنظيم الوقت والأداء معه باستمرار.
ثانيًا: الخصائص النفسية والانفعالية
يكون سلوك طفل هذه المرحلة سلوكًا نمطيًا، وبذلك يسهل التنبؤ به، ومع بداية تلك المرحلة تتسم انفعالات الطفل بالعنف، فهو مندفع ومشاكس، وكأنه في حالة حرب مع العالم الخارجي، ويظهر ذلك جليًا من خلال الأحلام والكوابيس المفزعة؛ والتي تكثر قي بدايات تلك المرحلة.
لايميل أي من الجنسين للجنس الآخر في تلك المرحلة العمرية، ويميل كل جنس للعب مع الرفاق من نفس نوعه، وتحدث المشاحنات والشجار بين مجموعات الرفاق من الجنسين. وهنا أيضًا يتحول الطفل من مرحلة الكذب التخيلي إلى مرحلة الكذب المحض، لذا فلنحذر فالأطفال أصبحوا ليسوا بالبراءة والصدق اللذان كانوا عليه من قبل.
طفل هذا المرحلة كثير النقد لذاته وللآخرين، وهذا ناتج عن بداية نمو الأنا الأعلى ( الضمير ) لديه، ودليل على بدء تكوين منظومة القيم المجتمعية لديه أيضًا، فهو يتبنى مجموعة القيم التي يتبنها المجتمع الذي يعيش فيه، وينقد من يخالفها حتى لو كان هو نفسه.
يشهد النمو الانفعالي للطفل في أواخر تلك المرحلة (10-12 سنة ) ثبات ونمو ملحوظان، فالطفل يكتسب القدرة على ضبط انفعالاته، والسيطرة على سلوكه وتصرفاته، ولايعني هذا أن نتعامل مع الطفل على أنه قد وصل لمرحلة الرشد الانفعالي، ويحدث التطور الانفعالي في جانبين ( نوعية المواقف التي تثيره – وشكل التعبير الانفعالي )، ويرجع ذلك الثبات الانفعالي نتيجة لانفصاله شبه التام عن الأسرة، وانفتاح مجال التنافس أمامه بطريقة منظمة، يستطيع من خلالها التنفيس عن رغباته وانفعالاته بطريقة مشروعة، وأيضًا نتيجة لاختلاطه بالرفاق وغيرهم من أفراد المجتمع يجعله ذلك يحاول السيطرة على انفعالاته حتى لايسيء للصورة الذهنية التي رسمها في أذهان الأخرين عن نفسه.
تتسم تلك المرحلة بعدة سمات انفعالية منها:
· طفل هذه المرحلة منطلق، إيجابي، متحمس، مبتكر، يحب أن يتعلم.
· تزداد مقدرته على العمل المستقل.
· متطرف في آرائه ( أبيض أو أسود )، في يمحاولة منه لتأكيد ذاته.
· يكره أن تلقى عليه الأوامر، ولكنه يرغب في تعضيد الكبار له ولتصرفاته الحسنة.
· على نهاية تلك المرحلة يصبح الطفل أكثر جدية واستقلالاً، وقدرة في الاعتماد على نفسه.
ثالثاً: الخصائص العقلية والمعرفية
مع بداية هذه المرحلة يدرك الطفل موضوعات العالم الخارجي واتصالها ببعضها، ويتم ذلك بصورة كلية، فهو لايعني كثيرا بالجزئيات التي يتركب منها الموضوع، لذا فالطريقى الكلية هنا هي الأنسب في التعليم.
تزداد نسبة الذكاء، نتيجة لزيادة نمو الجمجمة، وكذلك تزداد الحصيلة اللغوية للطفل، مما يساعده على زيادة سيطرته على البيئة المحيطة به، وتزداد كذلك فرص تفاعله مع المجتمع.
أما بالنسبة للتذكر؛ فيتحول من مجرد تذكر آلي إلى تذكر وفهم، ويتذكر الطفل الصور البصرية أكثر من المعاني المجردة، أي ان قدرة التذكر تكون أكبر لما يراه ( مرحلة المحسوسات)، لهذا يجب على المربي التركيز على المؤثرات البصرية واستخدامها في التعلم بكثرة.
وتتميز تلك المرحلة بنمو العديد من القدرات العقلية ومنها:
· يزداد مدى الانتباه، وإن كان الطفل غير قادر علىالانتباه لشيء محدد لفترات طويلة.
· أفكاره واقعية، وكذلك اتجاهاته، فيما يتعلق بالزمان والمكان فهويدرك الأبعاد.
· يدرك الماضي ولا يفكر في الحاضر ولا المستقبل.
· يبدأ منذ سن السابعة في التعرف على مفاهيم ( العدد / والكتلة / والوزن )
· يتحول نحو التفكير المنطقي بشكل متدرج.
· يستطيع أن يدرك المشاكل، ويقدم أكثر من حل لها.
· معقول في مطالبة وتوقعاته.
رابعًا: الخصائص الاجتماعية
تظهر الفروق الفردية الاجتماعية بين الجنسين بشكل واضح في تلك المرحلة، وخصوصًا في أواخرها سن ( 9-12 سنة )، ، حيث يتوحد الطفل مع النوع الجنسي الذي يتبعه، فيجتمع البنين معًا، والبنات في مجموعات خاصة بهن، ويحدث نوع من التعصب بين كل منهم. ويميل كل نوع إلى اقامة علاقات صداقة طويلة الأمد وعميقة مع اقرانه من نفس النوع ( ظاهرة صديق العمر ).
وتتمحور بعض السمات الاجتماعية مثل:
· يبدأ طفل هذه المرحلة في التحرر من تمركزه حول ذاته، فهو لم يعد مركز العالم، ويدرك أنه في حاجة إلى الآخرين.
· تقل نسبة الاعتمادية على الوالدين، وتنمو شخصيته وذاتيته نتيجة لهذا الاستقلال.
· يبدأ في الاهتمام برأي الأصدقاء، ويحاول كسب ولائهم.
· يسعى لتكوين علاقات اجتماعية تتسم بالتعاونية ( اللعب التعاوني ).
· يتجه لتكوين معايير اجتماعية خاصة به ( يضع قوانين لنفسه ويلتزم بها ).
· يميل للتنافس الجماعي لا الفردي ( الاشتراك في الألعاب الجماعية ).
وقبل البدء في التعرف على مجالات تربية طفل تلك المرحلة ( عمليًا )، كان لازمًا علينا بداية التعرف على سمات وخصائص تلك المرحلة، حتى نتعرف على الطفل الذي سنتعامل معه، ونتعرف بشكل أكبر على قدراته وامكاناته، حتى تنجح عملية التربية.
وسوف نتناول في المقالات التالية مجالات التربية التي سنحاول غرسها في طفل هذه المرحلة ونلخصها في العناوين الآتية:
1- مجال التربية الإيمانية.
2- مجال التربية الخُلُقية.
3- مجال التربية النفسية.
4- مجال التربية العقلية والفكرية.
5- مجال التربية الاجتماعية ( المجتمعية ).
6- مجال التربية الجسمية.
معتز شاهين
شبكة نور الإسلام
- التصنيف: