دكتور أحمد فريد يكتب: العلمانية.. النبتة الخبيثة
العلمانية هذه النبتة الخبيثة التي ظهرت في الغرب الكافر بعد الثورة على الطغيان الكنسي، أتى بها من لا ناقة له ولا جمل في دين الإسلام متوهماً أنه جاء بإكسير السعادة إلى بلاد الإسلام، جهلاً منه أن الدين الإسلامي الذي تكفل بعز الدنيا والآخرة وسعادة الدنيا والآخرة، الذي يحكم العباد والبلاد، ولا يرضى أن يكون مجرد طقوس وعبادات فردية، يختلف تماماً عن النصرانية المحرفة التي حكمت أورُبا في القرون الوسطى، والتي نصبت العداء للعلم والعلماء، فثار الناس على ملوكهم وقساوستهم وقالوا: "اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس" وأرادوا العمل بما روي عن المسيح عليه السلام: "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله".
فأرادوا بجهل وغباوة أن يزرعوا هذه النبتة الغربية الخبيثة في ديار الإسلام، وظنوا أن ذلك يسلم لهم، وهم في ظل الحكومات العلمانية الدكتاتورية في جل بلاد المسلمين، تقلدوا المناصب وتصدروا المجالس، وسلطت عليهم الأضواء على أنهم إصلاحيون ومجددون وتقدميون، وتملكوا زمام الإعلام فكانوا حرباً على الإسلام وأهله، وصارت خطبة الحاجة عندهم سب الإسلاميين، والتعريض بهم، ووصفهم بأنهم أعداء الحضارة، والتمهيد للطواغيت في بلاد الإسلام لضربهم، والتضييق عليهم.
واغتر بعض شباب المسلمين بزيفهم وباطلهم، فصار هؤلاء المستغربون نكبة على العباد والبلاد، وما علم هؤلاء وهؤلاء أن العلمانية منبع الجهل والضلال، ومستنقع الشبهات والشهوات، الغالي فيهم ينكر وجود الله عز وجل ويظهر إلحاده وتمرده على شرع الله، والمعتدل منهم يعترف بالإسلام عقيدة، ولا يعترف به شريعة، وكلاهما في ضلال مبين وأنا ألخص في هذه المقدمة مختصر معتقداتهم، ثم أبين بحمد الله وحوله وقوته في غضون هذا البحث -العلمانية النبتة الخبيثة- شرهم المستطير وما درجوا عليه من التزييف والتضليل والتدجيل.
فهذه بعض معتقداتهم وأفكارهم:
- بعضهم ينكر وجود الله عز وجل أصلا، وهذا غالباً في البلاد الكافرة، ومن كان منهم في بلاد المسلمين لا يجرؤ على الجهر بإلحاده، وكفره وعناده.
- وبعضهم يؤمنون بوجود الله لكنهم يعتقدون بعدم وجود أية علاقة بين الله وبين حياة الإنسان.
- الحياة تقوم على أساس العلم المطلق، وتحت سلطان العقل والتجريب.
- إقامة حاجز بين عالمي الروح والمادة، والقيم الروحية لديهم قيم سلبية.
- فصل الدين عن السياسة، وإقامة الحياة على أساس مادي.
- تطبيق مبدأ التضحية على كل شيء في الحياة.
- اعتماد مبدأ الميكيافلية على فلسفة الحكم والسياسة والأخلاق.
نشر الإباحية والفوضى الأخلاقية، وتهديم كيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية.
أما في بلاد المسلمين فيزيدون على ما ذكرنا آنفاً:
- الطعن في حقيقة الإسلام، والقرآن، والنبوة.
- الزعم بأن الإسلام استنفد أغراضه، وهو عبارة عن طقوس وشعائر روحية.
- الزعم بأن الفقه الإسلامي مأخوذ عن القانون الروماني.
- الوهم بأن الإسلام لا يتلاءم مع الحضارة، ويدعو إلى التخلف.
- الدعوة إلى تحرير المرأة وفق الأسلوب الغربي.
- تشويه الحضارة الإسلامية، وتضخيم حجم الحركات الهدامة في التاريخ الإسلامي، والزعم بأنها حركات إصلاح، وإحياء الحضارة القديمة.
ـ اقتباس الأنظمة والمناهج اللادينية عن الغرب، وتربية الأجيال تربية لا دينية.
فهذه بعض بلايا العلمانية، وهي باختصار عدم الاعتراف بالدين، واتباع الشياطين. وما بين يدي القارئ الكريم محاولة من المؤلف للتعريف بها، وبيان خطرها وخطلها وكيف نشأت، وكيف أدخلت في بلاد المسلمين، وبينت كذلك ما يعرف به العلماني: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}[محمد: 31]. وكيف أنهم صنف من المنافقين، بل هم أشر وأخبث من المنافقين السابقين، لما فيهم من جرأة على الإسلام، ودعوة إلى الإباحية والفجور، مما كان يستحي منه أسلافهم من المنافقين وبينت عداء العلمانية للإسلام، وأنها تضاد الإسلام ولا تجتمع معه، وأنها منبع الجهل، وختمت هذا البحث المعطاء ببيان الوسائل العلمية والعملية لمواجهة العلمانية.
أسأل الله تعالى أن يكون هذا الكتاب نبراسًا على الطريق، ينير للتائهين والضالين من العلمانيين، وأن يكون حصناً وأمانا وتحصينا لشباب الأمة من هذه النبتة الخبيثة العلمانية، والله أسأل أن يغفر لي تقصيري وزللي، وينفعني يوم القيامة بصالح عملي، والله المستعان، وعليه التكلان، والحمد لله رب العالمين.
شبكة المخلص.
- التصنيف: