من حق الله في المال أن تجعله سبباً في مرضاته.

منذ 2024-05-30

آيات بينات من كتاب الله تعالى،  وبيان نبوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم مفاده أن الله تعالى خلقنا لنعبده وحده لا نشرك به شيئاً،  أن تكون عبداً لله تعالى هذه هى غاية وجودك في هذه الحياة الدنيا..


✍ أولًا : خلق الله الناس لعبادته.. 

✍ ثانيًا : صور العبادة.. 

✍ ثالثًا : الأجر على قدر النصب والنفقة.. 

✍ المـــوضــــــــــوع :-
أيها الإخوة الكرام: في سورة البقرة آية يقول فيها رب العالمين سبحانه وتعالى {﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعْبُدُوا۟ رَبَّكُمُ ﴾}
وفي سورة النساء يقول الله تعالى {﴿ وَٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا۟ بِهِۦ شَيْـًٔا ﴾}
وفي سورة المائدة يقول الله تعالى على لسان سيدنا عيسى بن مريم {﴿ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَآ أَمَرْتَنِى بِهِۦٓ أَنِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ ﴾}
وفي سورة الذاريات يقول عز من قائل { ﴿ وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾}  
وعند مسلم وغيره من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال:   «جاء رجُلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: دُلَّني على عملٍ أعمَلُهُ يُدْنيني مِنَ الجنَّةِ، ويُباعِدُني مِنَ النَّارِ، قال: تعبُدُ اللهَ لا تُشرِكُ به شيئًا، وتُقيمُ الصَّلاةَ، وتُؤْتي الزكاةَ، وتَصِلُ رحِمَكَ، فلمَّا أَدْبَرَ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنْ تمسَّكَ بما أُمِرَ به دخَلَ الجنَّةَ» . 
 آيات بينات من كتاب الله تعالى،  وبيان نبوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم مفاده أن الله تعالى خلقنا لنعبده وحده لا نشرك به شيئاً،  أن تكون عبداً لله تعالى هذه هى غاية وجودك في هذه الحياة الدنيا.. 
ما أرسل الله رسولاً ولا بعث نبياً إلا قال {:{ يَٰقَوْمِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُۥ ۖ}} قالها سيدنا نوح عليه السلام وقالها سيدنا هود عليه السلام وقالها سيدنا صالح وسيدنا شعيب، ومن بعدهم قال مثلها سيدنا إبراهيم، وقال مثلها أيضاً سيدنا عيسى عليهم جميعاً وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام 
الدعوة إلى عبادة الله الواحد الأحد هى الغاية من خلق الإنسان وهى الهدف من بعث الأنبياء وإرسال الرسل قال الله تعالى ﴿ {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ} }. 
نعبد الله تعالى بقلوبنا،  نعبد الله تعالى بألسنتنا،  نعبد الله تعالى بأرواحنا، نعبد الله تعالى بابداننا ، نعبد الله تعالى بأموالنا.. 
العبادة القلبية: ( إيمان بالله تعالى،  إخلاص لله تعالى، حسن ظن بالله عز وجل، ويدخل معهم الحج فالحج عبادة قلبية) 
العبادة القولية: ( تلاوة القرآن الكريم،  الدعاء،  التسبيح،  التهليل، التكبير،  التحميد،  الحوقلة،  الاستفغار، ويدخل معهم الحج فالحج عبادة قولية) 
العبادة البدنية:  ( الصلاة والجهاد في سبيل الله لمن يجاهد بنفسه ويدخل مع الصلاة والجهاد الحج فالحج عبادة بدنية )
 العبادة الروحية (الصيام، ويدخل مع الصيام الحج فالحج عبادة روحية ) 
العبادة المالية: مثل ( الصدقة، ويدخل مع الصدقة الحج فالحج عبادة مالية) 
وإذا كان الحديث هذه الأيام محصوراً ومقصوراً على حج البيت الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً فاعلم أن عبادة الحج إلى البيت الحرام منفردة تجمع صور العبادة مكتملة فالحج عبادة قلبية، والحج عبادة روحية، والحج عبادة قولية،  والحج عبادة بدنية،  والحج عبادة مالية.. 
 ولعل أحد أفضل أبواب النفقة المرضية قلبياً وروحياً وقولياً وبدنياً ومالياً هى : (نفقة المسلم يخرج من بيته وماله وولده يقصد البيت الحرام حاجاً أو معتمراً)  فعلى قدر تعب الإنسان وعلى قدر المال الذي يبذله في سفره وغربته وفي ذهابه وإيابه يكون أجره وثوابه.. 
قال الله تعالى {{ وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ} }
وقال النبي عليه الصلاة والسلام (النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبع مائة ضعْف) حسن الإسناد. 
في العام العاشر من هجرة النبي عليه الصلاة والسلام نودى في الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم حاج هذا العام فمن رغب في الخرج معه فليخرج،  فخرج الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاصدين البيت الحرام متمتعين بالعمرة إلى الحج... 
كلهم تمتعوا بالعمرة إلى الحج لما وصلوا مكة طافوا بالبيت سبعاً وسعوا بين الصفا والمروة سبعاً ثم كان منهم من حلق ومنهم من قصر ثم خلعوا ملابس الإحرام وتمتعوا بذلك إلى الحج، كلهم تمتع بالعمرة إلى الحج إلا عائشة وذلك أن الحيض منعها من الطواف ومن العمرة فلما كان الثامن من ذي الحجة أحرموا من جديد وأهلوا بالحج فلما فرغوا من مناسك الحج وهموا بالرجوع إلى المدينة دخل النبي صلى الله عليه وسلّم على عائشة فإذا هى تبكي!! 
قال مالك يا عائشة تبكين؟! 
قالت يا رسول الله أيرجع الناس بحج وعمرة وأرجع أنا بحج فقط؟! 
أيَصْدُرُ النَّاسُ بنُسُكَيْنِ، وأَصْدُرُ بنُسُكٍ؟ فقِال عليه الصلاة والسلام لَهَا: انْتَظِرِي، فَإِذَا طَهُرْتِ، فَاخْرُجِي إلى التَّنْعِيمِ، فأهِلِّي ثُمَّ ائْتِينَا بمَكَانِ كَذَا، ولَكِنَّهَا علَى قَدْرِ نَفَقَتِكِ أوْ نَصَبِكِ.
والمعنى: 
أنَّ الأجرَ في العبادة وخاصة الحج على قدْرِ النَّصَبِ والتَّعبِ والجهْدِ، وعلى قدر النفقة المالية ، فكُلَّما زادَ المالُ المُنفَقُ والجهدُ المبذولُ زادَ الأجرُ مِنَ اللهِ تعالى.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوسع أرزاقنا وأن يبارك فيها وأن يرزقنا حج البيت الحرام إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير.. 
الخطبة الثانية 
بقى لنا في ختام الحديث عن أن المال وسيلة من وسائل العبادة،  وأن من صور العبادة العبادة المالية بالصدقة والجهاد في سبيل الله تعالى والحج إلى بيت الله الحرام..  بقى لنا أن نقول: 
ورد عند أصحاب السنن من حديث أبي كبشة الأنصاري رضى الله عنه قال:  قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «ثلاثةٌ أقسِمُ عليْهنَّ وأحدِّثُكم حديثًا فاحفظوهُ قال « ما نقصَ مالُ عبدٍ من صدقةٍ ولا ظلِمَ عبدٌ مظلمةً فصبرَ عليْها إلَّا زادَهُ اللَّهُ عزًّا ولا فتحَ عبدٌ بابَ مسألةٍ إلَّا فتحَ اللَّهُ عليْهِ بابَ فقرٍ » وأحدِّثُكم حديثًا فاحفظوهُ « إنَّما الدُّنيا لأربعةِ نفرٍ عبدٍ رزقَهُ اللَّهُ مالًا وعلمًا فَهوَ يتَّقي ربَّهُ فيهِ ويصلُ فيهِ رحمَهُ ويعلمُ للَّهِ فيهِ حقًّا فَهذا بأفضلِ المنازلِ وعبدٍ رزقَهُ اللَّهُ علمًا ولم يرزقْهُ مالًا فَهوَ صادقُ النِّيَّةِ يقولُ لو أنَّ لي مالًا لعملتُ بعملِ فلانٍ فَهوَ بنيَّتِهِ فأجرُهما سواءٌ وعبدٍ رزقَهُ اللَّهُ مالًا ولم يرزقْهُ علمًا يخبطُ في مالِهِ بغيرِ علمٍ لا يتَّقي فيهِ ربَّهُ ولا يصِلُ فيهِ رحمَهُ ولا يعلمُ للَّهِ فيهِ حقًّا فهو بأخبَثِ المنازلِ وعبدٍ لم يرزقْهُ اللَّهُ مالًا ولا علمًا فَهوَ يقولُ لو أنَّ لي مالًا لعملتُ فيهِ بعملِ فلانٍ فَهوَ بنيَّتِهِ فوزرُهما سواءٌ» 
المال مال الله عز وجل،  وأنت مستأمن على هذا المال وأنت خليفة لله في أرضه وماله .. 
أنت عبد لله وحده فخذ من الدنيا ما شئت على أن تجعله في طاعة الله، تصدق من مال الله الذي عندك ، واسي الفقير، أطعم الجائع،  اسق الظمآن،  أكس العريان، وإن كنت ذا يسار فاعقد النية أن تأتي البيت الحرام حاجاً أو معتمراً ولو لمرة واحدة في حياتك.. فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول «( الحج مرة فمن زاد فهو تطوع)»  
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوسع أرزاقنا وأن يبارك فيها وأن يرزقنا حج البيت الحرام إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير..

محمد سيد حسين عبد الواحد

إمام وخطيب ومدرس أول.