هدايات من مشكاة النبوة ... (1)

منذ 2024-07-03

السنة النبوية وحي من الله، ومعين من العلم والحكمة والهداية، ونبراس يضيء الطريق ويوصل للسعادة، وكلما ازداد المرء فيها تأملا انكشف له فوائد وحِكَم وهدايات

 

السنة النبوية وحي من الله، ومعين من العلم والحكمة والهداية، ونبراس يضيء الطريق ويوصل للسعادة، وكلما ازداد المرء فيها تأملا انكشف له فوائد وحِكَم وهدايات، وهنا محاولة للارتشاف من ذلك الرحيق في أولى الباقات:

( «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ» )

النيات إما أن تكون مُنجيات وإما أن تكون مُهلِكات، فمع الصلاح في النية، يكون الفلاح في المآل، ولذا فالعناية بها أمر غاية في الأهمية، وكم من أعمال ظاهرها الرحمة، وباطنها من قبله العذاب والهلاك، وذلك بدء بالفرد وانتهاء بالمنظمات والشركات والحكومات، فما أكثر المنظمات التي ظاهرها وشعارها التباكي على الفقراء والمرضى، وباطنها الحرب على العقيدة والفطرة وإخراج الناس من النور إلى الظلمات، ومن محاسن الإسلام أن المسلم مأجور على النية الصالحة وإن لم يعمل، أما عن طريقة العناية بالنية فاستشعار أن الشهيد سبحانه مطلع على نيتك، فأصلحها ولا تشرك بعبادة ربك أحدًا.

------------------------------------------------------------------------------------------------

( «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ» )

العلم النافع نور وحياة، والجهل ظلمات وموت، والجهل بيئة خصبة لانتشار الباطل من رذيلة وبدع وكفريات، فعلى المسلمين أن يجتهدوا ويبذلوا الأموال والطاقات وتسهيل العقبات لمن (أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ) وقبل ذلك تفريغ طلاب العلم الشرعي ففاقد الشيء لا يعطيه، واليوم يجلس كثير من أبناء المسلمين حوالي العشر سنوات في حجرات المدارس وعلى مقاعد الدراسة وتبذل لذلك الأموال الطائلة وتُسخَّر الجهود الجبارة ولكنها للأسف تتجاهل الدين إن لم تحاربه، ولا يكاد يسلم من هذا إلا القليل النادر، فإما تجاهل لتعلم الدين، وإما محاربته بتعلم ما يخالفه، فإذا لم يأتهم من يعلمهم دينهم غرقوا في بحر الشهوات، وتخطفتهم الشبهات، فخسروا الدنيا والآخرة (ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)

------------------------------------------------------------------------------------------------

( «وَإِقامِ الصَّلَاةِ، وإِيتَاءِ الزَّكَاةِ» )

القارئ للقرآن الكريم لا تخطيء عينه اقتران الصلاة بالزكاة، فقد (قُرِنَتْ بِالصَّلاَةِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ آيَةً)[1] فالصلاة صله بين العبد وربه، والزكاة صلة بين العبد والعباد مثله، وفي هذا رد على القائلين بفصل الدين عن الحياة أو عن السياسة، فالصلاة شعائر تعبدية تقترن كثيرا بالزكاة وهي عبادة مالية، ومصارفها متعلقة بأحوال الناس وسياستهم، فهي (تَعُودُ بِالْبَرَكَةِ فِي الْمَال الَّذِي أُخْرِجَتْ مِنْهُ وَتُنَمِّيهِ)[2] كما تذكرنا بأن (نظام المال في الإسلام يقوم على أساس الاعتراف بأن الله وحده هو المالك الأصيل للمال، وله سبحانه وحده الحق في تنظيم قضية التملك، وإيجاب الحقوق في المال، وتحديدها وتقديرها) وفيها (تطهير النفس من رذيلة الشح والبخل، وهي جسر قوي يربط بين الأغنياء والفقراء، فتصفو النفوس، وتطيب القلوب، وتنشرح الصدور، وينعم الجميع بالأمن والمحبة والأخوة) فشريعة الله شاملة لتنظيم العلاقة بين العبد وربه، وبين العبد وإخوانه، وبين العبد ومحيطه بل حتى تكشف له من أعدائه وكيفية التعامل العادل معهم.

------------------------------------------------------------------------------------------------

( «ثمَّ يُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فيهِ الرُّوحَ» )

هذه الجملة من حديث صدره الصحابي راوي الحديث بقوله (حدَّثنا رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو الصَّادِقُ المصْدُوقُ) وفي الحقيقة فإن قوله ( «ثمَّ يُرْسَلُ إلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فيهِ الرُّوحَ» ) يهدم وثنين من أهم أوثان هذا العصر، الأول نظرية التطور التي لغبائها تزعم أن الانسان تطور من مخلوقات أدنى، وأن القردة أسلاف لنا، أما الوثن الآخر فهو ما يسم بـ (حق الاجهاض) فكهنة هذا الحق المزعوم يقتلون سنويا ملايين الأنفس البشرية البريئة التي نفخ الله فيها من روحه، فياليت أن هذا الحديث يدرج ضمن مناهج التعليم في بلاد المسلمين ليكون حصنا لهم من كفريات وغباء الداروينية، ومن إجرام ووحشية العلمانية وما يسمى بالدولة المدنية التي تدرج أفظع الجرائم ضمن الحقوق ( {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} ) ( {لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} )

------------------------------------------------------------------------------------------------

( «لَيْسَ عَلَيهِ أَمْرُنا» )

من البلايا التي انتشرت في الأمة وتسببت في ضعفها البدع والخرافات، ومحاربتها من أعظم الأعمال، فمحاربة البدع يعني إحياء السنن، ومن البدع التي عمت وطمت في هذا الزمان وأصبحت وثن يُعبَد من دون الله تعالى، هذه البدعة تدخل في قوله (لَيْسَ عَلَيهِ أَمْرُنا) إنها بدعة الديمقراطية، وتنحية الحكم بما أنزال الله، وهناك للأسف من انخدع بهذا الوثن فحاول أن يجمع بينه وبين الاسلام ويلوي أعناق النصوص حتى يشرعن ما يسميه الديمقراطية الإسلامية، فيكفي لتعرف بطلان الديمقراطية أنه لا توجد ديمقراطية عمليًا ولا حتى نظريًا كلمة الله فيها هي العليا وهذا (لَيْسَ عَلَيهِ أَمْرُنا) فالواجب محاربة الديمقراطية لا الانهزام أمامها فهي باب لكل شر، فبها نُشرت الفواحش بل وفرضت، وأحل الربا وقتل الأبرياء فيما يسمى بـ (حق الإجهاض) ونُشر الشرك واعتُبر حرق القرآن وسب الأنبياء من (حرية التعبير)

 

وإلى لقاء قادم بإذن الله في رحاب السنة المطهرة،،،

 

 

[1] الموسوعة الفقهية الكويتية

[2] الموسوعة الفقهية الكويتية