{ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون}

منذ 7 ساعات

التقوى كما يُعرِّفها أميرُ المؤمنين علي بين أبي طالب رضي الله عنه: هي الخوفُ من الجليل، والعملُ بالتنزيل، والقناعةُ بالقليل، والاستعدادُ ليوم الرحيل..

أعزُّ ما على المؤمن سلامةُ دينِه، وثباته على الإيمان.. إذ الْإِيمَانُ هو أَعْظَمُ مَا يَمْلِكُهُ الْمُؤْمِنُ، وَهُوَ أَحْسَنُ الْحَسَنَاتِ، وَأَرْبَحُ التِّجَارَاتِ؛ وعَاقِبَتَهُ رِضَا الرَّحْمَنِ، وَالْخُلْدَ فِي الْجَنَّان قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِير} [البرزج:11].. وتَرْكُ الإيمان عياذا بالله هو أَشَدُّ الْخِذْلَانِ، وَأَعْظَمُ الْخُسْرَانِ؛ وجزاءه الخلود فِي النِّيرَانِ، وَبُرْهَانُ ذَلِكَ صريحٌ فِي محكم الْقُرْآنِ قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ}[التوبة:68].. وفي الحديث المتفق عليه: «مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ» ..

 

والتقوى يا عباد الله من التَّوقي، وهي أن تجعلَ بينك وبين عذابِ اللهِ وقاية.. فحينَ سألَ الفاروقُ أبيَّ بن كعبٍ رضي الله عنه ما التقوى، قال يا أميرَ المؤمنين، أما مررتَ بأرضٍ ذاتِ شوكٍ، قال: بلى، قال: فما صنعتَ، قال: شمَّرتُ واجتهدتُ، قال: تلك التقوى..

خَلِّ الذُنوبَ صَغيرَهـــــــا  **  وَكَبيرَها ذاكَ التُقـــــى 

واصنع كماشٍ فَوقَ أَرضِ  **  الشَوكِ يَحذُرُ ما يَـــرى 

لا تَحقِرَنَّ صَغيــــــــــــرَةً  **  إِنَّ الجِبالَ مِنَ الحَصى 

 

والتقوى كما يُعرِّفها أميرُ المؤمنين علي بين أبي طالب رضي الله عنه: هي الخوفُ من الجليل، والعملُ بالتنزيل، والقناعةُ بالقليل، والاستعدادُ ليوم الرحيل..

 

التقوى يا عباد الله: هي جِماعُ الخيرِ كُلِّهِ، وميزانُ الفضلِ والتَّفاضُل: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.. وهي وصيةُ اللهِ للأولين والآخرين: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّـٰكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ} [النساء:131].. وهي وصيةُ اللهِ الخاصة للمؤمنين: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون} [آل عمران:102]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر:18]..

 

التقوى هي وصيةُ المودِع، التي أوصى بها النبيُ صلى الله عليه وسلم أمتهُ، فقد جاء في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائلٌ: يا رسولَ الله، كأنَّها موعِظةُ مودعٍ فأوصنا، فقال: «أُوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبدًا حبشيًّا».. وفي الحديث المشهور: «اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» .. وما من نبيٍّ إلا ويقولُ لقومه: {أَلاَ تَتَّقُونَ}، فهي خُلاصةُ دعوةِ الأنبياءِ والمرسلين، وهي مدارُ الشريعةِ والدِّين، وهي سببٌ أساسٌ لطيب الحياةِ وعلو الدرجاتِ في الدارَيْن، {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا} [النبأ:31]. {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَر * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِر} [القمر:54]..

 

وأساسُ التقوى: هي التوبة النَّصوحُ من جميع الذنوب، ثم الإنابةُ الصادقةُ لعلام الغيوب، والقصدُ الجازمُ والعزيمةُ الجادةُ في طلب مرضاةِ الله، والمحافظةُ على أداء ما افترض الله، والبعدُ عن جميعِ المناهي والمحرمات.. وأن يكونَ العبد سبَّاقًا إلى كلِّ فضيلةٍ، مُتباعِدًا عن كلِّ رذيلة، مُراقِبًا للهِ تعالى في كلِّ ما يفعل.. وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: « «صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ» »، (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). 

وفي صحيح مسلم: «مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ»، ومن سن في الإسلام سنة حسنة، كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، واساس ذلك كله الإخلاص، فاجتهدوا يا عباد اللهِ في إخلاص العملِ لله.. فالله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتغي به وجه الله.. قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة} [البينة:5]..

 

ووالله يا عباد الله.. إِنَّهَا لَنِعمَةٌ وَأَيُّ نِعمَةٍ، أَن هَدَاكَ اللهُ تَعَالى للإيمان، وَاجتَبَاكَ وَجَعَلَكَ مِنَ المُسلِمِينَ، تدينُ بدين الحقِّ، وتعبدُ الله على بصيرةٍ.. فَكَم في هَذَا العَالَمِ مِمَّن هُم أَحَدُّ مِنكَ ذَكَاءً، وَأَدَقُّ منك فَهمًا، وأكثر وعيًا وحرصًا.. لَكِنَّهُم صُرِفُوا عَنِ الحَقِّ وَلم يُوَفَّقُوا إِلَيهِ، لا هَمَّ لأَحَدِهِم إِلاَّ أَكلهٍ يأكُلها، أوَ شربَهٍ يشربها، أوَ شَهَوَةٍ َيقضيها، أوَ متعة يمتعُ نَفسِهُ بها، يَعِيشُ كَالبَهِائمِ بَل هُوَ مِنهَا أَضَلُّ، كما قال الله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُم} [محمد:12]، فَالحَمدُ للهِ الَّذِي جَعَلَنَا مُسلِمِينَ، وَهَدَانَا لدينه القويم، وصراطه المستقيم:

والله لولا الله ما اهتدينا   **   ولا تصدقنا ولا صلينــــــا 

فاغفر لنا يا ربِّ ما جنينا   **   وزدنا من الإيمان واليقينا 

 

وإذا علمتَ يا عبد الله، أنك محاسَبٌ على أوقاتِك، مُسجلةٌ عليكَ جميعُ أقوالِك وأفعالِك، فاحرص على ما ينفعُك، واترك ما لا يعنيك، ودعْ ما يُريبُك إلى ما لا يُريبُك، ففي الحديث الصحيح: «كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» .. {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة:48].

 

وثَق يا عبدالله بربك، فما مَنعك إلا ليُعطِيك، ولا ابتلاك إلا ليُعافِيك، ولا امتحنك إلا ليَصطفِيك.. وأعلم أنَّك لن تنالَ ما تُحبَّ، إلا بترك ما تشتهي، ولن تُدرك ما تؤمِّل، إلا بالصبر على ما تكره، ولن تنالَ ما عند اللهِ، إلا بطاعته جلَّ في علاه، {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف:96].. وتعرَّفْ إلى اللهِ في الرخاءِ يعرفُك في الشدَّةِ.. وادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم.. {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص:77]، و {مَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40].. و {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الأنعام:160]، {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور:52].. و {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:46]..

ومن وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم: «اِغتَنِمْ خَمسًا قَبلَ خَمسٍ: شَبَابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبلَ فَقرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبلَ شُغلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبلَ مَوتِكَ»، والحديث صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.. وأفضلُ الأعمال: أداءُ ما افترضَ الله، والورعُ عمَّا حرَّم الله، وصدقُ النيَّة فيما عند الله.. وصَنائِعُ المَعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ.. وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ.. والمسلمُ من سلِمَ المسلمون من لسانه ويدِه، والمؤمنُ من أمِنَه الناس، والمهاجِرُ من هجرَ ما حرَّم الله، والمُسلمُ أخو المسلم لا يظلِمُه ولا يُسلِمه ولا يخذِله ولا يحقِرُه.. وما كان الرِّفقُ في شيءٍ إلا زانَه، وما نُزِع من شيءٍ إلا شانَه، والراحمون يرحمهم الرحمن.. {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:151]..

 

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر: 39، 40]

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ وَلَا تَعْصُوهُ {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة:281]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: ما من شيءٍ أخطرَ على الدين من الفتن، في الحديث الصحيح: إنَّ السعيدَ لمن جُنّب الفتن.. وفي محكم التنزيل: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص:55].. وقال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا} [الإسراء:36]..

 

ثم اعلموا أنَّ الانسانَ لن ينتصرَ على نفسه، ولن يغيرها للأفضل، إلا بحُسن الخلق، فعليكم به.. فأكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا.. وما مِن شيءٍ يوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسنِ الخلقِ، وإنَّ صاحبَ حُسنِ الخلقِ ليبلُغُ بِهِ درجةَ صاحبِ الصَّومِ والصَّلاةِ.. و {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11]، {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34].. وإذا كنت ذا رأيٍ فكُنْ ذا عَزيمةٍ.. فإنًّ فَسادَ الرأيِ أنْ تَتردَّدا.. وفي الحديث الصحيح: «المؤمِنُ القويُ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمِنِ الضعِيفِ، وفي كُلٍّ خيرٍ» .. فاحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، واعزم عزيمةً جادة، واجعل نيتكَ في الخير حاضرة ودائمة، فنيةُ المؤمنِ خيرٌ من عمله.. ومن همَّ بحسنةٍ فلم يعملها كُتبت له حسنةٌ كاملة، ومن عمِلها كُتبت له حسنةٌ مضاعفة.. {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الزخرف:43]..

 

من نظرَ في العواقب نجا، ومن أطاعَ النفسَ والهوى، تردى وهوى.. ومن تواضعَ لله رفعَهُ، ومن تكبرَ على الله وضعَهُ، ومن كان مع الله، كان اللهُ معَهُ.. ومن سلكَ طريقًا يلتمسُ فيه علمًا سهّل الله لهُ به طريقًا إلى الجنة، وخيركم من تعلّمَ القرآنَ وعلَّمه.. وأحبُّ الأعمالِ إلى الله أدوَمُها وإن قلّ.. وإذا أردت أن تعرفَ قدرك عندَ اللهِ، فانظر بم تنشغلُ وتهتم.. {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]..

 

واعلموا أنَّ عظيمَ الهمةٍ لا يُفكرُ بملءِ وقتهِ بالحسناتِ فقط، بل وبأنْ لا تتوقفَ حسناتهُ من بعد موتهِ.. جاءَ في صحيح مُسلمٍ قال صلى الله عليه وسلم: إذا ماتَ ابن آدمَ انقطعَ عملهُ إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له.. فاستبقوا الخيراتِ قبل فواتها، وحاسبوا أنفسكم على زلاتها، وأخلصوا عملكم للحي القيوم، وسدِّدوا وقاربوا، والقصدَ القصدَ تبلغوا، {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:45].. و {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء:80]..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر:29]..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

________________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالله محمد الطوالة