يا شباب الإسلام
نشر ثقافات المغضوب عليهم والضالين في مجتمعاتنا، إنها غزوُ فكريٌ مركز، وضربٌ مستمر على مركز الفضيلة والأخلاق في جسم هذه الأمة.
الحمد لله جعل قوة هذه الأمة في إيمانها، وعِزِها في إسلامها، والتمكين لها في سرير عيادتها، ثم الصلاة والسلام على نبيها ورسولها وقدوتها محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:-
أيها الناس: اتقوا الله حق التقوى وراقبوه، واعلموا أنه بالتقوى كل حبلٍ يقوى، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4] ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} [الطلاق: 5].
أيها الناس:
إنها حربٌ أو فتن أطلت علينا بقرنيها، وأزكمت أنوفنا بنتن ريحها من قبل أن نرى قبح وجهها، إنها حرب ضروس؛ لا يسمع فيها أزيز الطائرات، ولا دوي المدافع ولا الرشاشات، ولا القنابل التي بقوة الأصوات. هي والله حرب الإبادة الصامتة، نعم نشر ثقافات المغضوب عليهم والضالين في مجتمعاتنا، إنها غزوُ فكريٌ مركز، وضربٌ مستمر على مركز الفضيلة والأخلاق في جسم هذه الأمة.
أيها الناس: بدأنا نحس بنار يوشك أن يستعِرُ عوارها، ويكون شبابنا حطامها، وأخلاقهم رمادها.يا شباب الإسلام: إننا مستهدفون من أعدائنا فيكم وفي عقيدتنا، إنهم لن يرتاح لهم بال، ولم تقر لهم عين حتى يشعلوا نار حقدهم في أمنِنا وأماننا وشبابنا وأمتنا، وقد حققوا والله كثيراً من مبتغاهم .
يا شباب الإسلام:
هل شباب اليوم هم شباب الأمس؟ هل كان الآباء والأجداد كذلك؛ قَصَّات شعرٍ غربية لا تمت لمن به ذرةٌ من عقلٍ أو حياءٍ بصلة، حتى بدأنا يا شباب نسمع ونرى المحلات التي ويا للأسف تعلن جهاراً نهارا وبدون حياء عن صبغٍ وكويٍ وفردٍ وتجعيدٍ للشعر، ولكن لمن؟ لأحفاد عمر وابن الوليد وغيرهم ممن سطروا المجد التليد، ويكأن هؤلاء الشباب مسخت رجولتهم، وأصبحوا يجلسون تحت آلات الشعر الساعات الطوال، أعروساً تنتظر زوجها ليلة الزفاف، أو حسناء تنتظر خاطبها، حتى وصل الأمر كذلك إلى الملابس الضيقة والملونة والفضفاضة، بضاعة مزجاة تظهر تشبههم بالنساء وأيُ نساء بالنساء الكافرات بأوضح صورها وأخطرها وأبشعها، وأصبح الهمُّ عندهم مواكبة الموضات؛ اللون الفلاني هو السائد الآن، ويُلّبَسَ اللِباس الفلاني لأن الفنان الفلاني يلبسه، وهكذا صورٌ وعباراتُ أحفادُ القردة والخنازير تزينُ ويا للأسف صور أحفاد ممن كانوا يقاتلونهم حتى أنهم يترنمون بأغانيهم، وسيارات شبابنا اليوم تصدحُ بموسيقاهم، وإذا انتشر في بلاد الكفر أمرٌ تجد المقلدين لهم هم ويا للأسف من شباب أمتنا، وأبناء جلدتنا يصيحون بملأ أفواههم هيت لك أقذفوا إلينا نفاياتكم وستجدونها إكليلاً فوق هامتنا.
يا شباب الإسلام:
ألسنا نرى وترون ممن يضعون الوشم على أجسامهم ما بين شبابٍ وشابات جاهلين أو متناسين عقوبة من يفعل ذلك هي: اللعنة والطرد والإبعاد من رحمة الله، لماذا هذا التقليد؟ أين الوقت لتعرضون ما تفعلونه على الشرع، وهذا والله: يعود أولاً وآخراً على إلى البث الإعلامي المتولدُ من الأطباق اللاقطة التي لا تُصدر والله إلا الإعجاب والتشبه بالكفار على شتى مِللهم ونحلهم، ومن ثَمَ يتولد الاستئناس بهم ومحبتهم وتقديرهم وتعظيمهم، بل ويتدرج الأمر حتى وصل الحال إلى اِزدراء أهليهم ومجتمعاتهم ويحتقرون سلوكهم ولباسهم، مستحسنين عاداتهم المكتسبة، ومستمتعين بها ومستقبحين ما عليه الآباء والأجداد، فكلما التصقوا بهم وحاكوهم تشبها وخلقا، كانت حياتهم صافيةً هانئةً فيها كل مقومات السعادة على حد زعمهم .
يا شباب:
لن يدرك البطال منازل الأبطال، وعند تقلب الأحوال يعرف الرجال. يا شباب أين أنتم من سلفكم بل من شبابهم ممن امتلأت نفوسهم همما وإيمانا وأمانات وكفاءات، تشابهت السبل فاتخذوا سبيل الله سبيلا، وتفرقوا الناس فجعلوا محمداً وحزبه مثيلا، يا شباب الإسلام ها هو علي رضي الله عنه صبحٌ لا يحجب فلقه أسلم وهو ابن تسعَ أو عشرَ سنين، لا يُجارا في خلقه، حياته لم تكن لها صبوةٌ ولا شهوةٌ ولا هفوة، لهو الأطفال لم يكن في نصيبه له حض، بنور الآيات قضى طفولته، أخذ بنصيبٍ وافرٍ من الوصب والتعب وشدة العيش رضي الله عنه وأرضاه، ومع ذلك ما صده ولا رده عن دين الله، يا شباب الإسلام يقول علي: والله لقد رقعت مدرعتي هذه التي علي حتى استحيت من رقعها ولقد قِيل لي ألا تغيرها يا أمير المؤمنين قلت أغرب عني، فما رأيكم اليوم ما رأيكم بشباب الإسلام الذين يتسكعون في الشوارع، ويلبسون اللباس الضيق والبنطال، يلبسون من البنطال الفاضح والعاري بل ويسمون بعضها بأسماء والله إني لأستحي من ذكر أسمائها في هذا المنبر، فهل تصدقون ذلك إخواني؟ إي وربي ترى الرجل منهم وترى الشاب يلبس لباساً تستحي والله الأنثى من النساء أن تلبس مثله، إيه يا شباب الإسلام، ما رأيكم يا رجال يا شهود الله في أرضه ألم نسمع ونرى أنهم من طرفٍ خفي وعلى وجه المسابقةِ والتدرج يتأثرون بأهل البطالة وأهل الكفر في أعيادهم وفي احتفالاتهم، فكم سمعنا بمن احتفل برأس السنة الميلادية وغيرها من الأعياد والخزعبلات التي ضيع فيها الشباب العقيدة الصحيحة والرجولة المنشودة من آبائهم وأجدادهم.
أيها الناس:
لقد صُدرت إلينا عبر الإعلام أخلاق مستوردة غلفت والله ببعض القشور بعد أن غُير فيها، أيُ مسخٍ هذا وأيُ ذلةٍ هذه أشد وأنكى من أن تستورد الأمة الأخلاق ذميمة، وتأتي بقيمٍ هابطة، وأداة مغلفة، اسمعوا يا شباب ماذا يقولُ أحدُ زعماء الكفرة يقول أحدُ زعمائهم: لقد نشرنا روح التحرر الكاذب بين الشعوب الغيورة، اسمعوا ماذا يقول: وأقنعناهم بالتخلي عن دينهم، بل استطعنا يقول بتثبيط الشعور عندهم حتى أثبتوا الخجل من الإعلام عن تعاليم الدين وأوامره ونواهيه ومزاياه، والأدهى أننا استطعنا إقناع الكثيرين بأعلاناً جهاراً نهارا بإلحادهم وكفرهم بالله. أين أنتم يا شباب من قول الله جل وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [المائدة: 57]، أين أنتم من السلف قومٌ لقد ملأ الإله صدورهم نوراً فكانت بالضياء مزخرفة، هذا عمر ابن سلمه كما في البخاري يقول: ( لما كان عام الفتح بادر كل قومٍ بإسلامهم وبادر أبي قومي بإسلامه فلما قدم أبي من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال جئتكم من عند رسول الله حقا وقال صلوا صلاة كذا في حين كذا فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليئمكم أقرأكم لكتاب الله يقول: عَمَرَ فنظروا فلم يكن أحداً أكثر مني قُرآنا لما كنت أتلقى القرآن أتلقاه من الركبان يقول: فقدموني بين أيديهم بعد أن علموني الركوع والسجود ثم قال وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين، إن الله ليرفع بهذا القرآن أقواما ويضع آخرين، يا شباب يا أولياء الأمور اعلموا إن الالتحاق بحلق القرآن شرف والله وعزٌ ورفعة، واعلموا أن الطنطنة وأن التسكع والعطالة والبطالة للشباب والله إنها صفات الأنذال الأخساس، فالعمر لا يقاس بالأعوامِ والعقل لا يقاس بالأجسامِ، هذا عَمَرَ يا ابن الإسلام يئمُ قومه وهو ابن سبع سنين، فما قدمت لدينك يا ابن العشرين؛ يا ابن الثلاثين؛ يا ابن الأربعين؛ يا ابن الستين، هل نشرت علما؟ هل أنفقت في الخير مالا؟ هل غيرت منكرا؟.
يا شباب الإسلام:
إن الأعداء هجموا بكل قواهم، لقد والله شمل هجومهم العقائد والاقتصاد والتعليم والإعلام، لقد شمل العقل والنقل والدين والدنيا، وسددوا الطعنات الواحدة تلو الأخرى، وأبرموا المؤتمرات، نعم ذكرت مجلة المجتمع الكويتية أن أكثر من (15) ألف مُنَصَّر يجتمعون في برلمان لهم؛ أتدرون لماذا؟ أتدرون ماذا قالوا؟ قالوا: نريدُ أن نغزو الجزيرة وبالأخص هذه المملكة المباركة، قالوا: إذا أرتم أن تدخلوا فيها فعليكم بفئتين فئة الشباب وفئة النساء. أسمعتم يا شباب الإسلام، إنهم أظهروا الابتسامات الصفراء هنا وهناك ظاهرها الابتسامة وباطنها السم الزعاف؛ السم الناقع الذي ينفثه لسان حقدهم ولهيب كفرهم للإسلام والمسلمين، ولسان حالهم يقول: ننادي وندعوا إلى تقارب الأديان والله يقول {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85]، ولكن ماذا نقول في شباب هم أبواق الغراب، وهم الطبول المجوفة، وهم في الداخل عندنا يرددون كل جملة قيلة بالباطل، إنا لله وإنا إليه راجعون.
حال شبابنا اليوم يعرفون المشاهير من الفنانين والمطربين والممثلين واللاعبين، حديثهم ما بين لاعبٍ ومطربٍ ومطربة وبين ممثلٍ وممثلة، ويتحدثون والله حتى عن لباسهم وحتى عن طعامهم، وعلى هذه الثقافة فقـس.
يا شباب الإسلام:
لقد توجهت السِهام إلينا، إلى صدر المجتمع الإسلامي، وهو أنتم يا شباب الإسلام، فيأتي من الشباب هزيلٌ فيقوم فيشارك الكفار يشاركهم ويترك الحق الذي عنده، ويتكلم بما عند الكفار سراً وجهارا، يا عِماد المستقبل، ويا حجر الزاوية لسيور النهوض للمجتمعات، اتقوا الله يا شباب فهذه تبعيةٌ ذليلة، ومهزامية تقشر منها الأبدان، وتذرف الأعين منها والله دموعاً ساخنة على الأخلاق الموؤدة، فماذا نفعل وما هو الحل؟ إذا كان شبابنا يرددون أفكار الغرب، فيا خيبة الأمل، يا خيبة الأمل في جدوه الأمة ومشكاةُ أملُها، نسية أصالتُها وقَلَبَتَ ظهر المجن وتركت دينها، غرتهم كثرتهم من خبثهم {قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
يا شباب الإسلام:
أسألكم بالله لوسألناكم عن أصحاب الصحب في القرن الجليل هل ستجيبون؟ وأسألكم بالله لوسألناكم عن شيءٍ من تاريخ نبيكم - صلى الله عليه وسلم - هل ستجيبون؟ ولوسألناكم عن أركان الصلاة وواجباتها، وكذلك الحج والصيام هل ستجيبون؟ وأسألكم بالله لوسألناكم كم سورة تحفظونها من القرآن بل لو سألناكم عن تفسير سور الكوثر بالله عليكم هل ستجيبون؟ أقسم بالله أن الكثير من شباب اليوم لا تجد لديه جوابا، فإن سألت أحدهم عن شيء من ذلك نظر إليك نظر المغشي عليه، ووالله لو سألت الكثير منهم عن تاريخ وأسماء اللاعبين والممثلين والممثلات أو عن أحد المغنين أو المغنيات لأجابوا والله وبكل افتخار، وبلا تردد، بل لأجابوا وبالتفصيل.
يا شهود الله في أرضه يا شباب الإسلام: جلستم على الطرقات وشجعتم المنتديات وتجمهرتم وصحتم وصفقتم وصفرتم وفحطتم وسافرتم، لكن ماذا قدمتم للإسلام؟ أحررتم القدس من أذناب القردة والخنازير؟ أنصرتم الإسلام وأعنتم إخوانكم المضطهدين في كل مكان، أوقفتم مع شيخٍ أو طفلٍ أو مسلمة في أرض فلسطين؟ أو ماذا قدمتم للدين، فإنا لله وإنا إليه راجعون. يا شباب اسمعوا ماذا قال سفيان الثوري قال: ( صراط الله لا يقبل الذلة، ويأبى التبعية، ويرفض الخنوع، ويستعصي على الدخلاء )، أعرفتم يا شباب أن أعداء الله شنوا حملة عليكم، فما هو العمل؟ ما هو العمل وقد تُرِكَ الحق وأُعجِبَ بالباطل.
يا شباب:
حذاري أن يؤتى الدين من قبلكم، واعلموا أنه إذا هزمت الأمة في عقيدتها فقد غشيتها الذلة، ولم يكن لها أن ترفع رأساً أو تحقق غيره، ومن أجل عودة صادقة إلى موقع الصدارة لهذه الأمة، ولصد الهجمات الشرسة عليها، لا بد يا رجال من توافر الجهود لكي نرد المنافقين الدخلاء على مجتمعاتنا، فكل داعٍ إلى سوءٍ نحاربه سواءً مرأياً أو مقروءً أو مسموعاً. يا سبحان الله إمتلئت السجون وامتلئت الدور من شباب الإسلام يوم ضيعوا عقيدتهم ودينهم، فلنقل للجميع اتقوا الله، فلا خير فينا إلم نقلها، ولا خير فيهم إلم يسمعوا لها، يا شباب لا بد أن يستقر في النفوس يقيننٌ جازم بأن شريعة الإسلام هي دين الأمة، ودستورها في الصغيرةِ والكبيرة، وهي كلمة ربها، وهدي كتابها، وقانونها في العام والخاص في النقير والقطمير.
يا شباب الإسلام اعلموا أن الدين هو معين الحياة، يا شباب نحن لا نريد شباباً أوصاف رجال أوصاف نساء أو أشباه رجال، نحن نريدُ رجالاً بحق، فهل هذا حال أمة مسلمة؟ وهل هذا حال شبابها؟ هل هذا حال من نعدهم ذُخراً للإسلام، وذُخراً للأيام المقبلة، فما حال امرأةٍ ينتهك عرضها تعلمُ أن الذي سيدافعُ عنها هو شابٌ همه القصات والموضات؟ هل حقاً يا مسلمون أن رحِماً أنجبت سعداً، ومعاذ، ومصعب ابن عمير، وأسماء بنت أبي بكر، عقُمَ أن يُنجب لنا مثلهم؟ هل هو صدقاً أن يداً ربة عبدالله أبن عمر، وسعد ابن المسيب، أنها كسرت أو قطعت، وليس لها شبيهةٌ ولا مثيلةٌ في واقعنا؟ كلا ولا، فمن مشى على خُطى السلف كان من خير خلف، لكن الخطى مني ومنك، نعم مني ومنك لأننا تركنا الحبل على الغارب، للشعارات البراقة الوافده، أسلمنا بيوتنا إلى السائقين والخادمة، أسلمناها إلى القنوات والمسلسلات التي تعلمهم وتربيهم على الأخلاق الفاسدة، ونزوينا بعيداً عن التربية والرعاية، فإذا شاهدنا على أبنائنا ما يسوئنا، على غير ما نتمنا علقنا فشلنا تارةً على الأعمال وعلى توفير لقمة العيش، وتارة على الحض، بل وحتى القدر لم يسلم منى، ولم يسلم من لومنا والعياذ بالله.
يا شباب:
احذروا الخنوع والخلوع والتيمع، وما عجبي أن النساء ترجلت ولكن تأنيث الرجالُ عًجابُ، حال الشباب اليوم شهوةٌ وجفا، وقلةٌ تَجِدَ مَن يشكر الله عند الرخاء، فأصبحوا في داءٍ عضال، ومقتٍ ووبال، شبابٌ شبابٌ والله تركوا النخوة، وقضوا على البطولة والرجولة، شبابٌ يفرزون الدهن ويكبتون المروئة ويضعِفون الهمة، شبابٌ يفرز غثاءً يعيش بلا عقلٍ ولا عِلمٍ ولا تفكير في تأنيث لم يبقَ معه إلا أن تلحق بصاحبه تاء التأنيث أو نون النسوة، يا سبحان الله.
ولو إطلع الغرابُ على رُآهم
وما فيها من السوءاتِ شابا
إذاً إذا لم تجد في الشباب الإباء ففضل عليهم ضعاف النساء.
يا شباب:
إلى متى يا شباب وأنتم في فراغٍ وسهر، وانحرافٍ وفساد، وعشقٍ وغرام، وتخبطٍ وتفحيطٍ ودوران، عجبٌ وغرور، عقوقٌ للوالدين، تركٌ لصلاة، تبذيرٌ للأموال، تقليدٌ للغرب، ضياعٌ لشخصية، سفرٌ إلى بلاد الكفر والإباحية، لواط وزنا وعادة سرية، جلساء سوء، الكذب، الغيبة، وبذاءة اللسان، التشبه بالنساء، أفلام وقنوات، فُحشٌ وروايات، غناءٌ ومجلات، معاكسات، مقابلات، جنسٌ وشهوةٌ وإثارةٌ للغرائز، إلى متى إلى متى يا شباب، ألا يكفي هذا التخبط من وحلٍ إلى وحل، ومن مستنقعٍ إلى آخر، فتوبوا إلى الله وارجعوا إليه، واحمدوا الله جل وعلا على أن فتحنا أعيُننا في بلدٍ طيبٍ مبارك دينه الإسلام ورايته كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمدا رسول الله، وهو حق الله على العباد، فالتوبة التوبة يا شباب الإسلام، والبدار البدار قبل فوات الأوان. اغتنم شبابك وعمرك وقوتك فيما يرضي الله قبل أن تقول ربِّ ارجعون فيقال لك كلا، فأعدوا جميعا أعدوا يا شباب لسؤال جواب فوالله ليسألن كل شابٍ عن شبابه، {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر: 92، 93].
- إن حديثي مع الشباب إنما هو والله لمحبتي وإشفاقي عليهم، وحب الخير لهم، لأنهم هم القلب النابض، والفؤاد الدافق، ولأنهم أغلى الفئات على المجتمعات؛ كيف لا وهم عصب الحياة بعد الله جل وعلا وزهرة الأرض، ولعلمي وعلم الجميع أن الأمة علقت آمالها على شباب الإسلام، وكذلك الآباء، فبالله عليكم يا شباب ما ذنب أبٍ أو أمٍ ربيا ولدهما وهم يأملان آمالاً في ولدهم، ويتمنيا أن يرياهُ من خيرة الشباب، أن يرياهُ ذا دينٍ وخلق، فيرفعانِ رأسهما به، فما ذنبهما حين تكبر لا يجدان ما كانا يأمِلانه فيك، فهذا شاب داخل السجون والعار يبكي ويقول: إن والدتي أنا وحيدها ربتني تربية صالحة، يقول كانت والدتي ضعيفة البصر، وبعد أن قبض علي في قضية علِمت الوالدة، فما كان منها إلا أن ضعف بصرها، ثم يقول حكم علَّيَ بخمسة عشر عاما، ثم لما علمت أمي بذلك عمي بصرها وذهب بصرها تماما، ثم أرسلت إليَ برسالة تقول في ثنايها لولدها ذلك الذي تسبب في فقد بصرها قالت: يا ولدي أنا لايهمني أن بصري ذهب، ولكنني أقول لك كيف سأراك حينما تخرجُ من السجن، بل قالت في ثناياها ولدي ماذا ستقول لربك سبحانه وتعالى يوم تقفُ أمامه تحاجك عيناي، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
يا شباب الإسلام:
خذوها صريحة فصيحة لا تسيروا بجلباب ولا تتواروا بحجاب، علةٌ أعيت الأطباء وأحكمة والله وأتعبت الحكماء هي: رهن العزائم وضعف الإرادة والأخلاق، فلنداوي الأخلاق بالقرآن تصلح وتستقم، فيا أيها الجيل نريد جيلاً طاهراً تقياً نقياً، جيلاً عفيفاً نزيها، جيلاً آماله ومقاصده جليلة، جيلاً سلسالا يجمع بين جلل إيمان الصديق، وحزم عمر، وحياء عثمان، وشجاعة وقوة علي، وصدق سلمان، وأمانة عبيدة، فكن مثل الصحابة أهل دُنيا وأُخرى وعبادٌ وصحرى. فشد الرحال أيها الجيل وقرب المطية، فلا تخشى لذع الهواجر ولو كنت في شهري ناجر، ولا والله لا تقف لبعد الشقة وخيال المشقة، فنهض بإقدام إن أنت للعلياء ذِي مرامي، إي والله شقوا الزحام إلى العلياء واقتحموا أخطارها، إنما العلياءُ أخطارُ. فابدأ السير أيها الجيل، أبدأوا السير يا شباب الإسلام، وعليكم بإدراك الأعمار قبل يوم العار، وعودوا لربكم وأعلنوها حرباً لا رحمة فيها على الشيطان وأعوانه، وعلى دعاة السوء من أرباب الفساد في كل مكان.
أيها الشباب:
أسألكم بالله هل أنتم راضون عن أنفسكم، عن واقعكم، عن علاقتكم بربك، عن أصدقائكم، عن تعاملكم، هل تجدون طعم الراحة والسعادة، أخبرونا هل وجدتموها في الملهيات، في الضحك والمعاكسات؟ دُلّونَا بصروُنا هل وجدتم الطمأنينة والأنس في التسكع في الشوارع، في المال، في الغناء، في رفقاء السوء؟ هل تشعرون بالراحة والسرور، هل تشعرون بانشراح الصدر وأمن النفس؟ لو قلتم فصدقتم لقلت: لا، {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ أَعْمَىٰ} إني أُراكم جربتم كل شيء كل شيء تبحثون عن السعادة والراحة والطمأنينة اسمعوها: إن السعادة والفرح أخي الشاب في سجدة لله تبكي بها على ذنوبك، وتندب تقصيرك، إن السعادة الحقة في العودة إلى الله والتوبة النصوح إنها هناك في المسجد حيث الهدى والنور، في قراءة القرآن، في الصلاة، في الذكر والدعاء والخضوع، في رفقة الصلاح، فلا هموم إلا هم الإسلام، لا تسمع إلا حقًا، ولا تمشي إلا إلى خير، تجد الضحك ممزوجًا بالحب الصادق، والأنس متعلقًا بالنصح والإنابة، فمتى متى تكون أكثر جرأة في اتخاذ القرار، أعظم قرار في حياتك؟ متى ستطلّق حياة اللهو والعبث بلا رجعة لتجرب حياة الإيمان والسعادة؟ ماذا تنتظر؟ قلها واسمعها الدنا أنا مؤمن، لله حياتي، كلماتي، حركاتي، سكناتي، خفقان قلبي، وجريان الدم في عروقي. عد إلى الله وتب إليه، مهما كانت ذنوبك، أو عظمت عيوبك، {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162- 163]. انظر في نفسك وأسألها ماذا يملئ قلبك؟ أعمالك أقوالك لمن تصرفها، هل أنت راضٍ بما ستقدمه للقاء الله، وهل أعمالك ترضي الله، بأي وجه ستلقى الله؟ أسئلة كثيرة تحتاج منك أيها المبارك وقفة جادة للمحاسبة والاسترجاع. فيا معشر الشباب هلم إلى الله فإن القلوب والأجساد لا تقوى على عذاب الله، ولا تتحمل وليس بها طاقة والله على الوقوف بين يدي الله، فهلموا يا شباب وعلموا أن من نشأ على طاعة الله هو ممن يُظِلهم الله يوم لا ظل إلا ظله، الله أجعنا ممن يستظلون في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك.
ألا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة عليه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، وارض اللهم عن البررة الأتقياء، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن جميع الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
_______________________________________________
الكاتب: أحمد محمد مخترش
- التصنيف: