مقررات شرعية في ائتلاف الصفوف السلفية

منذ 2012-01-30


الحمد لله الذي أبدل الصدر الأول بعد الاختلاف وفاقاً، وإثر الافتراق اجتماعاً واتفاقاً: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[الأنفال: 63]، وصلى الله وسلم على محمد نبي الهدى، الذي أنقذ الله به الأمة من هُوَّة الردى، وعلى آله وصحبه ومن تلا واقتدى، أما بعد:

فقد ألَّفَ العلاَّمةُ الوزير أبو يحيى بن عاصم كتاباً سمَّاه: (جنَّة الرضا في التسليم لما قدَّر الله وقضى)، وذلك لمَّا رأى أمر الديار الأندلسية قد اضطرب، وأواصر الإخوة الإسلامية فيها قد انفصمت، وكان مما قال فيه: "من استقرأ التواريخ المنصوصة، وأخبار الملوك المقصوصة، علم أنَّ النصارى -دمَّرهم الله- لم يدركوا في المسلمين ثاراً، ولم يَرْحَضُوا عن أنفسهم عاراً، ولم يخرِّبوا من الجزيرة منازلَ ودياراً، ولم يستولوا عليها بلاداً جامعةً وأمصاراً، إلاَّ بعد تمكينهم لأسباب الخلاف، واجتهادهم في وقوع الافتراق بين المسلمين والاختلاف، وتَضْرِيبهم بالمكر والخديعة بين ملوك الجزيرة، وتحريشهم بالكيد والخِلابة بين حُمَاتِها في الفتن المُبيرة، ومهما كانت الكلمة مؤتلفة، والأهواء لا مفترقة ولا مختلفة، والعلماء بمعاناة اتفاق القلوب إلى الله مزدلفة، فالحرب إذ ذاك سجال، ولله بإقامة الجهاد في سبيله رجال، وللممانعة في غرض المدافعة ميدان رحب ومجال، وَرَوِيَّة وارتجال"[1].

وصدق -رحمه الله-، وتأمَّل تاريخ الإسلام تعلم، والواقع المعاصر يشهد، وقول الله -جل ذكره- أصدق: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].

ولا خفاء بما كان لملوك المسلمين في الأندلس والعُدْوَةِ[2] على النصارى من الاستطالة والغلبة، حتى وقع التخاذل والتدابر، فانعكس الأمر. ومن العجيب أن المآل المحتوم للتفرق والنزاع متقرر معلوم، ومع ذلك لم يفلح كثير من الأفاضل على مر التاريخ في وقاية أنفسهم من تلك العاقبة. وهذا يستوجب لَجَأ المسلمِ إلى ربه، وسؤالَه أن يبصِّره ويهديَه، وأن يعصمه من الفتن ويحفظَه.

وإذا كانت نخب البلاد من أتباع سلف الأمجاد بينهم ما صنع الحداد، فلأن تعظم الشقة بين هؤلاء أو بعضهم مع غيرهم أحرى.

والخوف على أهل الإسلام من هذا ولا حيلة لعدوهم بدونه؛ ففي الصحيح: «إن ربى قال يا محمد! إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يُرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسَنَةٍ بعامة، وأن لا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً»[3].

وعاقبة التفرق فشل ونزاع، وذلك مقرر عند العقلاء، ولهذا وصف الله تعالى متفرقي القلوب بأنهم لا يعقلون: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} [الحشر: 14].

ولا خلاف بين المسلمين في وجوب إقامة شرع الله، وكذلك لا خلاف بينهم في وجوب الائتلاف معتصمين بكتاب الله، وتتأكد الدعوة إلى ذلك في ظل الفتن والاضطرابات التي تجتاح عالمنا الإسلامي، وما يُدرَى ماذا يكون وراءها، وأيّاً ما كان فإنها تتطلب وحدة الكلمة، ولاسيما كلمة أهل السُّنة من أتباع السلف والأئمة.

وفي هذه العجالة جملة مقررات شرعية تعين على تحقيق هذا المقصد، واستحضِر -رعاك الله- وأنت تقرأها أن الجماعة صفة أهل السُّنة، وأن الحديث في هذا الصدد متوجه لأتباع السلف، المعظِّمين للكتاب والسُّنة، المبجلين للأئمة، من أي الطوائف كانوا، وإنما نبهتُ على هذا لأن أهل الفرق المخالفين للكتاب المختلفين فيه لهم شأن آخر، وفي التعامل معهم تفصيل ليست المقالة بصدده.


فمن المقررات الشرعية التي يساعد استحضارها على ائتلاف صف أهل السُّنة ما يأتي:

أولاً: رد العامة في مسائل الخلاف بين الإخوة إلى العلماء الراسخين الذين تبرأ ذمة العامة بتقليدهم، دون افتئات ممن هم دون أولئك عليهم، والنأي عن تعبئة العامة بفتاوى الأقران في بعضهم. وذلك لأن الاختلاف في المسائل والنوازل لا بد منه، لتباين الأفهام، واختلاف مناهج النظر، وتفاوت الناس في المدارك ومعرفة حقائق النوازل، وتفاوتهم كذلك في العلم بالشرع وأصول الأحكام، إلى غير ذلك من الأسباب، لكنه لم يكن لينجم عن ذلك ما تشهده الساحة الإسلامية في كثير من أقطار الأرض، لو اتُّبِع أمر الله.

والله تعالى قد أمر عند التنازع بالرد إلى كتابه سبحانه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم بيَّن أن من النوازل ما قد يخفى على غير أولي الأمر مِن العلماء، فقال: {وَإذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْـخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ وَإلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إلاَّ قَلِيلاً} [النساء: 83]، فخص بالعلم الذين يستنبطونه من أولي الأمر، وأوجب على العامة الرَّدَّ إليهم فقال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43/الأنبياء: 7]، بل أمر أهل العلم ببيان الحق ابتداءً، وتوعد كاتمه فقال: {إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ . إلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الـرَّحِيم} [البقرة: 159-160].

والله عز وجل ما أمرهم بالبيان إلاَّ ليتَّبَع، وما توعدهم على الكتم إلا لخطر عاقبته، فالموفق من ردَّ الأمر إلى من أمر الله بالردِّ إليهم، والمسدد من شاورهم وعرض بحثه عليهم، فقد قيل: رأي الشيخ خيرٌ مِنْ مَشْهد الغلام، ومن استغنى برأيه خاطر، ورأي الفَذِّ لا تستغني به الخاصة، ولا يصلح للعامة. والاغترار بما عند المرء من العلم سبيل أمم أضلهم الله على علم، وقد كانوا يحسبون أن ما معهم من الفهوم فضلوا به على من سواهم، وأن ما عندهم من العلوم قد سبقوا به غيرهم، فاغتروا بعلم إن لم يكن باطلاً فهو لا يغني عنهم من الله شيئاً، {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [غافر: 83]، فحري بك -أخا الإسلام- أن تراجع علماءك، وأن تحسن الظن بهم، وأن ترد الأمر إليهم، ولاسيما في القضايا التي تكون مظنة فرقة.

ومتى ترك الناس أمر الله لهم بالرد إلى علمائهم الراسخين، تفرقت كلمتهم، وتبعثرت جهودهم، وضاع مقصودهم، فالتنازع مُذهِبٌ لريح أهل الحق كما علِمتَ، وبهذا جرت سنته سبحانه في خلقه. فإذا تباينت الآراء بعد القراءة والبحث، فحري بالمسلمين أن يردُّوا الأمر لأهل العلم الراسخين، وأن يصدروا عن قولهم راضين، فالله إنما أمر العامة بالرجوع إلى أهل العلم، فلا ينازعنهم في الأمر غيرهم ممن لا تبرأ الذمة بتقليدهم! ولا يكفي السلفي أنه سلفي ليندرج في زمرة طلاب العلم فضلاً عن المشايخ دعك من العلماء المجتهدين الذين لهم قدم صدق في الأمة وبتقليدهم تبرأ الذمة، وإن قرأ بضعة كتب وحضر عند الأشياخ عدداً من المحاضرات والدروس، بل قيل: "إنما يفسد الناس نصف متكلم، ونصف فقيه، ونصف نحوي، ونصف طبيب، هذا يفسد البلدان، وهذا يفسد الأديان، وهذا يفسد اللسان، وهذا يفسد الأبدان"[4].

ثانياً: ترك المراء والمجادلة التي تفضي إلى الشقاق والنزاع: والناس في هذا الشأن طرفان ووسط، فمن الناس من يفهم أن ترك المراء والجدل يقتضي ترك البحث الشرعي، والمناظرة العلمية، والنأي عن الردود الشرعية، وهذا غلط، ومناظرات السلف والأئمة مع بعضهم، ومؤلفاتهم، وما أُثبِت في سيرهم كل ذلك ينفي أن تكون هذه خطة سلفية.

والمراء المنهي عنه، هو "طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه، من غير أن يرتبط به غرض سوى تحقير الغير"[5]، كذا قال صاحب التعريفات، وتبعه على ذلك المناوي وغير واحد من أئمة اللغة[6]، وقال صاحب الفروق: "الفرق بين الجدال والمراء قيل: هما بمعنى، غير أن المراء مذموم، لأنه مخاصمة في الحق بعد ظهوره وليس كذلك الجدال"[7]، ولهذا فالمراء مذموم في أصله إلا المراء الظاهر في مواضع بقيود، بخلاف الجدال ففيه المحمود وفيه المذموم، فالجدل ولو طال والردود وإن كثرت لا تُذَم، إذا كان الكلام في ذلك بمقتضى العدل، والقصد منه تقرير الحق وكشف الشبهة وردُّ الباطل، وإنما يذم الجدل إذا خرج عن حدود الشريعة، إلى أضرب من الاستطالة أو التحقير، أو الدفع عن الباطل المقرَّرِ بطلانه، ولهذا قال الله تعالى: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: 46]، وقال الله تعالى: {قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا} [هود: 32]، {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]، {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إلَى اللَّهِ} [المجادلة: 1].

والمقصود التنبيه على ترك المراء، وكذا الجدال الذي لا يراد منه الوصول إلى الحق أو بيانه، لكن يراد منه إظهار مذهب أو الانتصار لقول أو قائل غير معصوم، قال شيخ الإسلام رحمه الله: "وقد كره النبيُّ من المجادلة ما يفضي إلى الاختلاف والتفرق، فخرج على قوم من أصحابه وهم يتجادلون في القدر فكأنما فُقِئ في وجهه حب الرمان، وقال: «أبهذا أمرتم؟ أم إلى هذا دُعيتم؟ أن تضربوا كتاب الله بعضه ببعض! إنما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض»[8]، قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: فما أغبط نفسي كما غبطتها ألا أكون في ذلك المجلس"[9].

ثم قال: "وقد كان العلماء من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم إذا تنازعوا في الأمر اتبعوا أمر الله تعالى في قوله: {فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59]، وكانوا يتناظرون في المسألة مناظرة مشاورة ومناصحة، وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية مع بقاء الأُلفة والعصمة وأخوة الدين. نعم من خالف الكتاب المستبين، والسنة المستفيضة، أو ما أجمع عليه سلف الأمة، خلافاً لا يعذر فيه، فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع... وأما الاختلاف في الأحكام فأكثر من أن ينضبط ولو كان كل ما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة"[10].

ثالثاً: حسن الظن بالأفاضل وحمل كلامهم على أحسن ما يمكن: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَـحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} [الحجرات: 12]، وتأمل سياق الآية فبعد أن أثبت الله تعالى للمقتتلين الإيمان فقال: {وَإن طَائِفَتَانِ مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}، أمر المؤمنين بالإصلاح، {فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}، {إنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10]، ثم خص بعد أن أمر بالتقوى فنهى المؤمنين عن السخرية واللمز والتنابز بالألقاب، وتلك أمور ينتج عنها البغي، فالأنفاس المحمومة تنم عن اتقاد جمر القلب، والشَّرُ كثيراً ما تقدح شرارته الألسِنة الرطبة:
 

وإنَّ النَّـارَ بالعُودين تُــذْكَـى *** وإنَّ الـحربَ أوَّلـهُا الكـلامُ


وبعد أن خَصَّ الله تعالى النهي عن آفات اللسان التي قد يقع بها الشر بين المسلمين، نهى عن اشتمال القلب على الباعث، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم} [الحجرات: 12]، فحسم مادة الشر من أصلها، وفي صحيح ابن حبان: "ذِكْرُ الزجرِ عن سوءِ الظنِّ بأحدٍ مِن المسلمين"، وأورد فيه حديثَ أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث»[11].

قال سعيد بن المسيب: كتب بعض إخواني من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن ضع أمر أخيك على أحسنه، ما لم يأتك ما يغلبك، ولا تظنن بكلمة خرجت من امرئ مسلم شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً" [12].

ومن أحسن الظن بإخوته، لم يعتسف حمل التصرفات والأفعال على أسوأ وجوهها، ولو حققنا هذا في ما بيننا لارتفع شر كثير.

رابعاً: ينبغي حمل كلام الفضلاء على أحسن المحامل: والفاضل يحتمل في حقه من التأويل ما قد لا يحتمل لغيره، فمن عُرِف بالخير، ثم بدرت منه بادرة تخالف ما عُهِد عنه وعرف به، فيجب التماس العذر له فيها مهما أمكن، بخلاف الذي لم يُعرَف بخير، وإنما عرف بالشر، ولهذا تجد المحققين من أهل العلم يعذرون بعض الغالطين في تفوُّههم بعبارات وألفاظ مجملة أو مطلقة تحتمل معانٍ شنيعةً عند إطلاقها، ويلتمسون لهم المخارج منها، ومع تغليطهم كلمات وإطلاقات فإنهم يمهدون لبعض المتحدثين بها من الأعذار ما لا يمهدون لغيرهم، وذلك لمعرفتهم بما سبق وثبت من فضل من التمسوا له العذر، وتأمل تفريق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين عبارات من عُرِف بالإلحاد من أصحاب وحدة الوجود كابن عربي، أو ابن الفارض، أو ابن سبعين، وعبارات من عُرِف بتعظيم الشريعة كأبي إسماعيل الهروي، أو أبي سعيد الخراز، ونحوهما، وذلك فرع عن معرفته بما كان عليه أمرهم، وبمن ثبت له الفضل منهم، فيحمل مجمل كلام هذا على مبينه، ومطلَقَه على مقيَّده. وتفسيرُ تصرفات الناس وأقوالهم المجملة على ما عُهِد منهم، أَوْلى من اعتساف حملها على وجه سيء.

قال السبكي: "إذا كان الرجل ثقة مشهوداً له بالإيمان والاستقامة، فلا ينبغي أن يُحمَل كلامه وألفاظ كتابته على غير ما تُعوِّد منه ومن أمثاله، بل ينبغي التأويل الصالح، وحسن الظن به وبأمثاله"[13]، ولو كان هذا التأويل بحمل قوله العام على معنى خاص، فقد تحدث العلماء عن تخصيص كلام المتحدث بالعادة والعرف والشرع وغيرها[14]، في أبواب الأيمان والطلاق وغيرهما.

وكذلك اعتبار الحال وما عُهِد من المرء لازم لمعرفة الظاهر من قوله، قال شيخ الإسلام: "واعلم أن من لم يحكم دلالات اللفظ ويعلم أن ظهور المعنى من اللفظ تارة يكون بالوضع اللغوي أو العرفي أو الشرعي... وتارة بما اقترن باللفظ من القرائن اللفظية... وتارة بما يدل عليه حال المتكلِم والمخاطَب والمتَكلَم فيه وسياق الكلام الذي يعيِّن أحد محتملات اللفظ... إلى غير ذلك من الأسباب التي تعطي اللفظ صفة الظهور، وإلا فقد يتخبط في هذه المواضع"[15].

خامساً: تجب مراعاة سابقة الفضل لمن بدرت منه هفوة: فيغتفر لهذا ما لا يغتفر لغيره، "ومن جعل من أخطاء الثقات سبباً في التجريح والاطراح فقد أخطأ"[16]، وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله: "من اتبع ظنَّه وهواه، فأخذ يشنع على من خالفه بما وقع فيه من خطأ ظنه صواباً بعد اجتهاده، وهو من البدع المخالفة للسُّنة، فإنه يلزمه نظيرُ ذلك، أو أعظم أو أصغر في من يعظمه هو من أصحابه، فقلَّ من يسلم من مثل ذلك في المتأخرين، لكثرة الاشتباه والاضطراب، وبُعْد الناس عن نور النبوة وشمس الرسالة الذي به يحصل الهدى والصواب، ويزول به عن القلوب الشك والارتياب"[17].

وقد روي: «أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم»[18]، وصححه بعضهم[19].

قال الطحاوي: "هم ذوو الصلاح لا من سواهم، ولم يخرجهم ما كان منهم من الزلات والهفوات عما كانوا عليه قبل ذلك من المروءات والهيئات التي هي الصلاح"[20]، قال ابن القيم رحمه الله: "وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: وكذلك لطم موسى عينَ ملك الموت ففقأها ولم يعتب عليه ربه، وفي ليلة الإسراء عاتب ربَّه في النبي صلى الله عليه وسلم إذ رفعه فوقه، ورفع صوته بذلك ولم يعاتبه الله على ذلك. قال: لأن موسى عليه السلام قام تلك المقامات العظيمة التي أوجبت له هذا الدلال، فإنه قاوم فرعون أكبر أعداء الله تعالى وتصدى له ولقومه، وعالج بني إسرائيل أشد المعالجة، وجاهد في الله أعداء الله أشد الجهاد، وكان شديد الغضب لربه، فاحتمل له ما لم يحتمله لغيره. وذو النون لما لم يكن في هذا المقام: سجنه في بطن الحوت من غضبة، وقد جعل الله لكل شيء قدْراً"[21]، هذا مع أن الله أكرم يونس، ولم يعامله المعاملة التي يستحقها غيره، فجعل في بطن الحوت كرامة له، جزاء فضله، {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْـمُسَبِّحِينَ . لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات: 143 - 144]، وقال رحمه الله: "من قواعد الشرع والحكمة أيضاً أن من كثرت حسناته وعظُمت، وكان له في الإسلام تأثير ظاهر، فإنه يحتمل له ما لا يحتمل لغيره، ويعفى عنه ما لا يعفى عن غيره، فإن المعصية خَبَثٌ، والماءُ إذا بلغ قلتين لم يحمل الخَبَث، بخلاف الماء القليل، فإنه يحمل أدنى خبث، ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: «وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم»[22]، وهذا هو المانع له -صلى الله عليه وسلم- من قتل من جسَّ عليه وعلى المسلمين، وارتكب مثل ذلك الذنب العظيم، فأخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه شهد بدراً، فدلَّ على أن مقتضى عقوبته قائم، لكن منع من ترتُّب أثره عليه ما له من المشهد العظيم، فوقعت تلك السقطة العظيمة مغتفرة في جنب ما له من الحسنات، ولما حضَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة، فأخرج عثمان رضي الله عنه تلك الصدقة العظيمة، قال: «ما ضرَّ عثمان ما عمل بعدها»[23]، وقال لطلحة لما تطأطأ للنبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد على ظهره إلى الصخرة: «أوجب طلحة»[24]، وهذا موسى كليم الرحمن عز وجل ألقى الألواح التي فيها كلام الله الذي كتبه له، ألقاها على الأرض حتى تكسرت، ولطم عين ملك الموت ففقأها، وعاتب ربه ليلة الإسراء في النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: شاب بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي! وأخذ بلحية هارون وجره إليه، وهو نبي الله! وكل هذا لم ينقص من قدره شيئاً عند ربه، وربه تعالى يكرمه ويحبه، فإن الأمر الذي قام به موسى، والعدو الذي برز له، والصبر الذي صبره، والأذى الذي أوذيه في الله أمر لا تؤثر فيه أمثال هذه الأمور، ولا تغير في وجهه، ولا تخفض منزلته.

وهذا أمر معلوم عند الناس، مستقر في فطرهم، أن من له ألوف من الحسنات، فإنه يسامح بالسيئة والسيئتين ونحوها، حتى إنه ليختلج داعي عقوبته على إساءته، وداعي شكره على إحسانه، فيغلب داعي الشكر داعي العقوبة كما قيل:


وإذا الحبيبُ أتى بذنبٍ واحدٍ *** جاءتْ محاسنُه بألفِ شفيعِ


وقال آخر:
 

فإن يكنِ الفعلُ الذي ساءَ واحداً *** فأفعاله اللاتي سَرَرنَ كثيرُ


والله سبحانه يوازن يوم القيامة بين حسنات العبد وسـيئاته، فأيهمـا غلب كان التأثير له، فيفعل بأهل الحسنات الكثيـرة، والذين آثروا محـابَّه ومراضيه، وغلبتهم دواعي طبعهم أحيـاناً من العفـو والمسـامحة ما لا يفعله مع غيرهم"[25].

سادساً: تجب مجاهدة النفس على إنصاف المخالفين: ولا أقل من الإنصاف، فهو واجب تظاهرت عليه النصوص. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8]، وقال في الآية قبلها: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْـمَسْجِدِ الْـحَرَامِ أَن تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ والْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2]، وقال: {وَإذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام: 152]، {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْـمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]، فانظر كيف أمر بالعدل، ثم لم يقتصر عليه فجاوزه للإحسان، ثم لم يقتصر على مطلقه حتى خص بالإيتاء قوماً، ثم لم يقتصر حتى أكد بالنهي عن البغي وقول الفحش والمنكر.

وحري بالسلفي أن يسير على خطى سلفه في هذا، وقد سجل الجيل الأول من سلفنا الصالح في ذلك صفحات مشرقة، رغم ما وقع بين بعضهم، فعن محمد بن سيرين قال: قال رجلٌ لعلي رضي الله عنه: أخبرني عن قريش، قال: أرْزَنُنَا أحلاماً إخوتُنا بنو أُمية[26]، فتأمل هذا مع ما كان بينهما، وعن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، قال: ذُكر عند علي يوم صفين -أو يوم الجمل- فذكرنا الكفر، قال: لا تقولوا ذلك، زعموا أنَّا بغينا عليهم، وزعمنا أنهم بغوا علينا، فقاتلناهم على ذلك[27].

وفي المقابل لما جاء معاويةَ نعيُ عليٍ قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا فقدوا من العلم والخير والفضل والفقه! قالت امرأته: بالأمس تطعن في عينيه، وتسترجع اليوم عليه؟ قال: ويلك، لا تدرين ما فقدنا من علمه وفضله وسوابقه[28]، وقد كان معاوية رضي الله عنه يستفتي علياً رضي الله عنه مع ما كان بينهما[29].

وعن عاصم بن كليب عن أبيه قال انتهينا إلى علي رضي الله عنه فذكر عائشة فقال: خليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الذهبي بعد أن ساق الخبر: "هذا حديث حسن، ومصعب فصالحٌ لا بأس به، وهذا يقوله أمير المؤمنين في حق عائشة مع ما وقع بينهما، فرضي الله عنهما"[30].

وجاء رجل فوقع في عمار رضي الله عنه عند عائشة، فقالت: أما عمار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما»[31].

فحري بنا أن نأتسي بسلفنا في إنصافهم مخالفيهم الذين خرج الخلاف بهم إلى حدِّ القتال، وهذا الإنصاف تبقى ثمرته للأجيال التالية، فمعرفة الصحابة رضوان الله تعالى عنهم قدر بعضهم، مما أوجب لمن جاء بعدهم من أهل السنة عدم الاغترار بما شجر بينهم، ومعرفة فضلهم.

ومن الإنصاف إثبات الأعذار التي يظهر قيامها بالمخالف من أهل السنة، وفي هذا الشأن كثيراً ما يدخل الشيطان ليوهم المسلم بأن ما هو فيه من الشقاق مع إخوانه مقتضى الشرع، وإنما هو لله، وأن أخاه المخالف له ليس معه من الحق شيء، وليس له من التأول ما يسوِّغه عالم، وأن الحق الذي معه لا يخفى إلا على خفافيش البصائر، ثم يُسَهِّل على العبد أن يبكع أخاه بالبوائق، كالعمالة لأهل الكفر، أو البغي والخروج عن الطاعة، فتستعر العداوة، وتعظم الفتنة بين الإخوة، وكثير منهم يخادع نفسه، ويمنِّيها أماني بموافقة الشريعة، وربما دخلت على قصد ضعيف الإيمان دواخل أخرى. ولا يُستكبر وقوع بعض الفضلاء في هذا فقد وقع فيه على مر التاريخ أفاضل من بني الإسلام، فأريقت دماء زكية، وأهدرت أموال محترمة، وضعفت الدولة، وكادت ريح المسلمين أن تذهب، وما بان الأمر لكثير من ذوي الأفهام إلا بعد أن وقع أمر الله، وظهر ما جفَّت به الأقلام، وانطوت عليه الصحف، ليقضي الله أمراً كان مفعولاً.

ختاماً: الحديث ذو شجون والمقام لا يتسع، وقد رميت الدعوة السلفية بسهام المنون على مر عصور الإسلام منذ عهود الصدر الأول وهلمَّ جراً، لكن شأن أهلها ظل كما قال الأول:


فَبَقينا عَلى الشَناءَةِ تَنمِيـ *** نا حُصونٌ وَعِزَّةٌ قَعـساءُ

قَبلَ ما اليَومِ بَيَّضَت بِعُيونِ الـ *** ناسِ فيها تَعَـيُّطٌ وَإِباءُ

وَكأَنَّ المَنونَ تُردِي بِـنا أَر *** عَنَ جَونٍ يَنجابُ عَنهُ العَماءُ

مُكفَهِراً عَلى الـحَوادِثِ لا تَر *** توهُ لِلدَّهرِ مُوئدٌ صَــمَّاءُ



وستبقى الدعوة السلفية كذلك ما شاء الله تعالى شامخة، فلا تزال طائفة من الأمة على الحق ظاهرة، لا يضرها من خالفها ولا خذلها، وهذه الطائفة متفرقة اليوم بين أفراد وجماعات وجمعيات ومؤسسات، فيهم الظالم لنفسه، ومنهم المقتصد، وفيهم السابق بالخيرات، وعلى أهل الحجا والعلم من تلك الطوائف كلها أن يعملوا على توحيد صفوفهم، لتنتج الجهود السلفية غاياتها المرجوة، وتنهض بالأمة في شؤون الحياة المختلفة، ولاسيما في هذه الآونة، التي تحتاج فيها الأمة إلى جهود هؤلاء مجتمعة.

وقد قال ربنا سبحان: {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْـمُشْرِكِينَ . مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 31 - 32]، "ومن نصب شخصاً كائناً من كان، فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل فهو {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعًا}"[32]، والله أعلم.

___________________

[1] ينظر أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض لأبي العباس المقري التلمساني: 1/50 - 51.
[2] قبالة الأندلس من أرض المغرب وفيها بلدان شتى كان لها ذكر مثل: سبتة، وأصيلة، ورصيف العدوة، ولواتة وغيرها.
[3] صحيح مسلم (2889).
[4] الرد على البكري: 2/730.
[5] التعريفات للجرجاني، ص266.
[6] ينظر التوقيف على مهمات التعاريف ص647، والمادة في تاج العروس.
[7] الفروق اللغوية للعسكري، ص159.
[8] رواه الإمام أحمد في المسند: 2/178 (6668)، وابن ماجة في سننه (85)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة(69)، وأصله في صحيح مسلم (2666).
[9] مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 24/171.
[10] من رسالة شيخ الإسلام إلى أهل البحرين وهي في مجموع ابن قاسم: 24/170 - 174.
[11] البخاري (5719)، ومسلم (2563)، وانظر صحيح ابن حبان: 12/499 (5687).
[12] روي نحوه عن عمر، انظر تفسير سورة الحجرات للحافظ ابن كثير.
[13] قاعدة في الجرح والتعديل، ص93.
[14] تقرير هذا تجده في كتب أصول الفقه كالتمهيد للأسنوي، وكتب الأشباه، كما في غمزِ عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر، وكتب القواعد الفقهية كما في قواعد ابن رجب، بالإضافة إلى كتب الفقه.
[15] الفتاوى الكبرى: 5/155.
[16] ينظر الآداب الشرعية: 2/145 (فصل في خطأ الثقات وكونه لا يسلم منه البشر).
[17] درء التعارض: 1/283.
[18] رواه أبو داود في سننه (4375)، والنسائي (7253)، وابن حبان في صحيحه (94)، وغيرهم.
[19] كالألباني والأرناؤوط وغيرهما.
[20] بيان مشكل الآثار: 6/51.
[21] مدارج السالكين: 2/456.
[22] صحيح البخاري (3007)، ومسلم (2494).
[23] رواه الترمذي (3701) بلفظ: "ما عمل بعد اليوم"، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، وانظر تخريج مشكاة المصابيح (6018)، وباللفظ المذكور رواه البيهقي في الدلائل: 5/215، وغيره.
[24] رواه الترمذي (1692)، وابن حبان (6979)، وصححه جمعٌ من أهل العلم.
[25] مفتاح دار السعادة: 1/176.
[26] رواه معمر في الجامع: 11/56، وعنه عبد الرزاق: 5/451 بسند صحيح.
[27] ورواه ابن عساكر: 1/343 وغيره بسند صحيح.
[28] رواه ابن أبي الدنيا في مقتل علي (106)، وفي حِلم معاوية (19)، والسقطي في فضائل معاوية (29)، وابن عساكر: 59/142، من طريق جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة بن مِقْسَم، وسنده صحيح إليه، وهو يروي عن جمع من ثقات أصحاب معاوية وعلي - رضي الله عنهما -.
[29] الأم للشافعي: 6/30 و 137، وعبد الرزاق: 9/433، وابن أبي شيبة: 9/402، وسعيد بن منصور: 1/40، والغريب للخطابي: 2/199، وحلم معاوية (37)، والكلاباذي في بحر الفوائد: 1/466 رسالة دكتوراة، ابن عساكر: 42/415.
[30] سير أعلام النبلاء ترجمة أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: 2/177.
[31] والأثر مختصر انظر السلسلة الصحيحة، للألباني: 2/489 رقم (835).
[32] الفتاوى: 20/8.

إبراهيم بن عبدالله الأزرق