قلوب يهود : حقد وغل وغش وعداوة

منذ 2024-10-14

اليهود مشكلتهم الحقيقية وغلهم المدفون هو غل وحقد على الخالق ذاته سبحانه فهم يبغضون الله لأنه لم يحابيهم وجعل الرسالة الخاتمة في غيرهم.

الحمد لله رب العالمين

اليهود أشد الناس عداوة لكل مؤمن وأقسى الخلق قلوباً على الإسلام وأهله.

قلوب غلفها الكفر بعد أن أحرقها الحسد والحقد والغل {{وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُون}} (البقرة:88)، {{وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}} (النساء:155).

ونفوس خبيثة طبعت على الخيانة والغدر فلا تعرف الأمانة ولا الوفاء، لا يحفظون عهدا لله ولا لخلقه، ولا يوفون بميثاق {{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} }(البقرة:100)، {{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}} .

اليهود مشكلتهم الحقيقية وغلهم المدفون هو غل وحقد على الخالق ذاته سبحانه فهم يبغضون الله لأنه لم يحابيهم وجعل الرسالة الخاتمة في غيرهم.

فما كان يخفى على اليهود أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا نبوّته، ولكنّهم كتموا ما عندهم من آيات وبينات، وجحدوا الحقّ واستكبروا عنه حسداً من عند أنفسهم، قال الله تعالى: {{الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}} (البقرة:146). قال ابن كثير: "يخبر تبارك وتعالى أن علماء أهل الكتاب (اليهود والنصارى) يعرفون صحة ما جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم، {{كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ}} : كما يعرف أحدهم ولده". وقال السعدي: "يخبر تعالى: أن أهل الكتاب قد تقرر عندهم، وعرفوا أن محمداً رسول الله، وأن ما جاء به، حق وصدق، وتيقنوا ذلك، كما تيقنوا أبناءهم بحيث لا يشتبهون عليهم بغيرهم، فمعرفتهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، وصلت إلى حد لا يشكون فيه ولا يمترون، ولكن فريقا منهم - وهم أكثرهم - الذين كفروا به، كتموا هذه الشهادة مع تيقنها". وقال الله تعالى: {{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}} (البقرة: 109). قال ابن كثير: "من بعد ما أضاء لهم الحق لم يجهلوا منه شيئاً، ولكن الحسد حملهم على الجحود.. وقال أبو العالية: {{مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}} من بعد ما تبين لهم أن محمداً رسول الله يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، فكفروا به حسدا وبغياً، إذ كان مِنْ غيرهم". 

ذكر الألباني في" صحيح السيرة النبوية" أن رجلاً أعرابياً قال:  «لألقَينَّ هذا الرجل (النبي صلى الله عليه وسلم) فلأسمَعنَّ منه، قال: فتلقَّاني بين أبي بكر وعمر يمشون فتبعتُهم في أقفائِهم حتى أتوا على رجلٍ من اليهود ناشراً التوراة يقرؤها يُعزِّي بها نفسه على ابنٍ له في الموت كأحسنِ الفتيان وأجملهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنشدُك بالذي أنزل التوراة، هلْ تجدُ في كتابك صفتي ومخرَجي؟ فقال برأسه هكذا أي: لا، فقال ابنُه: إِيْ والذي أنزل التوراة إنا لنجدُ في كتابِنا صفتك ومخرجك، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وأنَّك رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: أقيموا اليهوديَّ عن أخيكُم، ثمَّ ولَّي كفنَه، وصلَّى عليه» 

وفي قصة إسلام حبر اليهود عبد الله بن سلام رضي الله عنه عبرة وعظة :

عبد الله بن سلام بن الحارث كان حَبْرا من كبار علماء يهود بني قَيْنُقَاع، ثم أسلم مَقْدَمَ النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقال عنه الذهبي: "الإمام الحَبْر، المشهود له بالجنة، حليف الأنصار، من خواصِّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم". وقصة إسلام عبد الله بن سلام رضي الله عنه يرويها أنس بن مالك رضي الله عنه فيقول: ( «أن عبد الله بن سلام بَلَغَه مَقْدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فأتاه يسأله عن أشياء، فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال: أخبرني به جبريل آنفا، قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، قال صلى الله عليه وسلم: أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، وأما الولد: فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد، قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. قال (عبد الله بن سلام): يا رسول الله، إن اليهود قوم بُهْت، فاسألهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي، فجاءت اليهود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟! قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أرأيتُم إن أسلم عبد الله بن سلام؟! قالوا: أعاذه الله من ذلك، فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك، فخرج إليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، قالوا: شرنا وابن شرنا، وتنقصوه، قال: هذا كنتُ أخاف يا رسول الله)» [رواه البخاري] .

تنبه:

اليهود لهم جرأة على الله تعالى لا حد لها، حتى حرفوا كتابه وجهروا بعصيانه {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، فهو تحريف عن عمد وقصد وليس عن خطأ أو اجتهاد وإنما كفر وعناد، كعنادهم وإصرارهم وجهرهم بالعصيان بعد بلوغ الأمر والنهي إليهم ومعرفتهم به {{مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}} (النساء:46).

الخاتمة :

عداوة وحقد لا مثيل لهما

روى ابن إسحاق في السيرة والبيهقي في "دلائل النبوة" عن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت: لم يكن أحد من ولد أبى وعمى أحب إليهما منى، لم ألقهما في ولد لهما قط أهش إليهما إلا أخذاني دونه، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء، قرية بنى عمرو بن عوف، غدا إليه أبى وعمى أبو ياسر بن أخطب مغلسَين، فو الله ما جاءانا إلا مع مغيب الشمس، فجاءانا فاترين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى، فهششت إليهما كما كنت أصنع، فو الله ما نظر إلى واحد منهما، فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي: أهو هو؟ قال: نعم والله! قال: تعرفه بنعته وصفته؟ قال: نعم والله. قال: فماذا في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت!
وسبحان القائل في قرآنه وكتابه وهو أصدق القائلين: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون}.

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.