يا من صاحبت القرآن وأحسنت الصحبة : هنيئاً لك
فيا من صاحبت القرآن وأحسنت الصحبة : هنيئاً لك. تنعمت في الدنيا بمصاحبة القرآن وترتقي في الجنة بإذن الله بقدر مصاحبتك إياه في الدنيا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
قال تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا }
قال الإمام ابن كثير رحمه : أي : اقرأه على تمهل ، فإنه يكون عونا على فهم القرآن وتدبره .
هنيئاً لك يا صاحب القرآن
أنزل الله تعالى القرآن على رسوله الخاتم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فأدى الأمانة ونصح الأمة وأكمل الله به الملة، ثم حمل رجال الأمة من بعده أمانة الكتاب والسنة وأوصلوها إلى الأمة في سلاسل من ذهب هي سلاسل الأسانيد الصحيحة ، ثم جاء دورك الآن لتحيا قصتك مع القرآن، قراءة وعملاً وتدبراً ورواية وتبليغاً.
فيا من صاحبت القرآن وأحسنت الصحبة : هنيئاً لك.
تنعمت في الدنيا بمصاحبة القرآن وترتقي في الجنة بإذن الله بقدر مصاحبتك إياه في الدنيا.
روى أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد كلهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقال لقارئ القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها.
قال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-:
قوله: «يقال» عند دخول الجنة، وتوَجُّه العاملين إلى مراتبهم على حسب أعمالهم. «لصاحب القرآن» أي: حافِظَه، أو حافظ بعضه، الملازم لتلاوته، أو لتدبره، والعمل به، والتأدب بآدابه.
وقال التُّورِبِشْتِي -رحمه الله-
«يُقَالُ لصاحب القرآن: اقْرَأ وَارْتَقِ...» الحديث، الصحبة للشيء: الـمُلَازمة له إنسانًا كان أو حيوانًا، أو مكانًا أو زمانًا، وتكون بالبدن، وهو الأصل والأكثر، وتكون بالعناية والهمَّة، وصاحب القرآن هو الملازم له بالهمَّة والعِنَاية، ويكون ذلك تارة بالحفظ والتِّلاوة، وتارة بالتَّدبر له، والعمل به.
وقال عبد الرحمن المباركفوري -رحمه الله-:
قوله: «يُقَالُ» أي: عند دخول الجنَّة «لصاحب القرآن» أي: من يلازمه بالتلاوة والعمل. .
وقال الملا علي القَارِي -رحمه الله-:
«يُقَالُ»، أي: عند دخول الجنَّة وتوجه العاملين إلى مراتبهم على حسب مكاسبهم «لصاحب القرآن» أي: من يلازمه بالتلاوة والعمل، لا من يقرؤه وهو يلعنه.
وقال محمود خطاب السُّبْكي -رحمه الله-:
قوله: «يُقَالُ لصاحب القرآن... إلخ» يعني: حافِظه كله أو بعضه، العامل به، المتأدب بآدابه.
ويُقَالُ له ذلك عند دخول الجنَّة، وتوجه العاملين إلى مراتبهم فيها على حسب أعمالهم.
وجاء في الموسوعة الحديثية (الدرر السنية):
القرآنُ هو كلامُ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهو خيرُ الكلامِ وأفضلُه، وحامِلُه في صَدرِه خيرُ النَّاسِ وأفضلُهم في الدُّنيا والآخِرَةِ.
وفي هذا الحديثُ بعضُ فَضائلِ حامِلِ القُرآنِ، حيث يقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: "يُقالُ" أي: معَ دُخولِ الجَنَّةِ "لصاحِبِ القُرآنِ"، وهو القارِئُ للقرآنِ، العامِلُ بما فيه، الملازمُ له تِلاوةً وحِفظًا؛ فالناس تتفاوتُ مكانتُهم في الجَنَّةِ بحَسَبِ تَفاوُتِهم في حِفظِه والعملِ بما فيه، وتَدبُّره؛ ولذلك يُقالُ له: "اقْرَأ" القرآنَ "وارْتَقِ" في دَرجاتِ الجَنَّةِ، "ورَتِّلْ كما كُنْتَ تُرتِّلُ في الدُّنيا" بقِراءتِه بتَأنٍّ وطُمَأنينةٍ مُجوَّدًا؛ فالجَنَّةُ دارُ جزاءٍ لا تَكْليفٍ، فهي قِراءةُ مُتْعةٍ؛ "فإنَّ مَنْزِلَك عِنْدَ آخرِ آيةٍ تَقْرَؤُها.
وفي الحَديثِ: أنَّ درَجاتِ الجَنَّةِ تُضاهي عددَ الآياتِ.
وفيه: فضيلةُ حافِظِ القرآنِ العاملِ به.
وفيه: فضيلةُ تَرتيلِ القراءةِ وتجويدِها على الإسراعِ فيها.
أبو الهيثم
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: