منظمات المجتمع الإسلامي ـ المدني.. النقيضان في القضية السورية

منذ 2012-03-15

أثبت العلماء في رابطة علماء المسلمين، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ومن غيرهما، وجمعيات البر والخير والإغاثة الممتدة في العالم العربي، ووسائل الإعلام الإسلامية، أنهم فاعلون في تحفيز الأمة لنجدة إخواننا في سوريا، صحيح أنها جهود المقلين، وننتظر المزيد والمزيد، لكنها بعون الله مباركة..


إدانة النظام الغربي والشرقي المتآمر على الشعب السوري، والمساند للكيان الصهيوني المتواطئ مع نظام بشار الأسد وإيران في عدوانهم الجماعي على أهل الشام من دير الزور إلى صيدا، ومن إدلب إلى غزة، لا يضيف كثيراً في مساعي إنقاذ أهل الشام من براثن المعتدين، والمساندين لهم في القارات الأربع، إلا من باب زيادة اليقين بعدالة قضية الشعب السوري، وتربية النفوس على صدق التوكل على الله، وكشف هذا الانحطاط الدولي، الذي يختلق الذرائع، ويجيد التسويف كي يحرق أمل السوريين، وأملنا معهم في التطلع إلى سوريا حرة مستقلة عن الاحتلال الطائفي لها.


تتلاحق الذرائع، ومنها ما يتحدثون به عن "الممرات الآمنة" لوصول المساعدات للسوريين المحاصرين في مدنهم وبلداتهم، وهي ذريعة متهافتة ومقصود بها تحويل ملف الحرية إلى ملف إنساني إغاثي، مثلما فعلت وزيرة الخارجية الأمريكية عندما أهانت المصريين إبان الثورة المصرية مفسرة خروجهم للتحرير بأنها نتاج أوضاع اقتصادية، تطلعت إلى نظام مبارك أن يغيرها ليس إلا، ويتأكد تهافتها مع التذكير بعملية "إعادة الأمل" في الصومال، والتي استهدفت السيطرة على الصومال، لكنها في الشق "الإنساني" منها نفذت بعض عمليات الإغاثة بإلقاء المواد الإغاثية بالطائرات، وهكذا تفعل الدول في بعض الكوارث حين تتقطع السبل بالمنكوبين في الزلازل والأعاصير والفيضانات ونحوها؛ فمن يرد أن يساعد سيفعل وسيذلل كل العقبات، لكنه النفاق الدولي، والرغبة في قتل روح التحرر لدى السوريين، والمساهمة الفاعلة من معظم الدول في محاصرتهم.


والذرائع كثيرة، لكن النتائج الإيجابية من هذه الأحداث أيضاً كثيرة؛ ومن ذلك، انكشاف أكذوبة "منظمات المجتمع المدني" التي تستخدمها الدول الغربية بانتقائية للضغط على بعض الدول، وحينما تأتي لحظتها المفترضة تجد تلك المنظمات وقد تبخرت تماماً، وانسحبت من ميدان عملها الحقيقي، وقد أتت الجرائم الطائفية في سوريا لتكشف مجموعة من المنظمات الارتزاقية العميلة؛


فقسم منها معني بالإغاثة أحجم عن مد يد العون للسوريين، وانزوي تاركاً المجال لأهل الخير الحقيقيين، الذين يفزعون لنجدة إخوانهم عند الشدائد، ولا نعني بهم التيارات الإسلامية وحدها، بل تلك الجماهير النقية ـ في غالبها ـ المحبة لدينها وقيمها وإخوانها.
وقسم منها، يزعم أنه مختص بحقوق الإنسان، لكنه يتعامى قاصداً عن تصعيد الملف، وتحريك المنظمات الأخرى، والضغط المستمر من أجل إيقاف هذا التعدي اللامسبوق على حقوق الإنسان ليس في الحرية وحدها بل في الحياة ذاتها.

وقسم منها، يقيم الدنيا ولا يقعدها على قيادة امرأة لسيارة لكنه لا يؤمن بأن اغتصاب النساء، بناتٍ وأمهات، ثم ذبحهن بدم بارد ـ كما حصل في حمص أمس ـ يندرج تحت قائمة اهتماماته كمنظمات لحقوق المرأة، لاسيما وهو يحتفل منذ أيام بما يدعي أنه يوم عالمي للمرأة.


ونظيره في حقوق الطفل الذي شهد ذبح 25 طفلاً أمس فقط دون أن يكفهر له وجه، أو تطرف له عين.


لقد انكشفوا جميعاً، لاسيما بعد أيام من فضائحهم غير بعيد عن سوريا، في مصر تحديداً، حيث تبدى أنهم لا ينطقون إلا بالشاحن الأمريكي المتدفق..


على النقيض، فقد أثبت العلماء في رابطة علماء المسلمين، والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ومن غيرهما، وجمعيات البر والخير والإغاثة الممتدة في العالم العربي، ووسائل الإعلام الإسلامية، أنهم فاعلون في تحفيز الأمة لنجدة إخواننا في سوريا، صحيح أنها جهود المقلين، وننتظر المزيد والمزيد، لكنها بعون الله مباركة.. وصحيح أن أصحابها لا يملكون سلاحاً يدافعون به عن إخوانهم المكلومين، ولا طائرات لتضرب الجزارين، ولا حتى لتلقي بمواد الإغاثة، لكنهم يحاولون جهدهم في السياق الصحيح.. هو السياق الذي عرفناه عن منظماتنا الأهلية الحقيقية، التي هي امتداد طبيعي لميراث الأجداد في التكافل والتراحم الذي لا يعرف الـ"أجندات"، ولا ينتظر تمويلاً، ولا توجيهاً، بل ينطلق بفطرته وبنخوته يسبقه دين يحث على مكارم الأخلاق.


20/4/1433 هـ