حكم ما يسمى بـ "الحب المحترم"
هل الحب بشروط الاحترام حلال أم لا؟ يعني خروج الشاب مع الفتاة باحترام وبعلم والديها. أرجو الإفادة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحب هو الميل إلى الشيء وهو أنواع شتى، فمنه ما هو مشروع ومنه ما هو مذموم، ومنه الجِبِلِّي الفطري، والاختياري المكتسب.
فأما المشروع : فكمن سمع بامرأة أو رآها فجأة فتعلَّق بها قلبه ولم يكن له في ذلك كسب ولم يسع إليه، فهذا لا يُلام عليه لأن الله سبحانه إنما يحاسب الإنسان على كسبه وإرادته وعمله الداخل تحت إرادته، فإن اتقى المحبُّ ربه وغض بصره، ولم يتعد دائرة الإعجاب ولم يسع إلى محرَّم، كخلوة ومجالسة ومحادثة، أو إلى انشغال عن الواجبات فإنه معذور حتى يجد سبيلاً إلى الزواج بها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" (رواه ابن ماجه)، فإن تعذَّر عليه نكاحُها صرف قلبه عنها حتى لا يقع فيما يغضب الله تعالى.
وأما الآخر: فهو أن يقع في الحب باختياره وسعيه، كحال من يتساهل في النظر إلى النساء، والحديث معهن ومراسلتهن، وغير ذلك من أسباب الفتنة، أو وقع بغير اختياره ولكنه لم يتق الله ولم يراع حدوده، بل استرسل في النظر، وصار يخلو بها، أو يحادثها، ونحو ذلك، أو أحب امرأة متزوجة، أو أحب من يستحيل أن يتزوجها للفوارق الاجتماعية بينهما؛ فلا ريب أن ذلك الحب في تلك الحال لا يبيحه الإسلام ولو كان في النية إتمامه بالزواج.
فالنظر المحرم، والخلوة المحرمة، والمواعدة الآثمة لا تبيحها نية الزواج، فليس في الإسلام ما يعرف بالحب والتعارف والصداقة بين الجنسين.
أما من تمكَّن الحب من قلبه حتى انقلب إلى عشق فعندها يجب العلاج، قال ابن القيم: "وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى المعرضة عنه، المتعوضة بغيره عنه، فإذا امتلأ القلب من محبة الله والشوق إلى لقائه، دفع ذلك عنه مرض عشق الصور، ولهذا قال تعالى في حق يوسف: {}، فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته، فصرف المسبب صرف لسببه، ثم وصف طرقاً لعلاج العشق نلخصها في النقاط التالية:
- الزواج -إذا كان ممكناً- وهو أصل العلاج وأنفعه.
- إشعار نفسه اليأس منه– إن لم يوجد سبيل للزواج- فإن النفس متى يئست من الشيء استراحت منه ولم تلتفت إليه.
- النظر إلى ما تجلب إليه هذه الشهوة من مفاسد وما تمنعه من مصالح. فإنها أجلب شيء لمفاسد الدنيا، وأعظم شيء تعطيلاً لمصالحها، فإنها تحول بين العبد وبين رشده الذي هو ملاك أمره، وقوام مصالحه.
ثم قال: "فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلها لم يبق له إلا صدق اللجأ إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، وليطرح نفسه بين يديه على بابه، مستغيثاً به، متضرعاً متذللاً، مستكيناً، فمتى وُفِّق لذلك، فقد قرع باب التوفيق".
ومما سبق يتبيَّن أن الحب بشروط الاحترام -كما تقول- هو الحب الذي نهايته الزواج وليس فيه ما يغضب الله تعالى من نظر محرم أو خلوة محرمة ومجالسة ومحادثة، ولا يشغل صاحبه عن الواجبات أو يوقعه في المحرمات، فما كان كذلك فهو بلا شك جائز، أما خروجك مع من تحب فإن كنت عقدت عليها فلا بأس، أما إن كانت أجنبية عنك فلا يجوز مطلقاً وإن كان بعلم والديها. والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: