حكم إقامة دولة تحكم بالشريعة
كثير من الجماعات الإسلامية تجعل من إقامة الدين فرضاً على الأعيان مستندين إلى قوله تعالى: {} [الشورى: 13] ويقصدون بإقامة الدين تغيير نظام الحكم حتى تكون مطابقة للشريعة الإسلامية فهل هذا صحيح؟
الحمد لله،
لا ريب أن الله شرع لجميع أنبيائه ومنهم أولوا العزم المذكورون في آية الأحزاب والشورى وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وعلى جميع النبيين والمرسلين شرع لهم إقامة الدين، وحذَّرهم من التفرق فيه، والدين الذي شرعه الله لأنبيائه هو عبادته وحده لا شريك له، يقول الله تعالى: {} [الشورى: 13].
وإقامة الدين تتحقق بالعلم والعمل، وهذا تختلف فيه مراتب الناس بحسب قدراتهم العقلية وما يتهيأ لهم من أسباب، فليس الواجب من إقامة الدين على العام من المسلمين كالواجب على العالم، ولا الواجب على الفرد من الأمة كالواجب على ولي الأمر؛ للتفاوت الذي بينهم في القدرة والمُكنة، والله تعالى يقول: {} [التغابن: 16] وكل مسلم يجب عليه من إقامة الدين ما يستطيعه، فيدخل في ذلك إقامة الدين بأداء الفرائض واجتناب المحارم، والفرائض منها الفرائض العينية التي تجب على كل مكلَّف، ومنها الواجبات الكفائية.
وأما إقامة دولة على منهج الإيمان فهذا من الواجبات الكفائية، فيجب على الأمة أن تقيم نظامها السياسي في الداخل والخارج على منهج الله، ولكن ذلك بحسب الاستطاعة وما يتهيأ من الأسباب المادية، و لا بد أن يكون ذلك محكوماً بضوابط الشريعة، وليس من لوازم القيام بهذا الواجب الخروج على ولي الأمر المسلم، ولا الخروج على من يسوغ الخروج عليه، إذا لم تتوفر القدرة التي تحقق الغرض المنشود، وتحقق المصالح المطلوبة شرعاً، فإن خلاف ذلك يؤدي إلى الفساد العريض في الدين والدنيا كما يشهد بذلك الواقع قديماً وحديثاً، والله أعلم.
تاريخ الفتوى: 23-11-1425 هـ.
عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
- التصنيف:
- المصدر: