تفسير قوله تعالى: {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}
كثيراً ما يُفسَّر قول الله تعالى: {} بأنه ظهور أثر علم الله فهل هذا صحيح؟ وإذا لم يكن كذلك فما هو الصحيح؟
الحمد لله،
من أصول الإيمان، الإيمان بعلم الله القديم المحيط بكل شيء بمعنى أن الله لم يزل عالماً بكل شيء من الموجودات والمعدومات، فهو تعالى يعلم ما كان وما يكون وما لا يكون لو كان كيف يكون.
قال تعالى: {} [التوبة: 115]، وقال تعالى: {} [آل عمران: 119]، والآيات الدالة على هذا الأصل كثيرة في كتاب الله، فهو تعالى يعلم كل ما في السموات، وما في الأرض، ما يُسِرّ العباد، وما يعلنون، قال تعالى: {} [آل عمران: 29]، إذا تقرر هذا فيجب أن يُعلم أن الله يعلم الأشياء على ما هي عليه، فيعلم الموجود موجوداً، والمعدوم الذي لا يوجد يعلمه كذلك، ويعلم المعدوم الذي سيوجد، يعلم أنه معدوم سيوجد، فإذا وجد علمه موجوداً بعد أن كان يعلمه معدوماً سيوجد، فمثل هذه الآية وهي قوله تعالى: {} [العنكبوت: 3]، وكقوله تعالى: {} [البقرة: 143] وأمثالهما، فهذا العلم المترتب على وجود الصادقين أو الكاذبين، ومن يتبع الرسول ومن ينقلب على عقبيه، هو علم هذه الأمور موجودة متحققة في الواقع، وقد كان الله يعلمها قبل ذلك، لكن يعلم أنها ستوجد، والله سبحانه وتعالى يبتلي العباد بأنواع من الابتلاءات؛ لتظهر هذه الحقائق، فتكون أموراً واقعية، بعد أن كانت مقدرة كي يترتب الجزاء على هذه الأعمال، فمن حكمته سبحانه وتعالى أن رتب الثواب والعقاب على ما يوجد من أعمال العباد، فلا يعاقب أحداً بمحض مقتضى علمه، وذلك من كمال عدله، وكمال حكمته، وهو الحكيم العليم، فله الحمد والثناء الحسن. والله أعلم.
تاريخ الفتوى: 23-11-1425 هـ.
عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
- التصنيف:
- المصدر: