حكم العمل في الأعمال المختلطة

منذ 2012-09-07
السؤال:

أنا إنسان ملتزم، ومُحافظ على الصلوات كاملةً وفي وقتِها وفي المسجد، ولا أرتَكِبُ الفاحشةَ ومُلتَزِم بِما حرَّم الله، ومُرْضٍ لوالديَّ ومتصدِّق، وآمُر بالمعروف وأنْهَى عن المُنْكَر، المُشكلة أنَّنِي أخْتَلِطُ بالنِّساء بِحُكم العمل الجماعي، الأمر الذي يؤدِّي إلى التَّكلُّم معهنَّ ومُحاولة استمالتِي إلَيْهِنَّ بِالكلام النَّاعم، وأنا غَيْرُ قادرٍ على كَبْحِ نَفسي؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّ الاختِلاطَ بِالنِّساء والتحدُّث معهُنَّ من أعظمِ الأبواب الَّتِي يَلِجُ منها الشَّيطانُ لِقَلْبِ المؤمن، فيُلْقِي فيه الخطرات حتَّى يُوقِعه في المُوبقات ويَحرمهُ لذَّة الطاعات؛ فإنَّ التَّحدُّث معهُنَّ غالبًا لا يَخلو من نظرةٍ تَتْبَعُها نظرات، حتَّى يَجِدَ المَرْءُ نفسَه قد تورَّط في إدمان ذلك والمُداومة عليه، مِمَّا يؤدِّي في النهاية إلى شَرٍّ مُستطير، وقد أخرجَ الشَّيخانِ من حديثِ أُسامةَ بْنِ زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "" وروى أبو سعيدٍ الخُدْرِي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: "" (أخرجَهُ مسلمٌ والترمذي وابنُ ماجه وأحمد).

وقد سدَّ الإسلامُ كُلَّ المنافذ التي تؤدِّي إلى الحرام ولو كانتْ مُباحةً في أصلها؛ سدًّا لذريعةِ الفَساد، وهذا أصْلٌ ثابتٌ في كتاب الله تعالى وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ونَحْن نعلمُ أنَّ الكثير من الرجالِ والنِّساء -هداهُم الله- لا يَلْتَزمون بالآدابِ والتَّعاليم الشرعيَّة، وربَّما تُوجَدُ بعضُ النِّساء غَيْرُ المُحجَّبات، وهذا كلُّه من أسباب الفِتنة والفسادِ التي حذَّر منها الرسول صلواتُ الله وسلامُه عليه بل حتَّى وإن كان الرِّجال والنساء صالحين فإن الشيطانَ لا يزالُ بِهِم حتَّى يَفتِنَهُم ويُضِلَّهم عن الصِّراط المستقيم، وهذا لا يَحتاجُ لإقامةِ بُرهانٍ لِمَن نَظَر حولَه!

ومن هذا يَعْلَمُ السَّائلُ الكريمُ خطورةَ التَّهاونِ بالاختِلاط مع النِّساء؛ فإنَّهُ ذريعةٌ إلى الوُقُوع في الفِتْنَةِ بِهِنَّ.

فالمُسلم يجب عليه الابتِعاد عن مواطِنِ الفِتَنِ، وما يُثِيرُ الغرائزَ ويُغْرِي بالفاحشة.

فالواجب عليكَ تَرك العمل الذي فيه الاخْتِلاط بين الرجال والنساء، حتَّى لا تضلَّ نفسك أو تضلَّهُنَّ وتقع في الفتنة العظيمة، وابْحَثْ عن بديلٍ من عمَلٍ آخَر مُباحٍ ليسَ فيه فِتَن، واحذَرْ أن يُشْعِرَك الشيطان بالثِّقة بالنَّفس؛ فإنَّ اللَّه تعالى وصَفَ المُؤمنينَ بالوَجَل والخشْيَةِ، وعلى المُؤْمِن أن يكونَ هيَّابًا، والأصل في الفتن أن تجتنب لا أن تقتحم.

فاجتهد في الخلاص من هذا العمل، وابحث عن عمل آخر، واصدق مع الله، {}، ولتجنب فتنة النساء ننصحك بالتالي:
1- غضُّ البَصَر.
2- تَجنُّب مُخالطة النساء وتجنُّب مُحادثَتِهنَّ نِهائيًّا إلا ما تدعو إليه الحاجةُ، ولتَكُنْ مُعاملتُهنَّ -حالَ الضرورة - بِحَزمٍ وصرامة.
3- مُجالسة الصالحين والقُرْب منهم، وقضاء أوقات الراحة معهم.
4- الاشتغال بالطَّاعات والذِّكر والقُرآن.
5- كثرة اللُّجوء إلى الله، والدُّعاء بالوقاية من فتنة النِّساء.
6- أن تأْمُرَ بالمعروف وتَنْهَى عن المنكر قدر المستطاع.

نسأل الله لنا ولك الثبات على دينه،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام