خطورة التساهل في الديون
ما قولكم في إقبال كثيرٍ من الناس على الاستدانة من البنوك الربوية، لشراء السيارات والشقق السكنية وغيرها؟
التساهل في الديون والإكثار من الاستدانة من القضايا التي وقع فيها كثيرٌ من الناس، مع عدم نظرهم إلى عواقبها السيئة في الدنيا والآخرة، ومن أهم أسباب استشراء هذه الظاهرة وانتشارها؛ تخفيف البنوك الربوية من القيود على الاستدانة، فالبنوك الربوية تعطي قروضاً تبلغ أضعاف راتب الموظف بضمانات سهلة جداً. وكذلك تطويل مدة السداد مع تقليل مبلغ القسط، فصار بعض الناس مربوطاً مع البنوك الربوية لعشر سنوات أو أكثر من ذلك. مع أن البنوك الربوية تفرض الفائدة الربوية بطرق مغرية كما جاء في إعلان أحد البنوك الربوية لتسويق قرض لشراء سيارة "أسعار فائدة منافسة، أسعار تأمين تفضيلية، إمكانية زيادة مبلغ القرض ومدة السداد، بطاقة فيزا مجاناً مدى الحياة" وبعض البنوك الربوية تعطي القرض السكني لمدة لغاية 25 سنة ومبلغ القرض يصل إلى نصف مليون دولار مع تقديم مغريات كثيرة! ولا شك أن للديون خطورة على الإنسان في دنياه وفي آخرته، وأذكر أولاً ما يتعلق بالآخرة، فقد ورد في الحديث عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "" (رواه مسلم).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ""( رواه مسلم).
وكذلك فإن الديون قد تحبس المسلم من دخول الجنة إذا مات وهو مدين، فعن محمد بن عبد الله بن جحش رضي الله عنه قال: "" (رواه أحمد والنسائي والحاكم وحسنه العلامة الألباني في صحيح الترغيب 2/167).
وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: "" (رواه أبو داود والنسائي)
وفي رواية للحاكم "" (قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين، وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب 2/168).
وفي رواية لأحمد: "" قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين.
وكذلك فقد ورد في الحديث أن نفس المؤمن تكون معلقةً بدينه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "" (رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن، ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي).
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتنع عن الصلاة عمَّن عليه دينٌ حتى يُقضى دينه فقد جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه "" (رواه مسلم).
وعن جابر رضي الله عنه قال: "" (رواه أحمد بإسناد حسن كما قال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 2/591).
وعن سعد بن الأطول رضي الله عنه "" (رواه ابن ماجة وأحمد والبيهقي وصححه العلامة الألباني في أحكام الجنائز).
وعن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "" (رواه أحمد والترمذي وابن ماجة وصححه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة 6/664).
وأما في الدنيا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الدَّين كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه قال: "" (رواه البخاري).
وعن عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "" (رواه البخاري).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات: "" (رواه النسائي وحسنه العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة 4/55).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "" (رواه أبو داود).
والواجب على المسلم إذا استدان -ولا يستدين إلا لحاجة ماسة- أن يعزم على سداد الدين عندما يوسر، فقد ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "" (رواه البخاري).
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" (رواه النسائي وابن ماجة وابن حبان وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في صحيح ابن ماجة 2/52).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" (رواه ابـن مـاجة وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن ابن ماجة 2/53).
وعن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "" (رواه ابن ماجة والبيهقي وقال العلامة الألباني: حسن صحيح. المصدر السابق 2/52). وغير ذلك من الأحاديث.
وخلاصة الأمر أن التساهل في الديون أمرٌ جِدُّ خطيرٍ على المسلم في دنياه وفي أخراه، وينبغي للمسلم أن لا يستدين إلا إذا ألمت به حاجةٌ ماسة، وعليه أن ينوي سداد الدين في أسرع وقت ممكن، وعلى المسلم أن يحذر من الاستدانة من البنوك الربوية، لأن الربا من كبائر الذنوب، وليعلم المسلم أن الدَّين قد يحول بينه وبين الجنة إن مات مديناً وإن فعل الأعمال الصالحات.
الجمعة, 12 أغسطس 2011.
حسام الدين عفانه
دكتوراه فقه وأصول بتقدير جيد جداً، من كلية الشريعة جامعة أم القرى بالسعودية سنة 1985م.
- التصنيف:
- المصدر: