من أظهر المعاصي وجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر
هل يجوز الكلام مع من مارس الزنا ولم يتب بعد؟[1]
من أظهر المعاصي كالزنا والخمر، والربا والتدخين، والإسبال وحلق اللحى، وغير ذلك من المعاصي فإن الواجب نصيحته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن؛ لقول الله عز وجل: {}[ التوبة: 71]، وقوله سبحانه: {}[ آل عمران: 110]>
وروى الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه خطب الناس، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية، وتضعونها في غير موضعها، وهي قول الله سبحانه: {}[ المائدة: 105]، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ""[2]. ويستفاد من هذا الحديث الشريف، ومن هذه الخطبة من أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أن من لم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر، مع القدرة لا يكون مهتديا الهداية الكاملة، بل هو ناقص الهداية.
وقد ذم الله الكفار من بني إسرائيل ولعنهم؛ لما عصوا واعتدوا على حرمات الله ولم يتناهوا عن المنكر، في قوله سبحانه: {}[ المائدة: 78، 79]، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ""[3] رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وروى مسلم أيضا في صحيحه عن أبي مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ""[4].
والأحاديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جدا، فالواجب على المسلمين من العلماء والأمراء وغيرهم، التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر عليه، عملا بالآيات والأحاديث الواردة في ذلك، وعملا بقول الله سبحانه: {}[ المائدة: 2]، وقوله عز وجل: {}[ العصر] والإنكار باليد يكون من ولاة الأمور ومن الهيئات المعينة لذلك من جهة ولي الأمر، ومن الرجل مع أهل بيته من أولاد وغيرهم، ومن جميع من له ولاية على من يتعاطى المنكر، وعلى غيرهم الإنكار باللسان والقلب حسب الطاقة، لما تقدم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، ولقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[التغابن: 16].
وأسأل الله أن يوفق جميع المسلمين من الحكام والمحكومين لكل ما فيه رضاه وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم، وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن ينصر بهم الحق وأهله، ويخذل بهم الباطل وأهله، إنه على كل شيء قدير، وهو سبحانه ولي التوفيق ولا حول ولا قوة إلا به.
_________________
[1] من الأسئلة المقدمة لسماحته من مجلة الدعوة.
[2] أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر برقم 4005، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه برقم 1.
[3] أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان برقم 49.
[4] أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون النهي عن المنكر من الإيمان برقم 50.
عبد العزيز بن باز
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقا -رحمه الله-
- التصنيف:
- المصدر: