شذوذ الزوج

منذ 2014-02-01
السؤال:

اكتشفتُ من فترة أنَّ زوجي شاذّ، وله علاقات مع شبابٍ، بعضهم عمرُه 18 و 19 سنة؛ يَعني: مراهقين، وفي بعض المحادثات، لاحظتُ أنه يحاول أن يغوِيَ البعض بالكلام، وأنا -الآن- أُريد الطلاق، لديَّ ثلاثة أطفال، أُريد الاحتفاظ بحضانتهم، أرْجو إفادتي بالتصرُّف السليم، وشكرًا.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وعلى آلِهِ وصحْبِهِ ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقَبْل أن تفكِّري في الطلاق، حاولي إخراجَ زَوجِكِ من هذه الهوَّة السحيقة، وإنقاذَهُ ممَّا وَقَعَ فيه مِن ورطة بفتْح حوارٍ صريحٍ مَعَهُ تخبرينه فيه بما اكتشفتِه مِن علاقاته، وذَكِّريه بالله العظيم، وسريع انتقامه، وشديد بطْشه، وبيِّني له حجمَ المعصية التي وقَع فيها، وما يُتَوَقَّعُ أن يترتَّب على استمراره في ممارسته مِن آثار مدمِّرة عليكم جميعًا، ومِن الحرمان مِن التوفيق في شتَّى شؤون الحياة، وفي الآخِرة مِن التعرُّض لمقْتِ الله وعذابه.

وراعِي في خطابِكِ معه الرِّفق، والرحمة، والرَّغْبة في الهِداية، ولا تنسَيْ أنَّ استمرار الحياة بين الزوجين غايةٌ مِن غايات دِيننا الحنيف؛ لِمَا يترتب على الطلاق مِن ضياعٍ للذريَّة، فاستعيني بالله، وَتَسَلَّحِي بالصبر الجميل، وتعاملي مع زوْجك بمصارحةٍ، وحاولي الوصولَ بالنقاش الهادِئ؛ لتعرفي هل عِنده ميولٌ للشذوذ، أم أنَّه شاذٌّ فعليًّا، ثم حاولي إقناعَه أن يُراجِعَ طبيبًا نفسيًّا، وأشعريه بوقوفِك معه، حتى يخرُجَ من محنته.

وساعديه على التوبة، والعودَة إلى الله -تبارك وتعالى- واعْلمي أنَّ لحسن القصد تأثيرًا غريبًا في هداية الآخَرين، وأكْثري مِن الدُّعاء له بظهْر الغيب أن يهديَه الله، ويُوفِّقه إلى الخير والهُدَى، ويجنبه طُرقَ الغَواية.

ابحثي له عن كُتيِّب في مضارِّ تلك الفاحِشة المنكَرة الشنيعة -الدِّينيَّة والدنيويَّة- من تسليط الهمِّ، والغمِّ، والنُّفرة، وسوادِ الوجْه، وظلمةِ الصَّدْر، وطمسِ نورِ القلب، وذَهاب المحاسن، والاكْتِساء بضدِّها، كما أنها تذهب بالمودَّة بينهما، وتبدلهما بها تباغضًا، وتلاعنًا، وأيضًا: فإنَّها مِن أكبر أسباب زوال النعم، وحلول النقم؛ فإنَّها توجب اللعن، والمقت من الله، وإعراضه عن فاعلها، وعدم نظَره إليه، فأيّ خير يرْجوه بعد هذا، وأيّ شر يأمنه، وأيضًا: فإنها تُورِث من الوقاحة، والجرأة والمهانة، والسفال والحقارة ما يكسو العبدَ حُلَّة المقت، والبغضاء، وازدراء الناس، واحتقارهم إيَّاه، واستصغارهم له؛ كما قال ابنُ القيِّم -رحمه الله تعالى- في "زاد المعاد".

كما أنَّ الدِّراسات الطبية الحديثة أثبتتْ أنَّ لتلك الفِعلة أضرارًا صحيَّة غاية في الخُطورة، منها: التأثير على الأعصاب، والمخ، وأعضاء التناسُل، والتهاب الكبد الفَيروسي، بل كثيرًا ما تؤدِّي إلى أمراض الشذوذ الخطيرة: كالزهري، والسيلان، والهربس، والإيدز.

فإنْ لم ينته عن معصيته، ويتركْ قبيحَ صنعِهِ، فهدِّديه بطلبِ الطلاق لعلَّه يرتدع؛ لأنَّ الحياة معه إن لم يتُب، ستنقلِب إلى نقمةٍ ولَعنةٍ عليكم جميعًا، فإنْ أَصَرَّ، فانفصلي عنه، وحضانةُ الأبناء مِن حقِّك إلى أن تتزوَّجي، فإنْ تزوجتِ، سَقَطَ حقُّكِ في حضانة البنت؛ لِمَا رواه أبو داود أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "".

وتنتقل البنت إلى حَضانَةِ أمِّكِ، وهو مذهَب جمهور العُلماء مِن المذاهب الأربعة وغيرهم، فلا يحقُّ لأبي الطفل أن يُنَازِعَ فيها، ما دَامَتْ جَدَّة الطفل لأمِّها سالمة، مُتَوَفِّرًا فيها مُؤهلات الحضانة، فإنْ كانت غيرَ موجودة، أو لا تُريد الطفل، أو غير ذلك، تنتقل الحضانة للأب.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام