هل يُهجر من يستعين بالجن؟
لدينا مشكلة في أحد مدن المغرب تفرق بسببها الإخوة، وهي أنّ أخا يستعين بالجن، ويستدل بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وكلام الشيخ العثيمين، وبعض العلماء الأجلاء، ومعه إخوة يعتقدون هذا ولكن لا يستعينون بالجن، وفريق آخر من الإخوة يقولون بأنّ هذا لايجوز، ويستدلون بكلام اللّجنة الدّائمة وكلام العلماء الأجّلاء الذّين يرون بعدم الجواز.
وفي هذه الأيام الأخيرة ذهبوا إلى عالم مغربي وأرادو أن يأخذوا حلاًّ للمسألة؛ فقال لهم الشّيخ -حفظه الله-: هذا لا يجوز ولم أسمع بهذا، قال الأخ: لقد ذكر هذا الشّيخ ابن تيمية وبعض العلماء، قال: هذا كذب على العلماء وأنّه لا يوجد خلاف.هذا ياشيخ مختصر الكلام.
وسئل الشّيخ من قبل بعض الإخوة ما الحكم عليه؟ قال الشيخ: حكمه كحكم السّاحر، وقال: انصحوهم وإن لم يرجعوا اهجروهم و حذِّروا منهم. وقد سجل الكلام واستأذنوا الشّيخ أن ينشروه فوافق.
الآن وضع الكلام الذّي دار في الجلسة في أسطوانة السدي ويوزّع الكلام في المدينة ويحذّرون من الإخوة.
السّؤال ياشيخ -حفظك الله-: إنّا نعلم منكم ومن بعض المشايخ أنّه يوجد خلاف بين أهل العلم في هذه المسألة، فهل نأخذ بالحكم الذّي أصدره الشيخ؟
والشّيخ من العلماء الأفاضل وقد صاحب الشّيخ الألباني والعديد من علماء المملكة.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مسألة الاستعانة بالجن هي موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله له كلام في هذه المسألة في المجلد الحادي عشر من مجموع الفتاوى، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله له كلام في هذه المسألة.
والاستعانة بالجن تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يستعين بهم في أمور محرّمة؛ فإنّ هذا محرم، كما لو استعان بهم على إيذاء النّاس في أبدانهم أو أعراضهم أو أموالهم ونحو ذلك.
القسم الثّاني: أن يستعين بهم في أمور مشروعة، كما لو استعان بهم في ما يتعلق بالدّعوة إلى الله عز وجل ونحو ذلك.
القسم الثّالث : أن يستعين بهم في أمور مباحة، كفقدان ضالة والبحث عنها فبعض العلماء يرى أنّ هذا مباح.
والذي يظهر لي والله أعلم أنه يُتّقى في الاستعانة بهم؛ لأنّ الاستعانة بهم تتخللها محاذير كثيرة منها: أنّهم قد يكذبون في كثير من الأحيان.
ومنها: أنّهم قد يُوقعون نفس المستعين بهم في بعض المحاذير كالوقوع في بعض الشّركيات ومن ذلك تعلق قلب الرّاقي بهم.
ومنها: الاستعانة بهم فيه مشابهة لفعل السحرة، فيختلط الأمر على كثير من العوام، فيساوون بين الرّاقي والسّاحر.
و أمّا بالنّسبة لما أفتى به هذا الشّيخ، فأقول هذه المسألة من المسائل الخلافية بين أهل العلم، وما دام أنّ هذا الأخ قد استند إلى كلام بعض أهل العلم فلا يجوز هجره أو التّحذير منه أو عداوته، وإنّما يُنصح ويُرشد بالتّي هي أحسن. ويبيِّن له أنّه لم يثبت عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- ولا خلفائه الرّاشدين، ولا الصّحابة ولا التّابعين أنّهم فعلوا ذلك، أو استعانوا بهم، أو لجؤوا إليهم في حاجاتهم.
والله اعلم.
- التصنيف:
- المصدر: