أتمنى الموت بسبب ما جرى بيني وبين خطيبي!
كنت قد أخبرتُكم أني خُطِبت لقريبٍ لي وأحببته بعُنف، وتطوَّرتِ الأمور بيننا إلى حدّ جعلت عَلاقتنا كعلاقة الأزواج ورَأَى منِّي ما يَرى الزوج من زوجته، مع الاحتفاظ بعُذريتي، وكأني لم أنتهك عذرية دِيني وشرَفي وثِقة أهلي بي، وصورة أبي وإخوتي في عينِ هذا الحقير! وبعدَ كلِّ هذا خانَني ومضَى في حياته وكأنَّ شيئًا لم يكن!
وأمْر آخر لم أذكره في رِسالتي الأولى هو أنِّي ضعُفت أمام حبِّه بعدَ فِراقنا وتحدَّثتُ معه هاتفيًّا لأجده أحقرَ ممَّا كنت أتصور، لقد بدأ يُحدِّثني كأنِّي جسد فقط بالنسبة له، وأصبَح يجرحني بحديثِه ويُخبرني بمغامراته النسائيَّة الجديدة، بل ويفتخر أمامي بأنَّه يحفظ كلَّ شامة في جَسَدي، وأنَّه سيشعر بالقرَف مني حين أتزوَّج، كيف أخدع زَوْجي الذي سيظنُّ أنَّني مَلاك، وأنا قد كنتُ على عَلاقة بغيرِه وأنَّه سيُشفق على زوجي؛ لأنَّه لا يعلم ماذا فعَل هو معي، وأنَّه أصلاً لا يظن أنَّ زَوْجي سيكون جريئًا مثله ويفعل كلَّ ما فعَلَه هو!
وقال لي أيضا: إنَّه لم يعدْ يُحبني، وإنَّه الآن يريد فتاة متديِّنة حقًّا، وأنَّه تعرَّف بعد فراقنا على فتاة "بريئة" ومحترمة وليس لها أي تَجارِب سابِقة، وأنَّه هناك شرارةُ حب بَينهما وأنَّه لن يتسلَّى بها؛ لأنه لا يَجرؤ كونها إنسانة محترمة!!
هل رأيتم ظُلمًا أكثرَ مِن هذا؟! هل رأيتُم ذلاًّ أكبر مِن هذا الذلِّ؟! لماذا أنا؟! لماذا هذه الإهانات والتَّجريح لي؟! لماذا وُضِعتُ باختبار كنتُ أضعف مِن أن أنجح فيه؟ لماذا شَوَّهتُ صورة أبي وإخوتي أمامَ شخص مِثل هذا، ولماذا أحببتُه بكلِّ هذا الضعف والغباء والجنون؟!
الآن أنا ما زلتُ محطَّمة وهو مضي في حياتِه ونَسيني، ولكنَّه لم ينسَ جَسَدي وما كان بيْننا! أعيش دائمًا هاجسَ الفَضيحة، أتخيَّل أمورًا كثيرة مُمكن أن تحدُث في المستقبل، أتخيَّله وقدْ فضَحَني أمامَ أهلي، أو غضِب منِّي إنِ ارتبطتُ وفضَحَني أمامَ زَوجي، أو تشاجَر مع أخي وأخي عيَّره بأخلاقِ أُخته السيِّئة فردَّ عليه هو بما كان بيْنَنا، أو غضب مِن أبي ودون وعيٍ منه تحدَّث عمَّا كان بيْننا، أو صارَح أمَّه أو أختَه أو حبيبته وتَطوَّر الأمْر وفُضحْت، تُراودني مخاوف غريبة وأتذكَّر تفاصيل قديمة وأربطها باحتمال أن يَفْضحَني.
فمثلاً أخي عندما خطبنا حلم أنه أطلق الرصاصَ عليه، فأتخيَّل أن هذا الحُلم كان إشارةً لما سيحدُث في المستقبل؛ أي: إنَّه سيُعيِّر أحد إخوتي بما كان بيْننا أو يَفضح ما كان بيننا فيكون مصيرُه كما في الحُلم!! وأيضًا أتذكَّر عندما تشاجَر مع أمِّه فأخذ يتحدَّث عنها بالسوءِ أمامي وشبهها بالساقطاتِ، وأخَذ يفْضَح كل أفعالها السيِّئة في لحظةِ غضَب، وأقول في نفسي: إن كان استطاع أن يتحدَّث هكذا عن أمه، ماذا سيردَعُه مِن أن يتحدَّث هكذا عني؟
وأيضًا هو يتفاخَر كثيرًا بعَلاقاته النسائيَّة، ألن يتفاخَر بعلاقته معي أمامَ خطيبته ويَروي لها كلَّ التفاصيل كما كان يَروي لي تفاصيلَه السابقة؟! أعيش بخوفٍ وقلقٍ وحياتي لم تعُدْ حياة، في الوقتِ ذاته أشعر بالشَّفَقة على إخوتي وأبي وقدْ شوَّهتُ صورتَهم أمامَه، وأتخيَّلهم يَتفاخَرون أمامَ أقاربِنا بأخلاقي أنا وإخوتي وبغَيْرتهم علينا، وهو يَضحَك بينه وبيْن نفسه على غبائِهم!
وأفكِّر أيضًا إن تزوجتُ وأحببتُ زَوجي، فكيف سأغفِر لنفسي أنَّه لم يكن أول مَن لَمَسني؟! كيف سأستطيع الكذبَ عليه؟! كيف سأجعله أضحوكةً للشخص الذي يَعلم أنَّ خطيبي أو زوجي الذي يفتخر بأخلاق زَوجته ويَثِق بها ثِقة عمياءَ لَمَسها شخصٌ قبله، أشفق عليه مِن نظرات هذا الشخص وتفكيره، أُشفق على عائلتي، وعلى أبي وأخي، أشفِق عليهم؛ لأني أعلم الطريقة الرخيصة التي يفكِّر بها، والراحة التي يشعر بها حين يَعلم أنَّه ليس الوحيد الذي لديه أخت سيِّئة الأخلاق! لا أعلم كيف استطعتُ أن أفْعَل هذا بهم، و كم أتمنَّى في نفسي لو أن الانتحار ليس حرامًا! كم أتمنى الموت!
أنا مُحطَّمة يائسة وكل أحلامي بزوجٍ حنون وأطفال نشيطين وبيت دافئ تلاشَت! تعبتُ حقًّا، تعبتُ كثيرًا وأتمنَّى أن أموتَ، أنا تُبت إلى الله ولكن هلْ تَعَبي هذا ومُعاناتي دليلٌ على أنَّ توبتي لم تُقبل وأنَّ الله غاضبٌ عليَّ؟ هل حقًّا الله موجودٌ، لماذا إذًا سمَح لكلِّ هذا أن يحصلَ، لماذا يَسمح أصلاً بكلِّ حالات الظُّلم والاغتصاب والقتْل والجوع والاضطهاد في العالَم؟ أستغفِر الله، لا يَكفيني مُصيبتي التي اقترفتُها وأصبحتُ أيضًا أشكُّ في وجود الله!!!
لا تتجاهلوا رِسالتي أرجوكم، ولا تتأخَّروا في الردِّ فأنا أموت حقًّا، كل يوم أقرِّر أني سأكون أفضل وأنَّ التائِبَ مِن الذنب كمَن لا ذنبَ له، ولكن بعدها أفشل وأظل أتذكَّر ما فعلت وكيف سأواجه أهلي إنْ علِموا أو حتَّى لو لم يَعلموا كيف وضعتُهم في موقف مُهين ومذلٍّ كهذا وأمام شخصٍ حقير، أكرهه، أكرهه كثيرًا؛ هل يا تُرَى لي دعوة مظلوم عندَ الله أم أنَّ الله لا يعتبرني مظلومة كون كلِّ شيء تَمَّ بإرادتي؟
ولكنِّي والله أشعُر بظلم شديد وإهانة وذُل، لا أعلم كيف أوصِّل كلَّ ما أحس به، ولكنِّي مكسورة، وأدْفَع عُمري كله مقابل أن يعودَ الزَّمن؛ لكي لا أضع أبي بموقفٍ كهَذا؛ كي لا أكونَ سببًا لأنْ ينظر هذا الحقيرُ لأبي وإخوتي باستهزاء وسخرية إن تَحدَّث أحدهم عن أخلاقي!! أشعُر بذنبٍ فظيع.
ما زلتُ أتعجَّبُ مِن أحكام المجتمع ونظرتِه لبعضِ الأمور التي أبعد ما تكون عن العَدْل، تقترفُ الفتاةُ مع أحدِ الشباب ذنبًا، فلا ينظُر لفِعْله ولا يأبه لجُرمه؛ لأنَّه رجل، والرَّجل في فِكرهم الفاسِد لا تَعيبه مثلُ هذه الأمور، في حين تبقَى الفتاةُ في حالةٍ مِن الرعب والذُّعر والهَلَع المستمر؛ خشيةَ الفضيحة!
أنتُما مشتركانِ في الذَّنْب، والإثم واحِد، لم يفرِّق الإسلام بيْن الرَّجُل والمرأة في الحسَنات، أو السيئات؛ {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر: 40]. {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195]. فعليه أن يخافَ مِثلما تخافين، وأن يَحزنَ كما تَحزنين، وأن يندمَ كما تَندمين، لكن ماذا نملِك لِمَن لا قلب له؟
فعَلَ مِثلما فعلتِ مِن الذنوبِ، واقترَفَ ما اقترفتِ مِن المعاصي، فلا فَرْقَ بينكما أمامَ الله، وإنَّما يُفرِّق المجتمع بيْن الرَّجُل والمرأة في مِثل هذه الأمورِ، ويَعُدُّ جريمتَها نكراءَ شنعاءَ؛ لأنَّ نَظرتَه قاصِرة، وغير عادِلة، وعليكِ ألاَّ تخافي فضيحةَ الدنيا ولا تُفكِّري فيمَن حولكِ الآن، قد عَصيتِ الله وما عليكِ إلا التوبةُ والإنابة، ما عَليكِ إلا صِدْق اللجوء إليه، وأن تَذرِفي الدمعَ بيْن يديه -عزَّ وجلَّ- وما يُدريه أنه سيظفَر بفتاةٍ بريئةٍ طاهِرة عفيفة؟! وما يُدريه أنَّ الله سيرزُقه بمَن لا يستحقُّها؟!
وهل سيَعلم زَوجُكِ -إنْ شاءَ الله- بما كان بَيْنكما؟
لا تُفكِّري في هذه الأمُور؛ فالحسابُ ليس في هذه الدَّار، وإنما يدخِّر الله للمجرمين ادِّخارًا، ويَعُدُّ لهم عدًّا، والله تعالى يُعطي الدنيا لمن يحبُّ ومَن لا يُحب، ولكنَّه لا يُعطي الآخرةَ إلا لِمَن يحب.
تقولين: "لماذا وُضعتِ باختبار كنتُ أضعف مِن أن أنجح فيه؟! لماذا شوَّهتُ صورة أبي وإخوتي أمامَ حقير مِثل هذا؟! ولماذا أحببتُه بكلِّ هذا الضعفِ والغَباء والجُنون؟!" ثم تَربطين هذا الاختبارَ بوجودِ الله!!!
جاءَ عمرُ بن الخطَّاب -رضي الله عنه- إلى رسولِ الله في الحديبية وقدْ حِيل بين المسلمين وبيْن الطواف، فقال: يا رسولَ الله، ألسْنا على الحقِّ وهم على الباطِل؟ فقال: " "، فقال: أليس قتلانا في الجَنَّةِ وقتلاهم في النار؟ قال: " "، قال: فعلامَ نُعطي الدنيةَ في دِيننا؟! أنرجِع ولَمَّا يَحكُم الله بيْنَنا وبينهم؟ فقال: " "، فانْطَلَق عمرُ إلى أبي بكْر، فقال له مِثلَ ما قال للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال: إنَّه رسولُ الله ولن يُضيِّعَه الله أبدًا، فنزلتْ سورة الفتح فقرأَها رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- على عمرَ إلى آخِرها، فقال عمر: يا رسول الله، أوَ فَتْحٌ هو؟ قال: " ".
لم يَكفُر عمرُ -رضي الله عنه- بعدَ أن حِيل بينه وبين الطواف، ولم يرتدَّ الصحابة وقد شُرِّدوا وعُذِّبوا وقُتلوا في سبيلِ دِينهم. لم يقلْ عُمر وقد تألَّم قلْبُه لما يلاقي المسلمون من شدة وذل: لماذا؟ لأنهم يعلمون يقينًا أن هذه الدنيا ليست دار العدل، وليست النهاية، أما الكافر فيقول: لا بد من ظهور عدل الإله في كل موقف في الحياة؛ لأن الحياة الدنيا بالنسبة له كل شيء، فلا إيمان عنده بحياة بعدها!
على مَن تُلقين باللومِ في سُقوطكِ مع ذلك الوضيع؟ على مَن حولكِ؟ أم على عدلِ الله الذي أنكرتِ وجودَه ثم تراجعتِ عنه؟ يقول-عزَّ وجلَّ-: و{َلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَار} [إبراهيم: 42]، فمِن أين لكِ هذا الربطُ العجيبُ بيْن الابتلاء وبيْن وجودِ الله؟!
استغفِري الله وجدِّدي إيمانَكِ، وتَقرَّبي إليه -عزَّ وجلَّ- فلا أجملَ مِن شعورِ القُرب مِن الله، ولا أروعَ مِن الأُنس به لِمَن ذاقَه.
خَوفُكِ الشديد مِن أنْ يَفضحَكِ لا مبرِّرَ له؛ فمَن يقول على والدته مثلَ هذا الكلام لن يكونَ له كلمةٌ مسموعةٌ عندَ الناس، ولو فعَل، فعليكِ الإنكار وإظهار التعجُّبِ مِن قوله، وليكُن ذلك باستخدامِ التعريض؛ كأنْ تقولي: لم أفعلْ معه شيئًا ممَّا قال، وتكون نِيَّتكِ: أنكِ لم تفْعلي معه ذلك اليومَ أو أمس. والستر على النَّفْسِ واجبٌ شَرْعي، فلا تَجعلي مِن خوفكِ الفضيحةَ شبَحًا يُخيِّم ظلالُه على حياتِكِ، فيَذهب بنورها ويقضِي على أحلامكِ.
تَتَساءلين في تألُّم: كيف ستَغفرين لنفسِكِ إنْ لم يكُن زوجي أولَ مَن يلمسني؟!
وأقول لكِ: ستَغفرين لنفسكِ لأنَّكِ بشرٌ يخطِئ ويُصيب؛ لأنَّكِ زللتِ، والزَّلة لا تَعني نهايةَ العالَم، ولا تَعني أن نحتقرَ أنفسنا لهذا الحدِّ المؤلِم.
لا تَعني أنَّ العالَم قدِ انتهى وقد حِيل بيننا وبيْن التوبة، وكم مِن مذنبٍ خير مِن ألف عابِد، إنْ هو تابَ وأنابَ وطهَّر قلبَه ونفسَه مما اقترف!
تغفرين لنفسكِ لأنَّكِ تَقرئين قولَ الله: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 68 - 70]. مَن يَتوبُ مِن الشِّرْك أو القتْل أو الزِّنا لا تُغفر ذنوبه فقط، بل تُبدَّل حسنات؛ أليس هذا كرمًا ولطفًا مِن الله؟! وما ذلك على الله بعزيز!
فلماذا يحكُم المسلمُ على نفْسِه بهذا الحُكم الجائِر، وقدْ فتَح الله له بابَ التوبةِ على مِصراعيه؟! لماذا يَقنَط مِن رحمة الله وقدْ وعَدَه الله بها؟!
قدْ يَدفعُكِ ما فعلتِ مِن ذنوب لبذلِ المعاملة الحسَنَة والخُلُق الطيِّب مع زوجِكِ، قدْ يُذكِّركِ ذنبُكِ بحقِّ زَوجكِ عليكِ، وتقديم المزيد مِن التضحياتِ مِن أجْلِ إسعادِه. ما مَضَى فات، والمؤمَّل غيبٌ، ولكِ الساعة التي أنتِ فيها. ما فائدة التحسُّر على الماضِي؟! ماذا نَجْني مِن تعذيب النَّفْس وجلْد الذات؟!
تَشعُرين بالشفقةِ على والدكِ وأهلكِ ممَّا فعلتِ، فلمَ لا تحاولين تعويضَهم ببرِّهم ومعاونتهم ورفْع رأسِهم من جديد؟!
أمامَكِ الكثيرُ لتعمليه، لكنَّكِ قبعتِ في غُرفتكِ وتوسَّدتِ أحزانَكِ، واغترفتِ من بحرِ الهُموم الذي لا ساحلَ له! لماذا نَسْمَح للأحزان أن تتجرَّأ علينا وتسكب عَبْراتنا في وقتٍ أحوج ما نكون فيه إلى القُوَّة؟! مهما اشتدَّتْ ظُلماتُ أحزانكِ، فشَمعة أمَلٍ واحدة كفيلةٌ بتبديدِ كلِّ هذه الظلمة ومحْوِ آثارها.
تُشفقين عليهم مِن نظرته إليهم؟ ومَن يكون هو حتَّى تخشي نَظرتَه إليكم؟! أنتِ بحاجةٍ لمحوِه مِن ذَاكرتكِ والتغلُّبِ على آثارِه وإلْقاء مخلفَّاتِها في نهرِ النِّسيان.
تَقرَّبي إلى الله وتعرَّفي عليه، وأحْسِني استغلالَ ما أنْعَم به عليكِ، بدلاً مِن تمنِّي زوال النِّعم عنكِ، ولتَعْلَمي أنَّ تَعبكِ وحُزنكِ ليس دليلاً على ردِّ توبتِكِ؛ وإنَّما هو نتيجةٌ حتميَّة لارْتكابِ الذُّنوبِ وتَعدِّي الحدود، وهو شُعورٌ نفْسي طبيعي للنَّدمِ الذي يُرافِق كلَّ مَعصية، فجدِّدي التوبةَ كلَّما شَعرتِ بنوبةِ ندمٍ تجتاح قلبَكِ، واهْرعي إلى مَن يغفر الذنوبَ ولا يُبالي.
أخيرًا: يقول البحتريُّ:
فَاسْلَمْ بِمَغْفِرَةِ الإلَهِ فلَمْ يَزَلْ °°° يَهَبُ الذُّنُوبَ لِمَنْ يَشَاءُ ويَغْفِرُ
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: