حكم الشركة مع وضع الحسابات في بنك ربوي

منذ 2015-01-29
السؤال:

يوجَد لديَّ استِشارة تتعلَّق بالتعامُلات الرِّبويَّة، وهي كالتَّالي:
كي لا أُطيل عليْكم، فالقصَّة تتعلَّق بصديقَين لي، لديْهِما خبرة في مَجال الحاسب الآلي، من النَّواحي البرمجيَّة والشَّبكات وغيرها، وقد عرض عليْهما شخصٌ ثالث أن يقوموا بتأْسِيس شرِكة في هذا المجال، هو سوف يقدِّم ثُلُثَي رأس المال - وهو مبلغ كبير يضْمن انطِلاقة وتأْسيس الشَّركة - نقدًا وفوْرًا، وهُما يقدِّمان الثُّلُث من حِصَصهما المستقْبليَّة من الأرْباح، بالإضافة إلى خبرتهما.

هذه الشَّركة تعتبر فرصةً كبيرةً جدًّا بالنسبة لهذين الشابين، خاصَّة أنَّ لديهما خبرة مميزة، وطموحًا كبيرًا.

والمشكلة الوحيدة التي تعيق البدْءَ في المشْروع حاليًّا: هي إصْرار الشَّريك الرَّئيس - الَّذي يقدِّم ثُلُثَي رأس المال - على أن تكون حسابات الشَّركة في بنك تقليدي "ربوي"، ويرفض رفضًا قاطعًا أن يفتح أيَّ حساب في بنك إسلامي.

طلب مني صديقي أن أقدِّم له النَّصيحة، خاصَّة أنَّه لا يرغب أن يقع في الحرام، وبيَّن لي كم حاول جاهدًا إقناعه برأيهما، إلاَّ أنَّه لازال مصرًّا على رأْيِه لعدَّة أسباب؛ منها: أنَّ لديه أرصدة كبيرة جدًّا هو وعائلته، وسجلاًّ طويلاً من التَّعامُلات مع أحد البنوك الربويَّة، وحصوله على مميَّزات عالية.

فهل يتوجَّب عليْهما في هذه الحالة أن يعدلا عن المشروع - إلغاء المشروع - أم ماذا؟

هل هناك أي حلول لهذا الموضوع؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرتَ: أنَّ الشَّريك المموِّل لهذا المشروع يشترِط أن تكون حسابات الشَّركة موضوعة في بنك رِبوي، ويرفض رفضًا قاطعًا التَّعامُل مع بنكٍ إسلامي - فالواجب عليْكم الاجتِهاد في إقْناعه بِخطورة التَّعامل مع البنوك الربويَّة، ويُمكِنُكم الاستِعانة ببعض الفتاوى على موقعنا في هذا الشأن:

 "المتعامل بالربا من المرابين سواء كان الآخذ أو المعطي"، "شراء البيوت في أمريكا عن طريق البنك"، وغيرها كثير.

ويُمكِنك الحصول على المزيد من الفتاوى من خلال البحْث في الصَّفحة الرئيسة، أو من خلال التَّقسيم الموضوعي للفتاوى.

فإنِ استجاب لكم، فبِها ونعمت، ولا بأس من إنجاز الشَّركة معه، وإن أصرَّ على موقفه، فلا يَجوز لكم مشاركتُه مع وجود هذا الشَّرط، وسيُخْلِف الله عليكم - إن شاء الله - بقصدِكم الحسَن في تجنُّب الحرام، والواجِب على المسلم أن يبحث عن عملٍ حلال، بعيدٍ عن معصية الله.

فالسَّلامةُ في الدين لا يَعْدِلُها شيء، وشأن المؤمن دائمًا الفِرار من المعاصي والفِتَن الكِبار، ومَن ترك شيئًا لله عَوَّضَهُ الله خيرًا منه؛ كما صحَّ عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقال الله - تعالى -: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3]، وما قُدِّر للإنسان من رزق سيأتيه لا مَحالة؛ ومن ترك شيئًا لله؛ عوضه الله خيرًا منه.

وروى أحمد والتِّرمذي عن أبي سعيد الخُدْري – رضيَ الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «ألا لا يَمنعنَّ أحدَكم رهبةُ الناس أن يقول بحقٍّ إذا رآه أو شهِده؛ فإنَّه لا يُقرِّب من أجلٍ، ولا يُباعِد من رزقٍ، أن يقول بحقٍّ أو يذكِّر بعظيم».

واللهَ نسألُ أن يُخْلِف عليكم ويرزُقَكم رزقًا حلالاً طيبًا،،

والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام